- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
بقلم- حازم دياب:
(1)
في فيلم هندي يُدعى (Like stars on earth) – (نجوم على الأرض) كان هناك ذلك الطفل ''إيشان'' ذو السِنّة الأمامية البارزة، الذي تنعته بالبلاهة عندما يقع بصرك عليه لوهلة، حنان الأم لم يقيض له حياة هانئة وسط أقرانه في المدرسة الذين سخروا من رسوبه المتكرر وذهنه الشارد أثناء حديث المعلمين. طفل ينظر إلى بركة وحل فيرى في الفقاقيع أسماك وطحالب تتحرك يسعى إلى حفظها. يعيشون في الواقع، ويحيا هو في الخيال.
قسا عليه أبيه كي يجابه الحياة المؤلمة، ازدادت القوقعة، هرب الطفل إلى داخله أكثر، أصبح العالم بالنسبة إليه محدودا. يخلو إلى صندوق الألوان، يرسم أسرة سعيدة من أم وأب وأخ، وينزوي في الركن ''إيشان'' الذي ألقاه الأب في مدرسة داخلية لعله ينجو ولا يلحق به عاراً. في البدء اسُتقبل الطفل في فتور مألوف، وظن مدير المدرسة أنه واحد من تلاميذ عدّة يدخلون ويخرجون دون أن يتعلّمون شيئاً. وفجأة، هذه الفجأة دائماً هي التي تصنع الفارق الحياتي الذي ينتظره كل من يحيا، تلك الشرارة الكهربائية التي تضئ الطريق. ظهر معلّم الرسم، شاب يفتتح الحصة برقصة هندية مميزة، يجعل الأطفال يهللون فرحين لأول مرة بحصة الرسم بدلاً من المدرّس السئيل السابق. الطفل إيشان مازال منزوياً. هل يتخلى المعلّم عنه؟. لا، هو الشرارة في الواقع، يسافر إلى أهل الطفل، يمنحهم درساً في التربية، ثم يعود إلى الفصل، محملاً بدفتر الطفل المنزوي الذي يرسّخ موهبته القياسية في الرسم.
في حصة الرسم لا يطالب التلاميذ برسم أشكال محددة: أنهار، جبال، شمس تسطع على طريق مزدحم.. إلخ. يقول لهم أن يرسموا ما يتفتق عنّه الذهن من صور عابرة، ثم يشرح في حماسة كيف خلق الله من فقدوا التواصل مع المناهج الدراسية في الصغر لكن داخلهم ثمة نور يمنع عتمة الأشياء، أديسون في المصباح، أينشتين في العلوم، دافنشي في الرسم.. إلخ. يجبرك الحوار في الفيلم على احترام الأطفال واليقين بأن التعليم في بلادنا ومعظم بلاد العالم يحتاج إلى تعليم. ينتهي الفيلم على مسابقة كبيرة في البلدة للرسم يشارك فيها الجميع، ويكسبها إيشان باكتساح، لُيطبع اسمه على دفتر المدرسة في العام المقبل.
الفيلم باختصار يقول إن الخيال ليس عيباً، الواقع هو الأكثر قبحاً، ويقول إنّك قد تعثر على نفسك عندما تقابل ملهم/ حبيب/ صديق/ معلّم.
(2)
صابرين عبد الله؟.. هل سمعت الاسم من قبل؟. لا هو اسم عادي للغاية، ستجدها مهمومة في عربة مترو، أو تحاول اتخاذ جنب في ميكروباص، أو ربما زميلة في عمل روتيني تقشّر البطاطس. الحديث هنا ليس عنهن، بل عن فتاة واحدة تحمل نفس الاسم جاءت من النوبة، وابتسمت لها الحياة مع رفيق دربها الذي يعمل كأرزقي على باب الله، اشتروا شقة تمليك. أنجبوا 4 فتيات، سموهن بأسماء بديعة: تمر وياسمين وأوركيد وندى. ما الغريب في قصة صابرين؟.
الغريب أن صابرين واحدة من نحو مليون مصري حاولوا في العقد الأخير الإجهاز على حياتهم. أن تستيقظ صباحاً، ترى أن مكانك في الحياة لا يضيف جديداً، يشكل عبئاً، يمنح حزناً لا يتسع له القلب. بنتان لصابرين يصيبهما مرض نادر؛ بعده تلحق بهما صابرين بورم في المخ. يضطر الزوج لبيع المنزل التمليك، تتحوّل الحياة الباسمة إلى كابوس يقضي على أي فرح وأي حزن، يحوّل الإنسان إلى آلة لا شعور لها. تدخل صابرين غرفتها بعد أن تصلّي العشاء، تبلع كل الأقراص التي تحتويها غرفة نومها. ترغي وتزبد، يلحقها زهورها الأربعة قبل أن تشهق شهة الموت، في أعين البنات نظرة لوم وإحساس بالذنب.
صابرين لم تستطع أن تعيش في الواقع الذي يفرض عليها الإحساس بالعجز، لم تجد خيالاً يُمكن له أن يمنعها سؤال الناس إلحافاً، تحلم كل يوم بذلك الشخص الذي ينتشلها، لا تفكر ثانية في الانتحار كلما تذكرّت نظرة البنات. تدعو الله أن يخلّصها من الحياة أو يمنحها إياها. الحلول الوسط تقتل أحياناً. وهنا تحدث تلك ''الفجأة''، برنامج تلفزيوني، يقرر أن يصنع حلقة عن الانتحار، يستضيف صابرين التي تتحدث بنبرة صدق حقيقية، تبكي، تنسال الدموع من عينيها لأنها فقدت التواصل بلغة الكلام، تستنجد بالرئيس، في بلادنا من فرط الغلب يستنجدون بالرئيس. ربما لأن صابرين كانت محظوظة وخرجت على الشاشة فسمعها أهل الخير وساعدوها. هناك ملايين مثل صابرين يرزحون تحت وطأة الفقر والمرض والإحساس بالعجز. كثيرون نجحوا في الانتحار وفشلوا في الاستمرار في الحياة. الأخبار نقلت حديثاً حكاية شاب المنوفية بطل كمال الأجسام الذي نطق الشهادتين ثم ألقى بجسده في الترعة وفارق الحياه. كان الرسول يستعيذ الله من قلة الحيلة وقهر الرجال والهوان على الناس.
(3)
قصة قصيرة: خرج من المنزل، عثر على صديق بالصدفة، اقترح عليه الذهاب للتجمّع الخامس لقضاء حاجة بسيارة، عطف على سوبر ماركت لشراء ما يعين الطريق من السادس من أكتوبر، على الطريق الدائري كان سائقاً مخموراً يتمايل بسيارته النقل، عرّج يساراً، صدم السيارة، هشّمها بما فيها.
لو لم يخرج من المنزل، لما عثر على الصديق، لما ذهب للتجمّع، لما مات.
هل تفتح لو عمل الشيطان؟
لكن لو تصر على الحضور عندما أفكّر: لو لم تُوضع الرافعة في الحرم، لو لم يقتل الأمن سياح في الصحراء، لو عاش نجيب محفوظ حتى هذه الأيام، لو عاد الشهداء، لو لم ترتدي حنان ترك الحجاب، لو اهتمت الحكومة بنسب اكتئاب المصريين، لو نجحت الثورة، لو اختفى الدم من حياتنا، لو آمن الآباء باستقلالية الأبناء، لو قدّم أحمد زكي أعمالاً أكثر، لو لم يقابل إيشان مدرّسه، لو لم تُمنح صابرين فرصة الظهور على الهواء؟..
لو تفتح باب العقل
إعلان