لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وجهة نظر: إلى الأمان.. تحية لرجال المطار

لواء دكتور محسن الفحام

وجهة نظر: إلى الأمان.. تحية لرجال المطار

09:56 ص السبت 09 مايو 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – لواء دكتور محسن الفحام:

تشرفت بان اكون قريباً من منظومة العمل بمطار القاهرة معظم فترة خدمتي بجهاز الشرطة حيث عايشت الاحداث الهامة والتطورات الكبيرة التي شهدها هذا المنفذ الذي يعتبر بوابة مصر الرئيسية على العالم الخارجي.. والذي كان دائماً هدفاً للجماعات الإرهابية لتصدير العناصر الموالية لهم إلى داخل البلاد للقيام بعملياتهم الخسيسة التي تستهدف الأبرياء من ابناء هذا الشعب، أو لتكوين خلايا نائمة يتم اللجوء إليها عند الطلب، أو إدخال كميات من المخدرات والعملات الأجنبية والممنوعات.. كل تلك الأفعال يتصدى لها رجال المطار بكل قوة وثقة حيث حققوا في ذلك نجاحات كبيرة.. وأنا هنا لا أخص بالذكر رجال الشرطة فقط بل أشير إلى رجال الجمارك والعاملين بشركات الطيران وهيئة الميناء وجميع من لهم علاقة عمل في هذا المرفق الحيوي فجميعهم أبطال يؤدون ما عليهم بشرف وإخلاص وأمانة.. وهم في ذلك يعملون تحت ظروف وضغوط نفسية وعصبية كبيرة نظراً لخطورة عملهم وإحساسهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم.. ناهيك عن الساعات الطويلة التي يقضيها رجال الجوازات وأمن الموانئ وهم يفحصون مستندات وأمتعة الركاب المغادرين والتي من المحتمل أن تكون مزورة أو أن يكون حاملاً معه ممنوعات غير مسموح بها على الطائرات.. وذلك على مدار اليوم الكامل. .

ما دفعني اليوم لتناول ما يقوم به رجال المطار على مختلف تخصصاتهم هو ما تعرض له مؤخراً المقدم / حازم فوزي ضابط شرطة السياحة عندما كان يحاول تطبيق القانون تجاه الراكبة / ياسمين أحمد النرش والتي حضرت متأخرة عن موعد إقلاع الطائرة المغادرة إلى الغردقة من إهانات واعتداءات عليه منها قولاً وفعلاً وهو رابط الجأش حيث تمكن من ضبط أعصابه بشكل يحسد عليه.. بطبيعة الحال فإنني لن أتحدث في هذا الموضوع الذي أرى أنه قد أخذ أكبر من حجمه.. فهو باختصار تعدي على موظف عام اثناء أداء عمله حيث تم إخطار السلطات القضائية لتطبيق القانون في هذا الجرم.. وأتمنى أن يكون هناك عقوبة رادعة ومؤثرة حتي يكون ذلك عبرة وقاعدة ليس لها استثناء تعيد للضباط بصفة عامة والعاملون بالمطار بصفة خاصة اعتبارهم وثقتهم في أنفسهم وفي المجتمع الذي يعملون لمصلحته ولتحقيق أمنه وأمانه ..

ولمن لا يعرف فإن العاملين بمطار القاهرة يمثلون معظم الأجهزة السيادية والوزارات والهيئات العاملة في الدولة فوزارة الزراعة مثلاً تتمثل في الحجر الزراعي، ووزارة الصحية في الحجر الصحي، والمالية في الجمارك، والداخلية في مديرية أمن المطار.. وهكذا، وتأتي وزارة الطيران بكل شركاتها وقطاعاتها لتحقق الإشراف الإداري والتنظيمي على المطار ككل.. وبرغم تعدد تلك الجهات وتشعب اختصاصاتها إلا أن هناك تناغماً كبيراً بينها وتقارباً شخصياً بين جميع العاملين به لأنهم جميعاً يشتركون في حماية هذا الصرح العظيم والحفاظ عليه كواجهة حضارية أصبحت محل فخر وتقدير واحترام من كل من يتردد عليه سواء كان مصريا أو عربيا أو أجنبيا..

وما أريد ان اتناوله هنا هو موضوع غاية في الأهمية لا يشعر به إلا من يعمل بالمطار وهو كما سبق أن أشرنا هي تلك الضغوط التي يتعرض لها العاملون به تجاه العديد من المواقف الصعبة بل و احياناً الخطيرة التي يواجهونها.. فها هو ضابط المراقبة الجوية الذي يتحكم في اقلاع وهبوط الطائرات بكل دقة وحرفية يتعرض لحالات من التوتر المستمر لخطورة ودقة عمله.. ثم الطيارين ولا يجب ان ننكر دورهم وأهميته في الدولة وهنا فانه من الواجب أن نشكرهم على سحب استقالتهم الجماعية بناء على طلب السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي كانوا قد تقدموا بها لاعتراضهم على لائحة مالية وإدارية جديدة أصدرتها رئاسة شركة مصر للطيران وأقول لهم إن تلك اللائحة ليست قرأناً وأن كل شيء قابل للمناقشة والتفاوض إلا الإساءة لسمعة الوطن، واعتقد أن ما قاموا به هو عين الولاء والانتماء لهذا الوطن فشكراً لهم.. وقد كنت اتمنى أن اتناول اختصاصات كل جهة من الجهات العمل بالمطار على حدة للتأكيد على أهميتها إلا أن المساحة المتاحة لا تسمح بذلك ولكنني أوجه شكري وتقديري لجميع العاملين في هذا المرفق.. وبحكم الانتماء فإنني سوف اتناول بقدر من التفصيل دور شرطة المطار على اعتبار أنه الدور الظاهر أمام الجميع.

لنتخيل معا إذا ما تبادل المقدم / حازم الضرب والإهانات مع تلك السيدة ماذا كان سوف يحدث له.. بالتأكيد سوف يتم التحقيق معه ومجازاته ومن المحتمل ان يتم نقله للعمل في موقع اخر.. ناهيك عن التناول الإعلامي للواقعة وتصويرها بالاعتداء الوحشي على مواطنة شريفة وفاضلة بالطبع تسارع جماعات حقوق الإنسان وحقوق الحيوان وكل أنواع الحقوق للدفاع عنها واتهام الشرطة بالتعسف والعنف والعودة للأساليب القديمة ووسائل التعذيب وغير ذلك من الاسطوانات التي باتت محفوظة للجميع. ولذلك فقد كان هذا الرجل موفقاً في ثباته الانفعالي إلى أبعد الحدود.. وإذا تحدثنا عن الضباط العاملين في مجال الجوازات والذين يعملون على مدى اليوم في فحص المستندات والأوراق التي يحملها المغادرون نجد أن الراكب الذي يقف في طابور الجوازات لمدة عشر دقائق على الأكثر يتذمر ويشكو من بطء الإجراءات وروتينية الاداء هو نفسه الذي يقف بالساعات في طابور جوازات الدولة المغادر إليها ولا يجرؤ أن يشكو أو حتى يتحدث مع من أمامه أو خلفه.. سبحان الله – لا كرامه لنبي في وطنه - ومع ذلك يتمسك هؤلاء الضباط بضبط النفس أمام هذا التهكم والاستفزاز من البعض - ولا أقول الكل طبعا - ثم ضباط المرور الذين يتعاملون مع سائقي سيارات الأجرة دون أن يلتزم هؤلاء بأي قواعد أو تعليمات خاصة بعد أن تغيرت ثقافة الشارع المصري وأصبح الاحتكاك بالشرطة وإحراجها هدفاً أساسيا للبعض منهم .. ومع ذلك يلتزم ضباط المرور بأقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع هؤلاء.. أتخيل لو انفعل أحدهم وقابل الإساءة بمثلها أو بشيء من العنف فإن ذلك سوف ينقله المتربصون لهم عبر الأقمار الصناعية إلى أبعد وأصغر جزيرة في العالم.. ثم هناك المدير الذي يقود هذه المنظومة الأمنية بكفاءة واقتدار والذي يتلقى كل دقيقة مثل تلك المواقف والتجاوزات والمشاكل ومع ذلك يحاول أن يسيطر على أعصابه وعلى رجاله وهو كظيم.

كان المطار أحد الأهداف الاستراتيجية للإخوان المسلمين خلال العام الأسود الذي تحكموا خلاله في البلاد والعباد وجاءوا بمن قاد إضراب ضباط الملاحة الجوية عام 2005 لمدة ثلاثة عشر يوماً نالت فيه من سمعة هذا الصرح الكبير دولياً ومادياً حيث تم تعيينه في أحد اهم المناصب القيادية بوزارة الطيران يحكم ويتحكم كما يشاء وفيمن يشاء.. والآن يسعى جميع العاملين بمطار القاهرة الدولي إلى إعادة رونقه وازدهاره ليكون مرة أخرى واجهة مشرقة ومضيئة للبلاد وبوابة للخير والأمل والسعادة للوافدين إليها.

ولاشك ان شهادتي سوف تكون مجروحة لو تكلمت عن أي قطاع من قطاعات المطار فأنا كنت ومازالت واحداً منهم ولكنني اعتقد انه أن الاوان لننظر إلى هؤلاء الأبطال.. كل في موقعه بشكل أكثر اهتماما وموضوعية ليقوم بعمله وهو مطمئن من غدر هؤلاء المتربصين خاصة رجال الشرطة العاملون به وذلك من خلال النظر في تفعيل النقاط التالية :

1- لن نطلب بطبيعة الحال تغليظ العقوبات على من يعتدي على الضباط والعاملين بالمطار بوجه خاص ولكن نطلب فقط تطبيق القانون و انفاذه على هؤلاء المعتدين و عدم التأثر بتلك الأصوات الهابطة التي دأبت دوماً مهاجمة هؤلاء الرجال.

2- الاهتمام بتدريب العاملين بالمطار على أساليب وقواعد ضبط النفس الواجب اتباعها إذا ما تكررت تلك المواقف بحيث لا تصل إلى ما وصلت إليه في تلك الواقع.

3- الاهتمام باختيار العناصر البشرية التي تعمل في المطارات والمنافذ ثقافياً ودينياً وتوعوياً وسياسياً حتي يتمكنوا من الوقوف على أهمية العمل الموكل لهم في هذا المرفق الحيوي الهام.

4- الاهتمام بدورات تعليم اللغات الأجنبية وتبادل الزيارات مع الدول المختلفة للوقوف على أحدث ما وصلت إليه عمليات التامين والفحص علماً بأن الاجراءات التأمينية المتبعة في مطار القاهرة بشهادات المنظمات الدولية للطيران المدني من أفضل وأنجح المنظومات الأمنية العالمية في هذا المجال.

5- اهتمام الإعلام والعلاقات العامة ببث برامج توجيهية للمغادرين أو القادمين للبلاد بما لهم وما عليهم في المطارات حتى لا تحدث مثل تلك المواقف والاحتكاكات مرة أخرى.

و اخيراً أقول لهؤلاء الأبطال في كل المواقع التي يشغلونها بمطار القاهرة كم أنا فخور بكم فانتم خير واجهة لوطنكم الحبيب الذي يزهوا بكم دائماً. وتحيا مصر.

إعلان

إعلان

إعلان