لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رف السينما - إلغاء الصداقة على الفيسبوك قد يقتل!

ممدوح صلاح

رف السينما - إلغاء الصداقة على الفيسبوك قد يقتل!

09:47 م الخميس 06 أغسطس 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - ممدوح صلاح :

مجال أفلام الرعب – بطبيعته - من أكتر المجالات مرونة في استيعاب التقنيات والأفكار الجديدة، والألاعيب اللفظية والكتابية والبصرية. لأنه بشكل ما بيكون الهدف بسيط وواضح لأصحاب الفيلم ولو تعددت السبل، وهو القدرة على إثارة رعب المشاهد وتخويفه.. وهو هدف ممكن يبان مش مهم أوي ضمن الأهداف التانية اللى بتحققها السينما، ومش جاذب لمعظم المخرجين أصحاب (المشروع) اللى طموحهم بيكون أكبر من التأثير اللحظي على المتفرج، وبيفضلوا الأفلام ذات الأثر الممتد اللى بتخليك تتعاطف أو تفكر أو حياتك تختلف بشكل ما بعد انتهاء الفيلم!

عشان السبب ده – ضمن أسباب تانية – أفلام الرعب مش بتلاقي غالباً احتفاء نقدي، وتدريجياً بقت تجذب فئة أبسط من المخرجين والمؤلفين ومن الجمهور برضه .. واستسلمت للتنميط والخلطات السينمائية المضمونة: فكرة مخيفة في حد ذاتها (أشباح – مصاصين دماء – زومبي.. الخ)، والكثير من العنف والدماء على الشاشة، والإعتماد على الخضات المفاجئة (Jump scares). برغم إن الخلطات دي بتقتل إبتكارية مجال الرعب وبتأكد على تهميشه في نهاية الطيف السينمائي متعدد الألوان.

من بداية الإعلان عن فيلم (Unfriended) وبيبان إننا قدام تجربة سينمائية مختلفة، بتأكد على اختلافها عند مشاهدة الفيلم نفسه. الإعلان بالكامل – والفيلم برضه – بيدور على سطح المكتب الخاص بكومبيوتر أحد شخصيات الفيلم، وبنشوف الماوس بينقلنا ما بين صفحات النت اللى بتتابعها، والفيديوهات اللى بتفتحها، والمحادثة الدائرة ما بين الشخصية الرئيسية وأصدقائها بالفيديو على برنامج (Skype).. الإختلاف ما بين الفيلم ده وغيره من الأفلام شكلاني تماماً، لكنه برضه إختلاف نوعي.. لأن الشكل الجديد ده في تقديم الحدوتة بإستخدام خليط الأدوات المتاحة لمتصفح شاشة الكومبيوتر بالضرورة هيقود السرد للتعبير بطرق مختلفة، هيضطر يشيل الحاجات اللى ماتتفقش مع أداة العرض دي، ويضيف حاجات تانية مناسبة أكتر.

هل من الممكن إننا نطلق مصطلح مختلف على الفيلم ده وما سيتبعه من أفلام تانية هتحاول المشي في نفس المسار ؟ .. ممكن نسميها مثلاً (أفلام سطح المكتب)؟.. مع الوضع في الإعتبار إنها نوع فرعي لأفلام المادة الفيلمية المكتشفة (Found footage) اللى هي برضه فئة فرعية من أفلام الرعب.

النوع الجديد ده من الرعب بيخلق احتمالات مختلفة عن المعتاد يستكشفها الفيلم .. معظمنا دلوقتي في حياتنا السريعة وفي المدن الزحمة المزعجة مابقاش بيقتنع بقصص الأشباح والعفاريت، ومفيش مجال متاح للهدوء الليلي والعزلة المحفزة للخيالات والأساطير الشعبية المرتبطة ببيت مهجور مثلاً أو مكان مقفر. كل حتة دلوقتي زحمة وهيصة ومش مثيرة لأي نوع من الأفكار.. بشكل بيخلي الأفلام اللى لسه بتتكلم عن نفس الموضوعات منفصلة عن الحياة, وفاقدة بشكل ما للمصداقية، وبالتالى بنشوفها من بعيد بعين الخيال المطلق، تجاوزت حدود الماورائيات للفانتازيا.

vx

المجال الوحيد الهادي فعلياً المتاح للإنسان هو العزلة أمام شاشة الكومبيوتر وصفحات الإنترنت .. الساعات الأخيرة في اليوم اللى بنقضيها لوحدنا منغمسين في التجربة التكنولوجية الفردية، والعالم الإفتراضي اللى صنعه كل واحد مننا على مدار سنين على شبكات المحادثة ومواقع التواصل الإجتماعي. ضيف لده إن معظمنا مش فاهم لحد دلوقتي أبعاد الإنترنت بالكامل، ولا كيفية تسلل المخترقين (الهاكرز) لحياتنا، منطقة مظلمة من المعرفة مانجحتش حتى هوليوود في التعبير عنها مسبقاً بشكل مرضي، فبقى سهل علينا نقتنع بكل أنواع الخرافات والأساطير الحضرية المحيطة بيها زي الإنسان البدائي في مواجهة الظروف والظواهر الطبيعية.

ايه نوع الرعب اللى ممكن يحصل لك لما جوجل يطلع لك نتايج غير اللى طلبتها؟ لما محادثة الشات بينك وبين أصدقائك يكون فيها شخص غريب مش ظاهرة هويته ومش عارفين تخرجوه من المحادثة لأن الزرار نفسه اللى بيشيله مابقاش ظاهر قدامك على الشاشة؟ .. في البداية هتفترض إن ده خطأ ما، هتحاول كذا مرة تصلحه .. لحد ما تلاقي إنك كل ما تدور على حاجة، فيلم أو أغنية أو معلومة يطلع لك من محرك البحث خبر انتحار حد انت كنت تعرفه! .. أكيد هتقلق .. لما الكومبيوتر يبتدي يتصرف بطريقة عجيبة لكنها مقصودة أو وراها غرض واضح أكيد عند مرحلة ما هتبدأ تتفزع وتدرك إن فيه شخص ما مخترق حياتك الخاصة بالكامل وقادر يعرض كل أسرارك للناس، وبيوجهك في إتجاه معين.. يا ترى ساعتها هتتعامل إزاي؟! .. بالذات بعد ما يهددك إنك لو نهيت الإتصال أو قفلت الكومبيوتر ده هيعرض حياتك وحياة المحيطين بيك للخطر! .. خطر إنت ابتديت تدرك إنه حقيقي وملموس وقادر على التصرف فعلاً .. نوع فريد من الإستحواذ عليك عن طريق عالمك الإفتراضي شديد الخصوصية.

الأبطال في الفيلم ليهم صديقة إنتحرت مؤخراً بعد نشر فيديو مهين ليها على (يوتيوب)، وفي وسط محادثتهم التقليدية بيظهر الخطر ده وبيحركهم ناحية الإعتراف بذنوبهم السابقة ومعاملتهم السيئة للصديقة اللى ممكن تكون دفعتها للإنتحار.. عالم عبثي/ واقعي من الممكن فيه إن تعليقك على بوست أو نشر فيديو أو الغاء صداقة يكون ذنب عظيم وتبعاته ضخمة بتوصل للموت!

الميزة التانية اللافتة للإهتمام هنا إن الفيلم تكلفته صغيرة جداً .. مجرد محاولات من المونتير ومصمم الجرافيك لخلق نسيج واقعي مستمر تقدر تتعايش معاه على كومبيوتر الشخصية الرئيسية، بحيث تستمر ساعة ونص في الزمن الفعلي وزمن الشاشة. وتحويل كل تفصيلة بتشوفها زي الوقت واسم المستخدم وتاريخ التصفح ومين ظاهر دلوقتي أونلاين لبيانات مهمة يتلقاها المتفرج المعتاد على النوع ده من المعلومات في حياته.. الفيلم اتكلف مليون دولار (مش عارف ليه، يبان أقل من كده) لكن قدر يوصل لما يزيد عن 50 مليون دولار من الإيرادات.

فكرة الفيلم في التقيد بسطح المكتب طول الوقت مش أول مرة تتنفذ، في محاولات سبقتها في فيلم رعب آخر بعنوان (The Den) من سنتين، وقبلهم في مسلسل كوميدي مخصص للعرض على الإنترنت بعنوان (Web Therapy) من بطولة (ليزا كودرو) صاحبة دور (فيبي) في مسلسل (Friends). بدأ في 2008 بمجموعة حلقات مدتها 5 دقايق لحد ما تبنته شبكة (شوتايم) في حلقات أطول ومستمر في العرض لحد دلوقتي.. لكنها لسه فكرة جديدة ماتمش غزوها.

تجاوزاً لجدة الفكرة الواعدة بإحتمالات مثيرة، الفيلم بيخفق أحياناً في الحفاظ على اهتمامك بتباطوء أحداثه لحد ما بيحصل حدث جديد.. وهو على أي حال مش فتح سينمائي مجيد! لكنها تجربة مختلفة ومثيرة للقلق والتوتر.. نوع من التجديد المرحب بيه في بحر أفلام الرعب اللى اتحول لمياه راكدة مملة في معظم الأحيان.

إعلان

إعلان

إعلان