لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سراج الخالد يكتب: عشائي الأخير مع الصحفي الأمريكي الذي ذبحته ''داعش''

داعش

سراج الخالد يكتب: عشائي الأخير مع الصحفي الأمريكي الذي ذبحته ''داعش''

03:23 م الجمعة 05 سبتمبر 2014

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

هنا صوتك- (راديو هولندا):

خلال شهر رمضان عام 2011، وقبل آذان المغرب بقليل، لفت نظري شخص ذو ملامح أوروبية يجلس وحيداً في الشارع، بينما يتسارع الناس إلى بيوتهم للإفطار. اقتربت منه، وسألته عمّا يفعله في شوارعنا الثائرة الصائمة! فأعلمني أنه صحفي أمريكي يعمل لحساب ''تايم''، وأن مقهى الإنترنت أغلق أبوابه، والتاكسيات اختفت من الشوارع. عرضت عليه الذهاب معي إلى البيت لنقتسم وجبة ساخنة. رفض في البداية لأن هندامه- حسب وصفه- لم يكن مهذباً، لكنه في النهاية رافقني إلى سفرة العشاء.

جلسنا على الأرض وفقاً لرغبته، أنا وهو وأخي الأصغر، وتناولنا بطاطا مبطنة وشوربة وبراك وأصنافا أخرى لا أتذكرها. ضحكنا وتبادلنا النكت ومنحه أخي لقب ''بيبسي مان''.

لكن ذلك كله غير مهم أبداً، فقد ذبحته ''داعش'' منذ أيام في سوريا، وأخي الذي شاركنا تلك الجلسة أصبح اليوم داعشياً شرساً، هكذا فجأة. ولا أظنه سيتوانى هو الآخر عن ذبح أحد، وأنا شخصياً على رأس القائمة. ولن أستغرب إذا أصبح في كل بيت ليبي داعشي واحد- على الأقل- خلال الفترة القادمة، طالما أن القبليين والعنصريين من عشاق الإسبريسو ومدخني المارلبورو والكاريليا، غزاة المدن والقرى والنجوع، لا يستحون من دعم التطرف بكل طريقة ممكنة.

ومع ذلك، نتساءل: لماذا ستيفين سوتلوف مهم؟

لماذا يتصدر ستيفن الأخبار ولا يتصدرها مواطن عراقي أو سوري ذُبح- على مرأى من الجميع- واستخدم رأسه للعب مباراة كرة قدم؟

فلندع الإنسانية جانباً، ستيفن مهم لأن الإنسان اليوم مثل العملة تماماً، العملة تقدّر بمخزون الذهب والدولار، والإنسان يقدر بالباسبور والتوماهوك. فالباسبور خلفه بنوك وبورصة وبروباغندا وجيوش، لذا ستيفن مهم. أما أنا وأنت وابنة خالك التي يعايرها الجميع بالعنوسة، فلن يهتم بنا أحد، وإن ذُبحنا في وسط مانهاتن. الجميع يعرف ذلك، وعلى رأسهم داعش نفسها. لذلك لن ترى داعش تنشر فيديو تذبح فيه ليبياً أو يمنياً وتهدد أوباما بأنها ستقتل المزيد من هؤلاء إذا لم يفعل كذا وكذا.

أنا وأنت والعانس قمامة العالم الحديث يا عزيزي، فلا تجعل أحداً يخدعك بالود والشعارات اللطيفة. ولا تنس أن داعش قد تذبح باسبوراً مهماً هنا وهناك، لكنها ستذبح الآلاف من شاكلتك، ولا تتوهم بأن خطرها على سوزي ومارتن أكبر من خطرها على فريحة وبوعجيلة، ولا تجعل أحداً آخر يخبرك بأنها مؤامرة على عرقك أو دينك. أمم كثيرة تُنحر ولا يهتم بها أحد أيضاً.

وفي الحقيقة أننا – نحن أنفسنا – نوظّف ستيف المنحور- على غير قبلة - لصالحنا، فقد تعلّمنا لعبة الود والشعارات أيضاً مع الزمن، لكننا نفعل ذلك لغرض إنقاذ أعناقنا من الذبح فقط، وندعم ونرحب بالبروباغندا والجيوش للنجاة بجثثنا من موت قاس وبشع، من الوحوش التي تتربص بنا من كل جانب، بالرغم من كوننا نعرف أننا نعرف أن ذلك حل عاجل وغير مسؤول.

خلاصنا الحقيقي، يبدأ بدحر عقيدة داعش في الجامع، ودحر عقيدة القبيلة والطائفة في المقهى.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان