لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تفتيت أنصار الحكم

تفتيت أنصار الحكم

أمينة خيري
09:02 م الإثنين 08 يناير 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لماذا يصر البعض على أن يفقد الحكم السياسي الحالي أنصاره ومؤيديه؟ ولماذا يتحتم على المعترض أو المنتقد أو المتوجس من تحركات أو إجراءات أو تصريحات، أن يعد من واحد لعشرة آلاف قبل أن يتفوه بانتقاده؟ وهل في مصلحة مصر والمصريين والحاضر والمستقبل أن يحتفظ كل من لديه ملحوظة بها لنفسه؟

يعني مثلاً، هل ينتقص من أداء الدولة أن نجاهر بإبداء التعجب والتعبير عن التخوف من قيام المجلس الأعلى للإعلام بـ"التحقيق" فيما كتبه الدكتور عمرو الشوبكي تحت عنوان "فيديو الإرهابي" قبل أيام؟، فبالإضافة إلى أن المجلس ليس جهة تحقيق، فإن ما كتبه الشوبكي هو ما يردده كثيرون في الشارع، فيما يختص بحادث حلوان الإرهابي. وكل من يقرأ المقال يعرف جيدًا أن حكاية احتواء المقال على شائعات من شأنها بث الفتنة الطائفية في نسيج الوطن ليس صحيحًا، أو على الأقل لم يشعر أحد بخطر الفتنة الطائفية يدق على الأبواب عقب قراءة المقال. فهل يضر المقال الدولة، أم أن ما يجري من ردود فعل رسمية غاضبة على المقال هو الذي يضرها؟

وهل التعامل العصبي مع ما نشرته "نيويورك تايمز"، ومعها بالطبع قناة "مكملين"، ينفع أم يضر؟ وهل ترك إعلاميين ووسائل إعلام "تهبد وترزع" في "نيويورك تايمز" من شأنه أن يصوب مسارها المعادي للنظام المصري منذ 2013؟ وهل فرش الملاءة وكلام المصطبة من شأنهما أن يغيرا من تغطيات هذه الجريدة، ومن نبرتها الممسكة بتلابيب "الانقلاب الذي أطاح بأول رئيس مدني منتخب"؟ ولا أشير إلى "مكملين"؛ لأن أمرها مفضوح دون مجهود منا.

لكن المجهود المطلوب بذله منا كبير، ونحن نكتفي بـ"الهري والهبد والرزع" فيما بيننا. للمرة المليون، نقول إن الغالبية المطلقة من الكلام المتداول في الإعلام المصري أشبه بالكائن الرخو. يبدو كبيرًا منتفشًا مفعمًا بالمعلومات، لكن ما إن تقترب منه، وتضغط عليه حتى تفاجأ به كأنه إسفنجة مشبعة بالماء. آراء ومواقف وتحليلات شخصية بحتة من خبراء وأشباه خبراء يعاد تدويرها على مدار الساعة. ولنا في العدد المهول من "باحث في حركات الإسلام السياسي"، و"خبير في الجماعات الإسلامية"، و"متخصص في الإرهاب والجماعات" عبرة. المؤكد أن بينهم من يعي ما يقول، أو يفهم أبعاد وآثار ما يقول سلبًا وإيجابًا، لكن هناك أيضًا من لا يقوى على مقاومة ندوة فضائية هنا، أو عزومة تحليل هناك.

وقبل يومين تابعت زميلاً صحفيًا شابًا يفتي ويسهب، ويؤكد ويجزم حول المشروعات والمجالات التي ستستحوذ عليها مصر في إعادة إعمار العراق. للوهلة الأولى تعتقد أن الزميل كان جالسًا في قلب اجتماعات وزارية على أعلى مستوى بين الدولتين، لكن ببعض من تدقيق، وقليل من تفنيد، تكتشف إن حديثه قائم على "المفروض" و"لازم". وفي نهاية المداخلة الهاتفية كاد يقول "ما هو مش معقول مصر لا تحصل على هذه المشاريع في العراق. إحنا أولى من غيرنا".

أولوية المشروعات، والحساسية تجاه انتقادات، والرد على ترهات، وتوجيه الرأي العام، أو صناعته، أو توعيته لا يمكن أن تدار هكذا. وقواعد الحديث بيننا وبين بعضنا البعض لا يمكن تعميمها على دول وثقافات غيرنا، بل إن علينا مراجعة قواعد حواراتنا وأصول مناقشاتنا. أليس بيننا من هو قادر على نقل طريقة الدول الكبرى وذات المصداقية (حتى إن كانت أفعالها وسياساتها تشير إلى العكس) وتدشين تنظيم مؤتمر صحفي رسمي أسبوعي (على أن يتحول إلى يومي) لعرض أخبار أسبوع مضى، والرد على استفسارات، ودحض الأكاذيب، وتوضيح الحقائق بالحجج والبراهين لا بـ"فرش الملاءات" والتصيد والتربص لأصحاب الانتقادات؟

ما يحدث هو إفقاد الحكم مؤيديه ومناصريه ومحبيه من أصحاب الفكر والرأي. تذكرة بسيطة: نحن في العام الـ18 من الألفية الثالثة!

 

إعلان

إعلان

إعلان