لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

دربكة قرآن

محمد الصفتي

دربكة قرآن

06:41 ص الخميس 23 أكتوبر 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد الصفتي

عندما كتب الفيلسوف الفرنسي جزائري الأصل مقالته المطولة (أسطورة سيزيف)، انطلاقا من مذهبه الفكري العبثي، لم يكُ يتصور أنّ العبث سوف يتطور يومًا حتى نجد أنّ هناك في مصر قناة فضائية تحمل اسم (دربكة قرآن).

أتفهم جيدًا في ظل حالة انعدام الوزن التي نمر بها منذ سنوات أن تظهر مجموعات (إعلامية)، ربما تنشأ بهدف الكسب عن طريق استغلال تفشي ظاهرة الرسائل النصية من عينة (كوكو زهقان وعايز جرعة حنان)، وإعلانات المنتجات قليلة التكاليف والمنفعة من قبيل المنشطات الجنسية التي نحّت البحث العلمي وصناعة الدواء جانبًا، والشامبوهات والعطور (المضروبة) والتي تباع بتكلفة (العبوة)، وعادةً ما تلجأ تلك المجموعات (الإعلامية) إلى إطلاق أكثر من قناة تحت مسميات مختلفة سعيًا لشرائح متباينة من المشاهدين.

ولكن أن تلجأ تلك المجموعات لاستقطاب شريحة المشاهدين (المتدينين)، بإطلاق قنوات دينية وبالأخصّ قنوات تقتصر على إذاعة القرآن الكريم – على الأرجح حتى لا تكون هناك حاجة للإنفاق على إنتاج برامج - فتحمل تلك القنوات أسماء (دربكة قرآن) و (لولوا قرآن)؟ عفوا.

فانطلاقًا من أسطورة (شعبنا المتدين بطبعه)، ذلك الشعب الذي يخوض جدالات عميقة من أجل إثبات أنّ دخولك الحمام حاملًا هاتفك الذكي الذي (حمّلت) عليه مسبقًا نسخةً من القرآن الكريم رجسٌ من عمل الشيطان، وضربٌ من سوء الأدب مع الله، أجدني شديد العجب من مرور تلك الظاهرة على ذات الشعب مرور الكرام.

إذ هل يليق بجلال القرآن الكريم أن يُطرح اسمه على الفضائيات مقرونًا بلفظة (دربكة)؟ وهل من المحتمل أن نُفاجأ يومًا (ببرومو) عن تلك القناة يستخدم مهرجانًا شعبيًا كلماته (مع دربكة قرآن.. ثواب آخر جنان)؟ بالطبع إذا استمر هذا العبث فمن الممكن ايضًا أن يلجأ أصحاب قنوات الرقص الشرقي لتدشين قنوات (دلع قرآن) و(التت قرآن) على سبيل التطهر من الذنوب.

عندما يتحكم العبث في المجتمعات النامية ضعيفة الممارسة الثقافية يصير كل هذا ممكنًا، فلا عقل جمعي واعٍ يدرك الفارق بين ما يليق ومالا يليق، والعبث التطبيقي على الطريقة المصرية، لا على الطريقة الفكرية لكامو وكيركجارد قد بلغ في السنوات الأخيرة مداه للأسف الشديد. فالأداء الإعلامي ذاته صار يستخدم أحيانًا آليات ومفردات شديدة الرداءة والبذاءة معًا، فأصبح من المعتاد أن ترى المذيع (السوبر) الذي ينفرد بالمشاهد لساعاتٍ كي يلقّنه رؤاه الخاصّة وتحليلاته التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا خلفها، بل ويقوم في الكثير من الأحيان بسباب المشاهدين و(تبكيتهم) وتحفيزهم كزعيم شعبي على تبني اتجاه سياسي معين.

فعندما يصير البرنامج الجماهيري محاضرة من جانب واحد يستعرض فيها المذيع طلاقته وقدرته على (الرغي) اللا نهائي، لا يصير من المستغرب أن يفرض آخرون رؤيتهم التي لا تجد غضاضة في أن يقترن اسم القرآن بالدربكة والمسخرة أيضًا إذا ما نشأت مجموعة قنوات (مسخرة) يومًا.

أفتونا يا خبراء الإعلام!!

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان