- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
فى صباح يوم من شهر سبتمبر عام 2007، كنت في طريقي للخروج من مقر صحيفة «الوفد» التي أعمل بها. على البوابة الخارجية، التقيْتُ أنور الهواري رئيس التحرير في ذلك الوقت.
سألني: إلى أين ذاهب؟ قلت: في طريقي للمقهى. قال: أريد منك حوارًا مع الأستاذ محمود عوض (1942ـ 2009). ثم قال وهو يتحرك بعيدًا عنّي: سأمنحك مكافأة خاصة على هذا الحوار، ثم أطلق قدميه للريح وهو يرد على تليفونه الموبايل وفي يده صحفٌ وأوراقٌ وكتابٌ لا أذكر اسمه الآن. خرجت متجها إلى المقهى. أسير ببطء في شارع عبد الرحيم باشا صبري بالدقي. في ذهني محمود عوض هذا الكاتب البارع، الفذ، المتمرد، الغامض، القادر بسهولة على الرقص مع الكلمات، وكأنه يرقص رقصة باليه عالمية.
وصلت للمقهى.. جلست أفكّر في هذا التحدي الذي وجدت نفسي أمامه.
محمود عوض مرة واحدة! كنت أسمع عنه من أساتذتي وزملائي، فهو لا يرد على أحد بسهولة.
ولا يُعجبه أحدٌ بسهولة، ولا يسمح لأحد أن يخترق عالمه الانعزالي الذي فرضه على نفسه منذ سنوات، فهو كاتب متميز وصحفي مختلف، اقترب من النجوم (أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وبليغ حمدي وغيرهم كثير في الفن والسياسة والثقافة)، وكان بالنسبة لهم الصحفي والكاتب والمثقف والصديق والأمين على أسرارهم الخاصة، التي لم يتاجر بها حتى رحيله.
تميز وتفرد في بداية مشواره الصحفي، الذي بدأه في أخبار اليوم في عصرها الذهبي مع مصطفى وعلي أمين، وكان في نفس الوقت يدرس في كلية الحقوق جامعة القاهرة.
التقط الأخَوَان أمين موهبته الفذة وأعطياه الفرصة ليكون بعد ثمانية أعوام من التحاقه بالصحيفة نائبًا لرئيس التحرير وعمره لم يتجاوز الثلاثين عامًا. أعجب به إحسان عبد القدوس عندما جاء رئيسًا لمجلس إدارتها وأطلق عليه لقب عندليب الصحافة المصرية. أناما زلتُ جالسا على المقهى.. وما زلتُ أفكر.. ومازال القهوجي كلَّما مر بي.. يسألني: “هتشرب حاجة يا أستاذ؟”وأنا شارد.. لا أرد.
وأسأل نفسي كيف الوصول إليه؟ نعم معي رقم تليفونه الأرضي ـ كان لا يستخدم الموبايل ـ لكن من أين أبدأ؟ دقائق مرَّتْ، بعدها قررتُ مغادرة المقهى.
من بعيد جاءني صوت القهوجي (مش هتشرب حاجة يا أستاذ) لم أرد عليه واتخذت طريقي إلى منزلي.
بعدما وصلت أمسكت التليفون وطلبت رقمه.
جاءني الرد عبر الأنسر ماشين (أنا محمود عوض.. لست بالمنزل، اترك اسمك ورقم تليفونك، وعندما أعود سوف أتصل بك). فعلت ذلك ثلاث مرات في نفس الموعد لمدة ثلاثة أيام متفرقة.
في اليوم الرابع وجدت السماعة على الجانب الآخر ترفع، ويرتفع معها نبضات قلبي قلقًا، وترتبك الأفكار في ذهني. الآن هو يرد، والآن أنا مرتبك. (أيوه.. مين)؟ قلت: أنا.. أنا. رد وهو يضحك: أيوه خلاص عرفت إنك أنت.. أنت مين؟ قلت اسمي ورغبتي في إجراء حوار معه.
رد: أنا لا أجري أحاديث صحفية، فما أريد قوله، أكتبه في مقالي الذي أنشره في صحيفة الحياة اللندنية.
قلت له: لكن رئيس التحرير أبرم معي اتفاقًا على أن يعطيني مكافأة على هذا الحوار. رد وهو يبتسم: والله أنت حر مع رئيس تحريرك! عدت وقلت له: لكن حوارنا مختلف عن الحوارات السابقة.
رد: عن ماذا؟ قلت عن صفقة بيع بنك القاهرة التي تعتزم حكومة الدكتور أحمد نظيف إبرامها لتبيع بنك الدولة إلى القطاع الخاص مثلما حدث مع بنك الإسكندرية منذ سنوات.
قال بعد فترة صمت: هذا الموضوع كتبت عنه مقالًا منذ أيام في الحياة اللندنية ومجدي الجلاد رئيس تحرير المصري اليوم مشكورًا أعاد نشره في صحيفته أول أمس.
وأنا أطلب منك أن تعود وتقرأ المقال، وتتصل بي حتى أعرف رأيك فيه. أدهشني قوله وتواضعه. فقلتُ له: مقال يكتبه محمود عوض وتنشره الحياة وتعيد نشره المصري اليوم، فهل بعد هذا يكون لمن هو مثلي أن يقول رأيه؟ ردَّ بِحدَّة قائلًا: اسمع الكلام.. أريد معرفةرأيك.. سأنتظر تليفونك غدًا.. مع السلامة ثم أغلق الخط.
وقتها كنتُ سعيدًا، فأنا اليوم وغدًا أتحدث مع الكاتب الذي أحبه الفنان العالمي أنتوني كوين، مع الكاتب العربي الوحيد الذي حضر تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك على قرار 242 عام 1967.
مع الكاتب الوحيد الذي وافق عبد الحليم حافظ أن يقف أمام ميكروفون الإذاعة ممثلًا للمرة الأولى والأخيرة عام 1973 في مسلسل (أرجوك لا تفهمني بسرعة)، ويكون هو كاتبه. جِئتُ بالمقال وقرأته مرة واثنتين وثلاثًا.
وفي اليوم التالي اتصلت به في نفس الموعد. أهلًا يا خيرى. قرأت المقال؟ قلت: نعم.
قال: وما رأيك فيه؟ قلت: لخصت فيه كل شيء عن قضية البنك وعن الخصخصة والاقتصاد المصري في الـ 30 سنة الماضية.
قال: أما والأمر كذلك، فأظن أنه لا داعي لإجراء حوار عن نفس الموضوع.
ثم ضحك وهو يقول : خسرت رهانك يا حلو مع رئيس تحريرك.
وقبل أن يودعني هاجمت ذهني فكرة مجنونة.
قلت له: عندي فكرة يا أستاذ.. هل تسمح بطرحها عليك. قال: اتفضل. قلت: لو تسمح لي أن أحول المقال إلى حوار ثم أعرضه عليك إن أعجبك ننشره.
وإن لم يعجبك نلقي به وكأن شيئا لم يحدث.
سكت قليلا يفكر ثم قال: هل تستطيع؟ قلت أحاول. قال: خذ وقتك ثم اعرض علي. وضعت سماعة الهاتف وجلست مكاني لم أتحرك إلا وأنا مُنتهٍ من تحويل المقال إلى حوار. في صباح اليوم التالي ذهبت للصحيفة.
لمحني رئيس التحرير. سألني: هل أنجزت حوار محمود عوض؟ قلت بفخر شديد: نعم. قال أين الحوار؟ قلت معي.
أخذه مني بسرعة ليلقي نظرة عليه ثم قال هذا الحوار ينشر غدًا. لم ينتظر أن يسمع مني. وأنا ارتبكت فلم أستطع أن أحكي له. كان سعيدًا بالحوار وأنا حزين من توابعه خاصة والأستاذ لم يقرأه ولم يوافق على نشره مثلما اتفقت معه.
هرولت إلى أقرب تليفون واتصلت به وحكيت له الحكاية. قال: وهل رئيس التحرير يعرف التفاصيل. قلت له: لا.. ضحك ثم قال: (يعني أنت الآن في نظره مفبرك الحوار.. شكلك كده هتتفصل)، ثم عاد وواصل ضحكاته المستمرة وقال: عدي الآن علي أقرأ الحوار بسرعة.
وبالفعل اتجهت إلى بيته. وصلت إلى شقته التي تقع على نيل الجيزة بالقرب من ميدان نهضة مصر.
استقبلني وهو يبتسم، ثم قال: اجلس دقائق. جاء لي بعدها بكوب من العصير وأعطيته نسخة من الحوار وما أن انتهيت من شرب العصير، كان هو أيضًا قد انتهى من القراءة. كنت أتابع ملامح وجهه وتعبيراته بحذر وترقب وخوف. وبعد دقائق وجدته يلقي بالحوار على مكتبه ويقول (يا ابن الإيه.. تخيل أنا صدقت إنك أجريت معي الحوار) طبعا.. اتفضل انشر. وكان هذا الموقف هو بداية معرفتي به والتي استمرت حتى رحيله عام 2009 عندما ذهبت إليه حتى أصطحبه إلى طبيبه الخاص، بعدما اشتد عليه المرض فوجدته.. مات.
إعلان