لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مجرد خطأ.. أم خيبة مزدوجة..؟

حادث السائحين المكسكيين

مجرد خطأ.. أم خيبة مزدوجة..؟

10:39 ص الخميس 17 سبتمبر 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - محمد أحمد فؤاد:

كعادتنا في الملمات الكبرى.. والصغرى أيضاً، لابد وأن يأتي البعض بردود أفعال تشذ عن العقل والمنطق، الأمر الذي يعرضنا جميعاً شعباً ودولة للحرج والوم والنقد الحاد، الذي يرتقي في أغلب الأحوال لمرتبة الحقيقة المؤلمة..!

خيبتنا مزدوجة يا سادة وتشمل الجميع، فئات الشعب كافة من جهة، ومؤسسات الحكم جميعها من جهة أخرى.. والدليل أن شبح الموت أصبح ضيفًا مستديمًا على حياتنا اليومية، وأن مسؤولية الدم لا تجد من يتحملها، وها هي قد أصبحت وجهة نظر يتبادلها السفهاء والسوقة علناً وفُجراً بلا أدنى اكتراث.. لا وقت لًدينا للدبلوماسية أو لنعومة الألفاظ، ولا عاد هناك متسع من الرفاهية يسمح بالتزييف أو التجميل أو المداراة.. حادث الواحات البحرية فاجعة بكل المقاييس، والضحايا من قتلى وجرحى أبرياء بلا شك، فالشواهد الأولية تشير أن تحركاتهم منذ الوصول هي تحركات فوج سياحي عادي داخل إطار قانوني.. لكن الثابت أن هناك خطأ ما، أو متتالية من الأخطاء إذا صح التعبير، تم ارتكابها إما بسذاجة مفرطة أو بتعمد جاهل، وسأمتنع هنا عن تحليل الحادث أو توجيه أي اتهامات لحين انتهاء التحقيقات، تلك التي وعد رئيس الدولة أنها ستتم بشفافية وتجرد للوقوف على أبعاد الحادث الحقيقية منعاً لتكراره، وبالطبع دون احداث أي خلل يضر بأمن مصر القومي..

الأمر يتطلب أولاً اعتذار رسمي وشعبي مُعلن، واقترح أن يتم الاعتماد فيه على الصحافة المكسيكية الرسمية، وأن يكون هذا الاعتذار على لسان السفير المصري هناك موجهاً الدعوة لعائلات الضحايا لإحياء حفل تأبين ذويهم المتضررين من الحادث، على أن تتحمل الدولة المصرية كافة النفقات الخاصة بذلك.. وأن تقوم الخارجية المصرية والوزارات المعنية لاحقاً بتنظيم رحلة لمسار العائلة المقدسة في مصر حداداً على من فاضت أرواحهم على إثر الحادث الأليم، وأن تقوم الدولة بتوجيه دعوة مجانية لذويهم للمشاركة في الرحلة، وليكن هذا تزامناً مع أعياد الميلاد في ديسمبر القادم لما في ذلك من قداسة قد تخفف من وقع الحادث الأليم وربما تساهم في إزالة بعض أثاره..

هناك العديد من المحاولات والاجتهادات يتبناها هواة ومحترفي الظهور الإعلامي لتبسيط الأمر، وشرح ملابساته من منظور محلي ضحل، وبالطبع لا يخلو هذا الظهور المتكرر من استعراض لخبراتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان في دهاليز المسائل الأمنية، الدفاعي منها والهجومي، حتى أن بعضهم ذهب بخيالاته وقبل انتهاء التحقيقات إلى أن الفوج كان يضم جواسيس ومخربين كانوا بصدد القيام بأعمال عدائية ضد الدولة..! كفى من هذا العبث الذي لا يستحق التعليق أو مجرد التوقف أمامه، ودعونا ولو لمرة واحدة لا ندفن رؤوسنا في الثرى، فربما استطعنا ان نتبين الحقيقة كاملة.. غاب عن هؤلاء الحمقى أن مثل تلك المحاولات لا تؤتي ثمار، بل على العكس فهي تلقي بظلال كارثية على علاقاتنا الدولية وتدمرها، وتصيبنا حتماً بالعجز حين نضطر للدفاع عن الحقائق التي قد لا يستوعبونها نظراً للفوارق الاجتماعية والثقافية التي تتعلق بخصوصيتنا المجتمعية كدولة من المفترض أنها تحترم وتستوعب الجميع.. لكن الواقع أننا دأبنا على قياس الأمور بالعواطف وليس العقل، وأدمنا على البحث عن المبررات وأهملنا الحقيقة..

وأنا أتابع مهزلة التعليقات وحرب الاتهامات، والتغطية الإعلامية الرخيصة للحادث، لا أدري لماذا قفزت إلى ذهني شاردة عن أسطورة قمع الفكر بجهل الأبرياء، وارتدت ذاكرتي على الفور إلى فيلم البريء، ومقارنة بين الجندي أحمد سبع الليل وبين العقيد توفيق شركس.. وتخيلت أن الفوج السياحي هم أعداء الوطن..!

خلاصة القول، وبعيداً عن مسار التحقيقات الرسمي، وأكرر: بدون توجيه أي اتهامات مسبقة لأي جهة.. فقط من واقع معرفتي المحدودة بالمهنة وبالصحراء وبالقواعد والاشتراطات المنظمة للرحلات الصحراوية حالياً، والمعلنة مسبقاً لدى الشركات والوكالات العاملة بقطاع السياحة بالرغم من تحفظي على كل ما هو غير منطقي منها: المرشد السياحي أخطأ، ورجل الأمن تخاذل، والسائقون تجاوزوا، والجهة الأمنية المسؤولة تراخت، والطيار تسرع، والضيوف ماتوا..!

بلا شك هناك أخطاء تستحق العقاب والردع.. لكن ليس هكذا يكون العلاج.. رحم الله الضحايا وألهم ذويهم الصبر والثبات، وفي هذا لعلنا ندرك العظة من وراء الحادث الذي لا يسعني وصفه إلا بمتتالية الخطأ المتعمد..!

إعلان

إعلان

إعلان