لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لوسي ونظرية الألوان وأشياء أخرى

لوسي ونظرية الألوان وأشياء أخرى

د. هشام عطية عبد المقصود
09:00 م الجمعة 16 نوفمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

مفتتح ..
ما زالت البشرية تعيش بفطرتها التي عرفتها "لوسي" التي يرجع تاريخها إلي ما يزيد على ثلاثة ملايين سنة، واسمها أطلقه العلماء علي حفرية كانت - منذ وقت - قريب مجال احتفال كبير يليق بعمرها المديد علي جوجل، والتي يؤرخ باكتشافها أول ظهور للإنسان المعاصر، وعند إعادة بناء ملامحها التي يتم توظيف تقنيات الحاسب الآلي وبرامجه المعقدة تظهر "بشاير" الإنسان"، تغيرت الملامح وتشكلت اختلافا منذ ذلك الحين كثيرا، فقد طالت قامته شكلا واكتسب تدرجات لونية، وظل محتفظا داخله بكثير من طبائع البدائية والتوحش فقط صار إلي جانبهما سجل متنام من ديوان الأخلاق التبريري.
مطر ..
شمس الصباح الطيبة وأول مطر الشتاء يصنعان مصالحة "تاريخية" مع كل أحداث وانشغالات وتأملات بل ومتاهات سبقت، فتبدو بعيدة واهية كأننا ننظر إليها عبر منظار مقلوب، ثم يستقر الإحساس بأن كل شيء يمكن أن يولد من جديد، هكذا حدث نفسه مندهشا قليلا، وللتأكيد أجاب نعم، كل ذلك الشجر المثقل بسواد وسخائم التلوث وتلك البيوت التي تبدو واجهاتها متربة مرهقة، سيمنحها أوان المطر حق الدخول في التجربة من جديد، ومعه ستشرق وجوه الأطفال الذاهبين إلي المدارس، فقط نهار جديد ممطر وشمس حانية.
ألوان ..
كان كلما منحته الحياة خبرتها الجديدة يعود فيتذكر كلمات صديقة عن نظرية الألوان، كانت مقولاتها بسيطة حتى توشك أن تكون هزلية، ثم تتبدى مع الوقت عبقرية تماما وبعد أن حاول تجربتها كثيرا، ذلك أن للوجوه ألوانًا ليست حادة كما نعتاد تصنيفها في رتابة الانتهاء من الأشياء اليومية، وأن لونا ما "أصليا" يظهر كلما تمعنت في معرفة الناس وتابعت سلوكهم، ستدرك حينها أن كل شيء كان واضحا منذ البدء في ذلك اللون، لكنك لم تمنح نفسك قليلا من التأمل لتعرف وتفهم، تلك النظرية .. ألوان الوجوه.
الرقم 45 ..
نظر نحو الحذاء الذي انشغل وهو يدخل كل رباط منه في عجل إلى إحدى المساحتين الممتدتين في جانبيه، تأمل شكله، كان ضيقا قليلا، أراد التأكد من مقاس الحذاء - وهو الذي صار ثابتا من زمن طويل - رفعه إلى أعلى قليلا ومال برأسه وهو ينظر نحو أرضية الحذاء كان الرقم 45 قابعا في هدوء، اطمأن وهو يغادر ذلك المقعد الخشبي والموضوعة قوائمه الحديدية على رصيف، فكر أن للأحذية دوما ملامحها، هناك الحذاء القريب دائما إلى قدميك، بسيط ومتاح فلا تشعر به سوى عندما لسبب أو لآخر يتوه في مكان ما، وتدرك حين تستعد لمشوار "عادي" بغيابه المهم، لكن ذلك لا يجعلك أبدا تعيد تقويم مكانته في صف الأحذية.
أكشن ..
نظر نحو تلك الكاميرات المغطاة بمظلات في الظهيرة انتظارًا لتوقف فاصل من مطر قصير متقطع، وكل هؤلاء العمال والفنيين ممن يحيطون ببقعة صغيرة يقوم فيها ممثلون بأداء مشهد سينمائي، قال متعجبًا: كل هؤلاء وكل هذه الأشياء من أجل بناء لحظة عابرة في مشاهد الحياة اليومية لإنسان واحد في كل هذا الكون، لم يعتبر ذلك دليلاً علي تفاهة تداعيات الكون وأحداثه، بل عرف تماما العكس، أن نكون مقدرين تماما لتلك الأشياء التي تعبر حتي دون أن تترك شيئا، اللحظات العادية غير ذات الملامح.
فاصل ..
نعتاد الأشياء، هكذا تعلم البشر درس الحياة الأول منذ آدم ومضوا يحملون نتوءات التكرار علامة على السنوات، هكذا يصبح الكبار كلما مضوا في العمر أكثر تقبلا وربما قسوة ويصبح الصغار أكثر شغفا وطيشًا أيضًا، وتكون تلك مسيرة البشر الطويلة.

إعلان

إعلان

إعلان