لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

اليمن! بين فكي كماشة جماعات الإسلام السياسي

بليغ أحمد المخلافي

اليمن! بين فكي كماشة جماعات الإسلام السياسي

09:19 ص الإثنين 30 نوفمبر 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم- بليغ أحمد المخلافي*:

هل لكل الجماعات الدينية نفس العقلية الماضوية ؟
هل تفكر جميعها بالطريقة ذاتها حين يتعلق الأمر بالسلطة ؟؟
ألا تتأثر طريقة تفكيرها بالواقع المحيط والمتغيرات المستمرة ! ألا تختلف بإختلاف الواقع المحلي لكل منها؟.

في بدايات العام ٢٠١٥م ، وعند وصول القيادة السعودية الجديدة إلى الحكم ، جمعني لقاء ببعض قيادات جماعة الحوثي ، كانوا حينها يعيشون قمة النشوة بما حققوه من انتصارات وكان الرئيس هادي وحكومته رهينا الإقامة الجبرية بعد أن قدم الرئيس هادي إستقالته التي كان قد سبقه إليها خالد بحاح وحكومة الكفاءات التي لم يكن قد مضى على تشكيلها سوى سبعون يوماً ، كان الحوثيون يومها يقودون حواراً عبثياً مع بقية القوى السياسية برعاية بن عمر لم يكن الهدف منه سوى اضفاء الشرعية على انقلابهم من خلال الضغط على القوى السياسية لتشكيل هيئات سياسية جديدة تقود البلد يشكلها الحوثي والمطلوب من بقية القوى السياسية فقط إقرار تلك التشكيلات ومنحها الشرعية التوافقية.

أعود إلى ذلك اللقاء - الذي كان ودياً وغير مخططاً له -  !.. أثناء نقاشنا عن مستقبل اليمن والحركة الحوثية التي كان طموحها يتعدى حدود اليمن - حسب القيادات التي حضرت اللقاء !.

أتذكر أني قلت لهم أن هناك متغيرات في الإقليم والقيادة السعودية الجديدة ستحمل توجهات مختلفة عن سابقتها ، ومن باب النصيحة قلت لهم بأني لا أعتقد أن السعودية سوف تسكت عما يحدث في اليمن ! رد علي أحدهم قائلاً" ماذا ستفعل السعودية ؟ هل ستحرك الأباتشي ؟؟ فقلت له وما الذي يمنعها من ذلك برأيك ؟؟".

لم يكن ذلك الشخص ولا رفاقه مستعدون للتفكير في أي فرضية أخرى قد تؤرق نشوة النصر التي كانوا يعيشونها ولم يكن لديهم الاستعداد للتفكير في أي تحديات قد تواجه حركتهم ومشروعها الذي كان يبدو خيالياً لدرجة الجنون !.

بدأت الشركات الأجنبية والسفارات بالمغادرة تباعاً ومن شدة وقع الإنتشاء على من حملتهم دبابات صالح ومدرعاته إلى صنعاء ، فقد تعاملوا مع الأمر بإستخفاف شديد وصل لحد قول " طز " في الجميع سنحول السفارات إلى أسواق قات - حسب وصف أحد مجانين اللجنة الثورية العليا - !.

تعامل الحوثييون مع الواقع الجديد بإستخفاف شديد واستحضروا تاريخ انتصارات أسلافهم في الماضي السحيق والمدعومة - حسب اعتقادهم ،وكما روت لهم ذلك كتب التاريخ -بالحق الإلهي ودعم السماء  ، وأصبح أمر سيطرتهم على الجزيرة العربية وتحرير القدس وغزو أمريكا وموت اليهود مسألة وقت لا أقل ولا أكثر - هكذا أقنعوا أنفسهم ولقنوا أتباعهم - !..

قدموا في سبيل شهوة الحكم كل شيء حتى الوطن الذي أرادوا حكمه ! ولم يحققوا من شعاراتهم سوى تدمير اليمن وموت أبناءه !

على الطرف الآخر جماعة دينية أخرى الفرق بينها وبين الحوثيين هو المذهب الذي توارثوه عن أسلافهم دون أن يكون لهم حتى حق التفكير فيه ! كتب من الفقه هي حصيلة صراع السلطة لعقود تلك التي تناقلتها أجيالهم وأصبح محظوراً عليهم حتى مجرد التفكير في مدى مناسبتها للواقع والزمن المعاشين !..

الإخوان المسلمون !.. لا فرق بينهم وبين الحوثيين سوى المذهب وإن كانوا أقدم منهم سياسياً وأكثر منهم خبرةً في التعايش مع الأخر ، وإن كان ذلك التعايش قد فرضته عليهم ظروف مرحلة بعينها ، في بداية العام ٢٠١٤م ، كان الحوثييون يبحثون عن حقيبة وزارية واحدة وحاولوا من خلال ضمانات مؤتمر الحوار الوطني إثبات حقهم في الشراكة الوطنية إلا أن تعنت الجناح المتشدد سلطوياً في حزب الإصلاح وقف حينها أمام هذه المشاركة ليخلقوا الذريعة للحوثي للبحث عن تحالفات من نوع أخر ولم يكن أمامهم حينها أفضل من صالح الذي لا يزال ممسكاً بما يمكنهم من الوصول إلى ما هو أبعد من أهدافهم وكانت النتيجة سقوط الجمهورية بأكملها ! سيقول البعض أن الحوثي كان يضمر ما قام به وأنه لم يكن لحقيبة أو حقيبتين أن توقفه عن تنفيذ مخططاته ! ومن وجهة نظري فإن هذا ليس سوى عذر لتبرير الذنب الأقبح منه ! ربما كان الحوثي يخطط لما قام به ! لكن الشراكة التي كان يطالب بها كانت حقاً وكان من الواجب على الأخرين حينها إشراكه والعمل على احتوائه وتأهيله سياسياً ! .

شهوة السلطة تسيطر على عقلية جماعات الإسلام السياسي والحنين إلى ماقبل ١٤٠٠ عام يبرر لهم كل الوسائل ! .

وإن كان الحوثي يقود البلاد إلى هاوية فإن نقيضه أيضاً يقود المقاومة إلى هاوية أخرى ، وعلى الرغم من أن حزب الإصلاح يدرك تماماً أنه لن يسمح له بأن يكون البديل القادم الا أنه يصر على تزعم المقاومة - التي لا ينكر أحدا دوره فيها - ويحاول من خلالها تشكيل مراكز قوى جديدة للحفاظ على المصالح التي كونها الحزب خلال فترة مشاركته صالح في حكم اليمن سواء قبل توحيد اليمن أو بعدها .

الإصلاح والحوثي وغيرهما من القوى الدينية يفكرون جميعاً بنفس العقلية وجميعهم مستعدون لإحراق اليمن من أجل السلطة ولا أدري أي سلطة تلك التي تكون بعد دمار الوطن وتأتي على جماجم أبناءه .

وبالتأكيد فإن هذا التحدي يضع على كافة القوى الوطنية المدنية والوسطية مسئولية كبيرة للحفاظ على اليمن من الإنجرار إلى مربع الصراع الطائفي المذهبي وبناء دولة يمنية جديدة قادرة على الحفاظ على أمن اليمن والإقليم ..! فهل تعي تلك القوى حجم هذا التحدي ؟ وهل ستكون قادرة على إنتشال الوطن من مربع العنف والصراع إلى مربع الأمن والسلام والتعايش المشترك !؟.

*بليغ المخلافي إعلامي وناشط سياسي يمني.

المقال يحمل رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة رأي موقع مصراوي.

إعلان

إعلان

إعلان