- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
هبط من السيارة بخفة وسرعة، بعد أن ودّعنا بتحية ودودٍ، وعلى وجهه ابتسامةٌ يشوبها الحياء، خاليةٌ من أي إحساس بالمرارة. لمحته يشق طريقه وسط الزحام، حاملاً جيتاره بحرص وفخر كأنه قطعة منه. كان أحد شخصين اصطحباني بالسيارة من مطار سالونيك الدولي. اختار هو أن يجلس في المقعد الخلفي. بدا لي أنه لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، تخيلت أنه أحد المتطوعين بهذه الفعالية السينمائية الأهم في اليونان، لكن لاحقاً علمت أنه يعمل كسائق خلال فترة المهرجان.
كان يقود السيارة شاب آخر في منتصف الثلاثينيات، عرفت منه أنه يعمل مصمم جرافيك، لكن حاليا وأثناء فعاليات مهرجان سالونيك السينمائي الدولي- الممتد من ١ إلى ١١ نوفمبر الحالي- فهو أيضاً يعمل سائقا في خدمة ضيوف المهرجان مقابل أجر قليل للمساعدة في أمور المعيشة. الأمر ذاته يتكرر معه خلال فعاليات مهرجان الفيلم الوثائقي الذي يُقام في المدينة ذاتها لكن في شهر مارس. ما دون ذلك لا يستطيع العثور على فرصة عمل إضافية خلال العام.
نعم، الحياة صعبة، والاقتصاد ما زال لم يتعافَ تماماً بعد، لكن الناس لم تستسلم، لم تفقد روحها المرحة وقدرتها علي التواصل، لا تزال تعمل حتى رغم الأجور البسيطة جدا، رغم الضرائب الباهظة، ومهرجان سالونيك- الذي بلغ عامه التاسع والخمسين- بالنسبة لهم هو أهم حدث ثقافي يخلق أمامهم فرصا للعمل، حتى لو تم ذلك بمقابل مادي ضئيل، كما أنه نافذتهم على العالم، بل هو ما يربطهم بالعالم، منذ عام ١٩٩٠، حيث المشاكل الاقتصادية.. هكذا أشار عمدة سالونيك لأهمية المهرجان في كلمته ضمن الفيلم القصير الذي عُرض قبل فيلم الافتتاح الياباني "سارقوا المتاجر" للمخرج هيروكازو كور إدا، الحاصل على سعفة كان الذهبية، بينما سيكون فيلم الختام هو الدنمركي "فتاة" الذي حصد أيضاً جائزة الكاميرا الذهبية في "كان" إلى جانب أفضل ممثل الذي جسد دور الفتاة بالفيلم.
افتتاح من دون خطابة المسئولين
كان الافتتاح بسيطًا وراقيًا، ومعبرًا في نفس الوقت. لم يصعد أي مسئول على خشبة المسرح. أطفئت الأنوار، وفجأة جاء صوت مجموعة من "الزلات" أو الأحجار الرخامية البيضاء، كان يتم الدق بها فوق بعضها. بعد ثوانٍ دخل من الأبواب الخلفية للمسرح شباب وشابات في زي أسود، ومصباح صغير معلق في الجبهة أخذ طريقهم بين الجمهور إلى الخشبة بحركات راقصة مفعمة بالحيوية، حتى صعدوا، فنقلوا منصة الحديث وعليها الميكروفون- التي لم يستخدمها أحد أبداً- إلى أحد الأركان، ثم واصلوا رقصتهم القصيرة قبل أن يُلقوا بجميع الأحجار معهم على أرض خشبة المسرح، ويخرجوا تباعاً كأن هذه الفعالية السينمائية الثقافية ليست فقط مجرد حجر واحد يتم إلقاؤه في مياه هذا البلد، ولكنها مجموعة أحجار بيضاء يتم إلقاؤها دفعة واحدة. فهذا المهرجان لا يأتي فقط بالعالم إليهم، ولكنه أيضاً يفتح أبواب الإنتاج السينمائي المشترك، وتبادل الخبرات في مجال الفن السابع.
إذن، من تلك الدلالة الرمزية يُمكن فهم أهمية المهرجان بالنسبة لأهالي سالونيك، أكبر ثاني مدينة في اليونان، والعاصمة الثقافية لذلك البلد العريق في حضارته والذي كان مهد الفنون قبل أي دولة أوربية أخرى.
بعد العرض المسرحي الوامض السابق، عُرض فيلم قصير، سريع الإيقاع، يتضمن كلمات تلغرافية من المسئولين عن المهرجان ومكانته، وأهميته للمدينة التي كادت تقتلعها الأزمة الاقتصادية الطاحنة من الاتحاد الأوربي، لكنها لا تزال صامدة. ثم اختتم الفيلم بمحاورة سريعة لطيفة بين مديرة المهرجان إليزا يالادو والمدير الفني أوريستس أندرياداكس، كانا يستعرضان فيها بخفة ظل أهم ملامح تلك الدورة التي تجاوز عدد الأفلام بها المائتي فيلم، بينها ٩٥ فيلما من اليونان وحدها، في أقسامه المتنوعة التي بلغت ثمانية، والتي تحمل عناوين مثل: المسابقة الرسمية، أو خارج المسابقة، أو "آفاق"، أفلام "الواقع الافتراضي"، أو "نظرة على السينما في البلقان"، وعروض خاصة، سينما للأمام أو سينما المستقبل، وأفلام منتصف الليل، ثم مهرجان الفيلم اليوناني إبداعات سينما المؤلف بنظرته التأملية للعالم من حولهم.
ماذا يعني مهرجان سينما؟!
هنا يُطرح التساؤل: ماذا تعني السينما؟ وماذا تعني مهرجانات السينما؟
فوسط البحث عن تلك المعاني يمكننا أن نفهم، ونُدرك إصرارهم- بل الاستماتة- وحرصهم على المحافظة على هذا المهرجان.
مهرجان السينما في أي مكان في العالم يعني وجود أفلام، وناس وجمهور يُشاهدون تلك الأفلام. يعني إقامة لقاءات وندوات. يعني التواجد في حضرة الإبداع. التفاعل بين المبدعين والجمهور، بين الجمهور وبعضه البعض، بين مسئولين ومبدعين من خارج اليونان وشباب المبدعين المحليين.. إنه ليس فقط محاولات لاكتساب الخبرة، ولكنه احتفال باكتساب المهارات والخبرات عبر الاحتكاك، وتبادل الأفكار، والمشاعر، والخواطر، والمفاهيم، والكلمات.. هكذا يُعبر عن مفهومه لأهمية وقيمة المهرجان المدير الفني أورسيتس أندرياداكس الذي يشغل منصب المدير الفني للمهرجان، منذ عام ٢٠١٦- وهو ناقد سينمائي، درس السينما وتاريخ الفن في أثينا وباريس، مثلما كتب سيناريوهات بعض الأفلام القصيرة.
مقاعد الحَبِّيبَة
إنها زيارتي الأولى لتلك المدينة الجميلة. لاحظت أن الأزمة الاقتصادية الطاحنة لم تسلب الناس أرواحهم، أو ابتسامتهم، أو قدرتهم على الحب أو الاستمتاع بمظاهر الحياة، رغم الأزمة الاقتصادية وآثارها. يتم تشجيعهم على تقديم أفلام أكثر جرأة دون خوف أو تردد.
أما ساحة الميناء الذي يمتلك ناصية نتأمل عبرها أطراف المدينة الممتدة على شكل قوس أو منحنًى؛ إذ تتوازى المباني مع الشاطئ، إنها ناصية عريضة مفتوحة على الأفق، ومنها تنطلق الفنون المفتوحة على الأفق.
يضم الميناء عدة مبانٍ بينها متحف السينما، وأربع قاعات سينمائية تفتح أبوابها يوميا لرواد المهرجان، إلى جانب مبنى آخر يُقام به الحفلات، ويضم مكاتب لـ"أجورا فيلم ماركت"، إضافة إلى مقهى ومطعم.
أيضاً، لاحظت انتشار المقاعد الواسعة الكبيرة التي يبدو بعضها أقرب إلى السرير فيتُاح للمرء الذي يقضي وقتاً طويلاً متنقلاً بين القاعات أن يستريح قليلاً. المكان حافل باليونانيين من جميع الأعمار. في مشهد جميل تأملت ثنائيات العشاق منتشرين في الأرجاء، أو مستلقين على تلك الأرائك الخشبية، بعضهم يتبادل القبل برومانتيكية تجعلك تبتسم فترى الحياة جميلة، أو تراهم منهمكين بحماس في أحاديث جادة أو ضاحكة.. فهل تتذكرون المقاعد الخشبية التي كانت ذات يوم تنتشر في ساحة دار الأوبرا المصرية، ثم أُزيلت على بكرة أبيها، بحجة أن الشباب والشابات- "الحَبِّيبَة" كانوا يجلسون عليها "فيُشوِّهون المنظر" من وجهة نظر البعض؟!
تجريم الحب
هنا راودني خاطر: إذا أردت أن تقهر مجتمعًا إنسانيًا، فقم بتجريم الحب فيه.. قيّده بأغلال الأخلاق وأشياء أخرى، مثل تهمة "ارتكاب فعل فاضح في الطريق العام"، وقتها سيضطر الناس لممارسته في الخفاء.
الناس بحاجة للحب، وسوف يمارسونه مهما وضعت الأغلال، لكن المشكلة في الطريقة التي يُمارس بها الحب، والثمن الذي ستدفعه جراء ممارسته في هذه الحالة.
فإذا كانت دراسات كثيرة وأفلام سينمائية أكدت على أهمية الحب والفعل الساحر للقُبل وقدرتها على تجديد مقاومة الإنسان للمشاكل والصعاب، وأن غياب الحب يقود للأمراض النفسية الخطيرة، فإنه أيضاً يمكن غرس الخوف والذعر بداخل النفوس جراء محاولات ممارسة هذا الحب في الظلام.
ففي حالة المجتمعات الديكتاتورية ستكون ممارسة الحب لها نتائج سلبية، نتائج لن تقف عند الآثار النفسية فقط، لأن هؤلاء العشاق لا يتحركون في النور، وسيضطرون للكذب والإخفاء، سيعيشون كأنهم مصابون بالشيزوفرينيا.
لكن، على صعيد آخر، ستكون تلك العلاقات هي السلاح الذي يتم تهديهم به؛ بتشويه سمعتهم وتدمير حياتهم العائلية ومراكزهم الاجتماعية. إنه الاستغلال الأقذر للحب، لابتزاز الناس، ومساومتهم كي يركعوا ويرضخوا لاستبداد حكامهم.
إعلان