لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ميدو.. الحكاية والسؤال!

ميدو.. الحكاية والسؤال!

08:07 م الأربعاء 22 يناير 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - صبري سراج:

لا شك أن لتولي لاعب منتخب مصر والزمالك السابق أحمد حسام ميدو، الإدارة الفنية للبيت الأبيض، وجه ''أبيض''، فليس معتادا في بلادنا أن يتولى الشباب مناصب هامة وقيادية. ولكن هل يستحق ميدو تلك الفرصة؟

سأعود 13 عاما إلى الوراء، حين كانت بداية تعرفي كمشجع كروي إلى ميدو، مراهق في مثل سني، صيته يملأ الآفاق، هجر الزمالك ليغزو أوروبا وتتصدر صوره وأخباره صحف بلجيكا، يستدعيه الجنرال الراحل محمود الجوهري، ليصبح أحد أصغر اللاعبين في تاريخ المنتخب المصري، يلعب أولى مبارياته الدولية أمام الإمارات ويسجل هدفا.

كانت بداية ميدو خيالية، مبهرة، ربما شحنت جيلي كله بالأمل الذي لم يكن له وجودا في مصر تلك الفترة.. كنت ككثير من المراهقين الذين يرون في نجومهم المفضلين أبطالا، وكنت أرى ميدو كذلك، أتابع أخباره، أجمع صوره في ألبوم منظم لتخليد سيرته، ليس لأنني أحبه فقط، ولكن لأنه كان - في نظري وقتها - رمزا ناجحا لجيل أراد له الجميع أن يفشل بداعي أنه ''جيل مايعرفش مصلحته'' أو لأنه يجب أن ''يمشي جنب الحيط''... ميدو كان أول حركة تمرد يطلقها جيل الثمانينيات.

انتقل ميدو من ''جنت'' إلى ''أياكس''، ذلك الانتقال التاريخي، الذي كان بمثابة إثبات لقدرتنا - نحن جيل الثمانينيات - على النجاح والتفوق، إثبات لقدرتنا في الاعتماد على أنفسنا وتحقيق ما لم يحققه السابقون... تألق ميدو مجددا وملأت أخباره صحف العالم، أصبح نجما عالميا حقيقيا، كان شراءه لسياراته الفيراري تحقيقا لحلم الجيل!.

فجأة بدأت المشاكل تحيط بأيقونة الجيل، الصحافة تكتب عن شاب أرعن، أهوج، غير ملتزم، مدربه يكشف عيوبه ويحاول تقوميه ويستبعده.. هكذا كان الوضع هناك في أوروبا... في القاهرة كنت أنا هنا لا أصدق، أبرر، وأرى أن نجاحه الفائق استثار أعداء النجاح، لو انتقل ميدو لناد آخر سيثبت للجميع أن كلينا على صواب.. انتقل ميدو إلى ''سلتافيجو'' على سبيل الإعارة... تألق واختفى.. ثم انتقل إلى ''مارسيليا'' و''روما'' و''توتنهام'' و''ميدلسبره'' وأياكس و''ويجان'' و''ويستهام'' والزمالك وفي كل مرة نفس الحكاية المرة، تألق ومشاكل واختفاء.. وكانت النهاية البائسة في ''بارنسلي'' لاعب بالقطعة والكرش!.

أكثر من 10 سنوات والأخبار التي تنشر عن ميدو، لا تحوي إلا تفاصيل شخصية، عن شاب لا يهتم سوى باللهو، وآخر ما يشغل باله هي الكرة التي وهبته الشهرة والمال وكل شيء... تفرغ ميدو للسهر وملذاته، وحسابه على ''تويتر'' الذي جعله منبرا لمهاجمة وسب كل من يختلف معه أو يكرهه... اختفت صورة الفتى الجميل الذي كان حلما، وحلت بدلا صورة ممسوخة لمشهور مستهتر.

في السطور الأولى تساءلت: هل يستحق ميدو قيادة ناد بحجم الزمالك؟.. وأزيد: هل لدى ميدو ما يؤهله لتلك المهمة؟. للحكم على أي شخص قبل إعطاءه مهمة لابد أن نجيب على سؤالين رئيسين: 1- هل يمتلك هذا الشخص سمات شخصية تؤهله للمهمة؟... 2- هل يمتلك العِلم اللازم لتحقيق ما يكلف به؟.

تاريخ ميدو كلاعب، يؤكد حقيقة كونه لاعب مستهتر، لا يرى النجاح هدفا في حد ذاته، بل وسيلة للشهرة والمال, والدليل أنه حين حصد ما أراد من شهرة ومال، انتهى طموحه الكروي وتفرغ لملذاته... كذلك لم يحافظ ميدو على مستوى ثابتا طيلة مسيرته الكروية، وكان مشغولا وهو داخل الملعب بتعليقات الجماهير، والرد عليهم بل واستفزازهم أحيانا.

لا يمتلك ميدو الثبات الانفعالي الذي يحتاجه المدرب، ولنا في واقعة تغييره في كأس الأمم 2006، وكذلك تسببه في عاهة مستديمة للاعب نادي الإعلاميين خير مثال على ذلك.

لا يمتلك لاعب أياكس وروما السابق أي دراسات تدريبية - ولن أقل خبرات لأن لا خبرة بدون تجربة، واقتصار اعطاء الفرص لأصحاب الخبرات هو منتهى العبث بالتأكيد - لم يدرس ميدو يوما في أكاديمية لعلوم كرة القدم والتدريب - وكونه لعب لأندية كبيرة في أوروبا ليس دليلا على تحصله على العِلم اللازم، فالعمل بمستشفى لا يجعلك بالضرورة طبيبا.

ربما يرى البعض أن ميدو لم يسعفه الوقت لصغر سنه لتأهيل نفسه كمدرب، وإن كان لديهم ''بعض الحق'' فهذا يعد أول سبب لانتقاده، فإن كان غير مؤهل فلماذا ارتضى قبول المنصب؟

نقطة أخرى أثارت لغطا، والرد عليها يوصلنا لنقطة أخرى غاية في الأهمية: فميدو ليس كما روج البعض أصغر مدرب في تاريخ مصر، فالكبير الراحل محمد عبده صالح الوحش، هو أصغر مدير فني لفريق في الدوري الممتاز في تاريخ الكرة المصرية.

الوحش مواليد 9 مايو 1929، وتولى تدريب الأهلي يوم 4 أغسطس 1959 عن 30 عاما وثلاثة شهور، في حين أن ميدو مواليد 23 فبراير 1983 وتولى منصب المدير الفني للزمالك عن عمر يناهز 30 عاما و11 شهر.

الوحش حصل على دورات تدريبية بعد تخرجه من كلية التربية الرياضية، ثم اعتزل مبكرا فور تصعيده للفريق الأول ليسافر المانيا ويحصل على الماجيستير فالدكتوراه من جامعة ''ليبزيج'' الألمانية في تخصص كرة القدم، ويعود ليدرب الأهلي وهو أصغر من كثير من اللاعبين.. ويصبح أستاذا بكلية التربية الرياضية، قبل أن يصبح واحدا من 8 خبراء في اللجنة الفنية للاتحاد الدولي لكرة القدم.

هل ينجح ميدو؟... هل ينجح مقعد المدير الفني في الوصول باللاعب المعتزل إلى حالة النضج التي افتقدها وهو لاعب؟.. أم يضيف ميدو إلى رصيده الإعلامي أخبارا جديدة عن ''حواديته'' وسهراته ومشاكله داخل وخارج الملاعب؟.. بصدق أتمنى له النجاح فربما يكون نجاحه هذه المرة بشرى لنجاح جيل الثمانينيات، هذا الجيل الذي لم يكمل ثورته مثلما لم يكمل ميدو تألقه.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ... اضغط هنا    

إعلان

إعلان

إعلان