لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

خالد داود يكتب.. أضاحي العيد وصكوك غفران المرشد

خالد داود يكتب.. أضاحي العيد وصكوك غفران المرشد

01:46 م الإثنين 30 سبتمبر 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - خالد داود:

قمت في أحد المرات بعرض كتاب أعده أحد نشطاء حقوق الإنسان الأمريكيين بعنوان "أعمال مقاومة صغيرة،" والذي حكى من خلاله 80 قصة لمواطنين عاديين من مختلف دول العالم قاموا بإتخاذ مبادرات خلاقة وجريئة، ولكنها سلمية، لمواجهة الظلم الذي كان يتعرضون له على يد حكوماتهم السلطوية القمعية. نشطاء حركة تضامن في بولندا في زمن الحزب الشيوعي الحاكم، أرادوا أن يسخروا بمرارة من قوات الأمن المعروفة بوحشيتها، فأعلنوا عن تنظيم مظاهرة تطالب بحق أفراد وضباط الشرطة في العمل ثماني ساعات فقط في اليوم، وقاموا بتوزيع الزهور عليهم بينما وجوه رجال الأمن واجمة تماما وشديدة الاحمرار من الغضب المكتوم لإدراكهم أنهم يستهزئون بهم، وأنهم سيقومون بعد دقائق باعتقال كل هؤلاء النشطاء واحتجازهم وتعذيبهم.

أما زوجات رجال العصابات والمخدرات في كولمبيا، فخرجوا في مظاهرات لمطالبتهم بوقف القتال بعد أن زاد عدد الأرامل، وأعلنوا الامتناع عن ممارسة حياتهم الزوجية معهم حتى يتحقق ذلك. والمواطنون في الأورجواي كان يمتنعون عن غناء النشيد الوطني في مباريات كرة القدم في الثمانينات من القرن الماضي حتى تأتي جملة في النشيد نصها، "وسيهتز عرش الطغاة" ويقومون بهتافها بصوت هادر في تعبير عن معارضتهم للنظام القمعي في ذلك الوقت، والذي كان يقوم بقتل المعارضين بدم بارد في ما يشبه المذابح الجماعية، ويقوم أقرانه في الأرجنتين وتشيلي من الجنرالات بإلقاء المعارضين أحياء من الطائرات.

الكتاب مليء بقصص أخرى شبيهة، كلها ممتعة ومثيرة وتظهر مدى قدرة الإنسان في إبداع أشكال مقاومة مدنية سلمية يعبر من خلالها عن مواقفه واحتجاجه من أفريقيا إلى آسيا إلى أمريكا اللاتينية وأوربا. ولكن أي من القصص التي استعرضها الكاتب، ستيف كروتشو، لم تتضمن أشكال للمقاومة من قبل المعارضين تعطي ولو أبسط الإيحاءات أنهم كانوا يرغبون في الانتقام من بقية أبناء وطنهم، وفي حالتنا في مصر، مع الإخوان المسلمين وأنصارهم من جماعات التطرف والإرهاب، زيادة عزلتهم وتبرير الإجراءات القمعية التي يتم إتخاذها بحقهم.

كنت أتذكر كتاب "أعمال مقاومة صغيرة" كلما قرأت خبر منقول عن مواقع التواصل الاجتماعي في شبكة الانترنت تقول التقارير أن القائمين عليها من "شباب الإخوان" ممن يظنون أنفسهم من المبدعين في أشكال المقاومة "السلمية،" والذين يديرون الجماعة وفق زعمهم تحت وصف: "جيل الابداع، عيشوا مع الشباب بعد اعتقال القيادات." وأنا لا أصدق هذا الزعم، حيث القيادات المتشددة ما تزال ممسكة بزمام الأمور من لندن ومن حيث يختبأ الآن نائب المرشد، محمود عزت، وآخرين لا نعرفهم إعلاميا، ولكنهم أصحاب الكلمة الفصل.

كل أشكال المقاومة المزعومة من "جيل الإبداع" تثير سخط المواطن العادي كتعطيل الطرق الرئيسية في ساعات الذروة وهو ما زاد الشعور به مع دخول المدارس، ووقف مترو الأنفاق بشغله بأعداد زائدة، والسعي لإيقاع شبكات الهواتف المحمولة، بل وكذلك الدخول على مواقع الشركات السياحية الشهيرة في العالم لحث الزائرين المحتملين لمصر على الامتناع عن القدوم بزعم تدهور الأوضاع الأمنية بشكل كامل في ضوء "المواجهة القائمة مع الطغمة العسكرية الحاكمة التي تقوم بأعمال القتل." وكل هذه أمور لا أعتقد أن أي عاقل سيتصور أن من شأنها جذب تعاطف أي مواطن لا ينتمي لهم، خاصة أن السذج فقط يصدقون الشعارات التي يرفعها الإخوان للاستعراض أمام الغرب فقط، ويزعمون فيها أنهم الممثلين الحقيقين لثورة 25 يناير التي خانوها وباعوها، وأنهم يدافعون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ولكنني أعتقد أنهم تجاوزوا خطوط حمراء غير مقبولة مطلقا تضعهم في مواجهة مباشرة مع الغالبية العظمى من المواطنين المصريين بسعيهم الواضح لإيقاف العملية التعليمية في المدارس والجامعات، ومؤخرا الدعوة العبثية المذهلة في عداءها وغرورها لعدم ذبح الأضاحي هذا العام في العيد الكبير المقبل (أعاده الله علينا جميعا من مواطني مصر مسلمين ومسيحيين بالخير دائما لبلدنا يا رب) بزعم أن من يستفيدون من هذه الأضاحي من الفقراء هم غالبا ممن شاركوا في المظاهرات التي دعت لإسقاط مرسي ودعم ما يسمونه بالإنقلاب.

عملي الصحفي سمح لي بزيارة العديد من مدن مصر والكثير من قراها، وكان أكثر ما يبهرني في القرى البعيدة والقريبة خارج العاصمة، هو مدى اهتمام المواطنين هناك بتعليم ابنائهم وبناتهم، نعم بناتهم. هذه هي الفرصة الوحيدة أمامهم لأي ترقي محتمل والخروج من محيط الدائرة الضيقة التي يعيشون فيها بعيدا عن كل أضواء وصخب العاصمة. ومن المؤكد أن التعليم لأي عاقل في مصر يجب أن يكون خط أحمر، فهو من أولويات الأولويات لأي تقدم وتطور محتمل في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإجتماعية، لو كنا جميعا نريد الخير لهذا البلد كمصريين. ويا قادة الإخوان العظام ممن تتحدثون عن استعادة الخلافة الإسلامية، لن تتمكنون من الاقتراب ولو سنتيمتر واحد من هذه الهدف لو تم تكن أمتنا وبلدنا، مصر، قوية متعلمة قادرة بنباهة أبنائها وبناتها، وليس عبر تقديم طوابير الاستشهاديين فداءا للمرشد وامبراطورية الإخوان، او تحويل حرم الجامعات إلى ساحات حرب.

أما اقتراح الامتناع عن تقديم الأضاحي في العيد، فلقد أصابني بالفعل بصدمة كفكرة شيطانية مليئة بالكراهية في مجتمع يقوم على التكافل الذي دعا له ديننا الإسلامي الحنيف، ويعيش أكثر من 40 في المائة من مواطنيه تحت خط الفقر، وحيث الأضحية والعيد هي مناسبة للتحاب والمصالحة بين الأسر.

لن أتحدث هنا عن الخزعبلات التافهة التي رددها البيان الذي وردت فيه هذه الدعوة، كالسعي للإضرار بالاقتصاد عبر الإضرار بسوق الأضاحي وكأنه يقدر بالمليارات من الجنيهات، ولكن أود أن تقرأوا معي الجملة التالية في تبيان فوائد الامتناع عن تقدم الأضاحي من وجهة نظر الإخوانية: "ضعف في توزيع اللحوم في كثير من حالات البر (الفقراء)، وكثير منهم مؤيد للانقلاب ويتهم القائمين على هذه الجمعيات من أفراد الإخوان بالإرهاب، وقام بالنزول في 30-6 و 26-7 يوم التفويض بالقتل."

ما زال الإخوان مصممين على خداع أنفسهم، ولا يصدقون أن حجم المعارضة لهم كان ممتدا في كل القطاعات والطبقات، ومن ضمنهم بالطبع الفقراء الذين خذلوهم على مدى عام كامل لاهتمامهم فقط بالأخونة. ولكن الأخطر هو أن عشيرة الإخوان قررت التمترس في خنادقها، واستعداء قطاعات كاملة من المصريين من الفقراء، فلا أضحيات ولا صدقة، وربما لاحقا لا صلاة في المساجد، لو لم يقم الإمام أولا بالدعاء للمرشد العام وتلقي صكوك الغفران للمصريين من سيادته. سنضحي من أجل الله، ولتأكيد المحبة التي تجمع بين أبناء هذا الوطن، فقراء وأغنياء، مسلمين ومسيحيين كما هو حالنا منذ آلاف السنين.

 

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان