لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"عصفور النار"..فاضل ضد فاضل!

"عصفور النار"..فاضل ضد فاضل!

د. ياسر ثابت
09:00 م الثلاثاء 09 يناير 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كلما تابعت الجدل الدائر حول لجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلى للإعلام، التي يرأسها المخرج محمد فاضل، طافت بذاكرتي تفاصيل مسلسل "عصفور النار"، للمخرج محمد فاضل، سيناريو وحوار أسامة أنور عكاشة.

في هذا المسلسل الذي عُرِض في 15 حلقة عام 1987، نتابع حكاية تستحق التأمل، حتى إن د. أحمد عمار أفرد لها كتابـًا مهمـًا وجديدًا من نوعه على المكتبة العربية، حمل عنوان "عصفور النار: دراسة تحليلية لأدب الدراما التليفزيونية" (دار دلتا، 2017).

إنها حكاية صقر الحلواني (محمود مرسي)، عمدة كفر الحلوانية، الذي يحب السلطة والنفوذ للدرجة التي جعلته يتورط في مقتل أخيه صادق الحلواني العمدة السابق للبلدة، مما يولد لديه خوفـًا تقليديـًا يخفيه داخل قسوته الشديدة مع أهل القرية، وحنانه مع ابنة شقيقه (فردوس عبدالحميد)، التي رباها ويريد تزويجها لابنه، وشقيقته الصامتة على جريمته (أمينة رزق)، ولكن ينقلب سحره مع عودة الحسيني (عبدالله محمود) ابن شقيقه الذي يعود ومعه الماضي، لتنقلب الدنيا ويبدأ الصراع الحقيقي الذي ينجر إليه ضده ابنه الوحيد (محمود الجندي) وتشتعل القرية بالنيران.

ربما جاز القول إن المسلسل الذي جمع عددًا من كبار نجوم التليفزيون في هذا التوقيت، مثل علي الغندور وأنور إسماعيل ومحمد متولي، ما كان له أن يخرج إلى النور بكامل تفاصيله وحواراته البديعة التي كتبها أسامة أنور عكاشة، لو أنها عُرِضَت الآن على لجنة الدراما، التي يرأسها- بمفارقةٍ عجيبة- محمد فاضل نفسه.

لا أحد يدري، هل كانت اللجنة ستوافق على فكرة قتل صقر شقيقه صادق، وسر صمت شقيقته، وانقلاب ابنه عليه، وصراعه الكبير مع ابن شقيقه المريض وإنكاره له وتفاصيل إحراق القرية..

وليس معلومـًا هل كانت لجنة الدراما برئاسة محمد فاضل ستجيز "التتر" الذى كتبه سيد حجاب ولحنه عمار الشريعي وغنته فردوس عبدالحميد- زوجة فاضل في الواقع- وهو جزء أساسي من فكرة العمل الدرامي، الذي جسَّد وببراعة كيف يتصرف مغتصبو السلطة وعبيدها تجاه معارضيهم حتى لو كانوا شباب بلاده ومستقبله القادم، لكنهم على أتم الاستعداد لإحراق الماضي والمستقبل في سبيل الاستمرار في السلطة.

المسلسل- وبحق- يعتبر نبوءة أو صورة حقيقية لجوهر الصراع الدائم والأبدي بين القديم والجديد.. بين الديمقراطية والديكتاتورية.. وهو تنويعة جديدة على تيمة الأغنية الشعبية القديمة، «ولابد عن يوم معلوم تترد فيه المظالم.. أبيض على كل مظلوم إسود على كل ظالم».

وهذا قد لا يكون مقبولًا أو مريحـًا في نظر لجنة الدراما والقائمين عليها، خاصة أن المسلسل ركز على المطامع والمكائد والمؤامرات وكشف "الصندوق الأسود" لهذا العالم القائم على الجشع، والصراع بين أبطاله وضحاياه، بدءًا من العمدة صقر وحورية والحسيني ومروان وسسبان وميلم العفي، وكذلك السنباطي والدمرداش وحشاد والخضري..

إن الواقعية المكانية في "عصفور النار" موجودة، ومثلها الواقعية الزمانية، فإذا كانت الأحداث تدور في كل مكان، فإن الأحداث في هذا العمل الدرامي تدور في كل زمان. صحيح أن المسلسل يتحدث في إطار العصر الذي نعيشه، بما في الدراما من إشارات كالصحافة والشرطة وللعمودية والجامعات وغيرها، لكننا في الوقت نفسه لا نعرف متى يحدث هذا تحديدًا. وفي الخلفية يمكن تصور حدوث ذلك كله في كل زمان مع تغيير في قليلٍ من التفاصيل، كما يقول د. أحمد عمار (ص 399- 400).

ربما الفضول هو أساس هذه الفكرة الافتراضية، ولكن يبقى السؤال جادًا، ويفرض نفسه بقوة:

ماذا كان محمد فاضل فاعلًا كرئيس للجنة الدراما التابعة للمجلس الأعلى للإعلام، لو أنه تم تكليفه بمهمة مراجعة وإجازة مسلسل "عصفور النار" للمخرج محمد فاضل اليوم؟!

إعلان

إعلان

إعلان