لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وائل عباس يكتب: باسم يوسف وحرب اليمن

وائل عباس

وائل عباس يكتب: باسم يوسف وحرب اليمن

03:30 م الثلاثاء 03 يونيو 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – وائل عباس:

هل صرنا في عصر يتحكم فيه العاهل السعودي فيما يشاهده المواطن المصري؟ بعد أن اشترى المال النفطي تراثنا من أفلام، ومسلسلات، وبرامج، وأفلام وثائقية، وحفلات غنائية، وأصبحت حقوق الملكية لهم، وليس لأم كلثوم، وعبد الوهاب، والتلفزيون المصري، يريدون التحكم في مستقبلنا أيضا؟ هل ما ينتجه العقل المصري من إبداع صار لابد أن يمر على رقابة آل سعود أولا؟

هذا ما أعلنه صحفي سعودي مغمور على إحدى قنواتنا المملوكة لرجال أعمال موتورين ضد الثورة، حيث زعم، لا فض فوه، إن وقف برنامج باسم يوسف جاء بناء على أوامر وتوجيهات من العاهل السعودي، غيرة منه على مصر وجيش مصر، فهل السعودية الآن هي الأخ الأكبر ومصر وجيشها أخوته القصّر؟. ما قاله الصحفي السعودي المغمور لم يصدر بشأنه تعليق، لا من الإدارة المصرية، ولا السعودية لا بالنفي ولا بالتأكيد، والسكوت كما نعلم علامة الرضا.

ماذا عن رأي الشارع المصري؟، المواطن المصري؟ ماذا تقول إحصاءات المشاهدة؟ عائد الإعلانات من المعلنين؟ تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل باسم يوسف مكروه شعبيا؟. الإجابة على كل ما سبق تنفي ما قاله الصحفي المغمور تماما وتدلل على أننا نعيش في عصر غير مسبوق في الوصاية، والرقابة على المواطن المصري، لتمتد الوصاية إلى دول أجنبية تملي علينا ما نشاهده وما لا نشاهده بما يذكرنا بعهود الاحتلال وأقربهم الاحتلال البريطاني، فهل تحتلنا السعودية؟

يزعم مرتضى منصور، أيضا، أن له يد في وقف البرنامج، وبما أننا في معرض الحديث عن البرنامج فلا يفوتني مثل فلاحي قاله لي أبي ذات مرة: ''عامل زي اللي ساب اللاسة في النقب''. وقصة المثل هي عن لصوص مواشي عملوا نقب في حظيرة وسرقوا المواشي، فقام عبيط القرية ساب اللاسة بتاعته في النقب علشان الناس تفتكر إن هو الجامد اللي وقف البرنامج أو سرق المواشي.

لكن دعونا نلقي نظرة على تاريخ العلاقات بين مصر والسعودية، وأعني هنا العلاقات بين الحكام وليس بين الشعوب، فهناك فارق كبير، فهل كانت السعودية دولة حريصة على مصالح مصر وجيش مصر حقيقة؟ أم أن هناك تواطؤ تكتيكي، ورشاوى، وخيانات وعمالات في الأمر تقتضيها مصالح السعودية والتي هي بالضرورة عكس مصالح مصر تماما كما سنرى؟

النظام الحاكم في السعودية هو عائلة واحدة لم تتغير لما يقارب من القرنين، بينما تغير حكام مصر من الأسرة العلوية إلى العسكر، وتغيرت سياساتهم في كل فترة، لكن كان العامل المشترك هو مناوشات مع حكام السعودية تبدأ بثأر السعودية الأعظم وهو هزيمتهم في معركة الدرعية على يد إبراهيم باشا في عهد محمد على باشا، لتستمر التوترات في عهود فاروق، وناصر، والسادات، حتى قرر مبارك أن يستثمر في إرسال العبيد والخادمات إلى السعودية وإجهاض أي حقوق لهم هناك، ثم معارضة ثورة يناير بكل الوسائل وتحطيمها ببذل المال وشراء الذمم إلى أقصى الحدود، ليظهر ذلك جليا بعد الانقلاب.

لن أستطيع أن آخذ شريحة طولية من تاريخ تلك العلاقة لأنه أمر سيطول الكلام فيه، بما لا يحتمله مقال واحد، لكن دعونا نأخذ شريحة عرضية من عصر لا أحبه وهو عصر جمال عبد الناصر حتى لا يتهمني أحد بالتحيز، إذا نقلت أمثلة من عصر السادات، ولنركز على حرب اليمن حيث لا يخلو بيت مصري من شهيد مات في تلك الحرب.
ويجب هنا أن أذكّر وأشدد أنني لست بالتأكيد من المؤيدين للتدخل المصري في أي دولة أخرى أو في صراعات بين الدول، ربما كنت كذلك فترة مراهقتي، لكن أستخدم مثال حرب اليمن للتدليل على نوايا آل سعود نحو جيشنا، وكل ما سأقوله موثق في كتب التاريخ من قبل أطراف عديدة.

كانت العلاقة بين الجمهوريين في اليمن ومصر عبد الناصر بالتأكيد تشكل خطرا على مضيق باب المندب والبحر الأحمر وبالتالي على مصالح بريطانيا وإسرائيل، ولكنهما آثرتا عدم التدخل المباشر في حرب اليمن حتى لا يحدث تدخل روسي مباشر أيضا هناك، لكن قامت السعودية بذلك بالوكالة عنهم كما سنرى.

فالسعودية كانت ترى ما حدث في مصر من انهاء للملكية كابوسا يتهددها طول الوقت، خصوصا بعد انتشاره في الدول العربية، وتحولها إلى جمهوريات كسوريا والعراق وليبيا الخ، ناهيك أن يقترب هذا الكابوس من حدودها في صورة تحول اليمن أيضا الى جمهورية وانتهاء الملكية فيها، تماما كما تخاف السعودية الآن من انتقال ثورة تونس ومصر والبحرين إليها وتسعى لإفشالها بشتى الطرق.

يعترف وزير المستعمرات البريطاني السابق البارون دنكان ادوين سانديز، ومؤلف كتاب الصراع على اليمن، بأنه استطاع اقناع الملك فيصل بأن الوجود المصري في اليمن خطر على بترول السعودية وأنه لابد للسعودية أن تتدخل في الحرب، ويذكر دنكان لفظة مصيدة عبد الناصر في اليمن، وذكر كذلك صراحة ودون مواربة أنه كان يرمي من ذلك إلى إضعاف مصر في مواجهة إسرائيل أيضا.

ليس سرا أن السعودية مولت الملكيين، ومولت مرتزقة للنيل من الجيش المصري في اليمن، واشترت سياسيين يمنيين عن طريق كمال أدهم، واغتالت من عارضها منهم، بل والأنكى وحسب ما ورد في مجلة سلاح الجو الإسرائيلي عدد مايو 2008 على لسان عدد من الطيارين الحربيين المتقاعدين وهم يستعيدون ذكرياتهم وبالصور، أن السعودية بالتنسيق مع النائب البريطاني المحافظ جوليان إيميري ساعدت أربعة عشر طلعة جوية إسرائيلية لمساندة قوات الإمام البدر تضمنت هجوما مباشرا على قوات مصرية في عملية أسميت وقتها: ''العملية صلصة''. وهناك أمثلة أخرى لإفساد السعودية مشاريع الوحدة المصرية السورية والليبية إلخ، تحدثت عنها في مقالات سابقة عام 2004.

خسرت مصر في حرب اليمن 26000 جنديا مصريا قتيلا من أصل 70000 أرسلتهم مصر، وأضعافهم جرحى، ومنهم من قطعت آذانهم وأنوفهم كنوع من التنكيل والإهانة، ورفعت الحرب ديون مصر الخارجية إلى مئات الملايين لأول مرة في تاريخها، ورفع عبد الناصر أسعار السلع على المواطنين وعانى اقتصاد مصر من أزمة طاحنة. فهل هناك من مازال يتحدث عن حرص السعودية على جيش مصر؟

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان