- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
يُحكى في الأثر أن ملكاً أو قائداً أو أميراً، خرج على رأس جيشه لمطاردة كلاب شرسة في البراري، كانت تغير على القرى المجاورة، تنهب البيوت والدور، وتطارد الأطفال، وتنهش لحم النساء، وتسرق ما في خزائنها من أكل وشراب، ولا تترك شيئاً قائماً في طريقها إلا وسحقته تحت أقدامها، ولا ترحل عن الزرع إلا وأتلفته وأهلكته، ولا تدع بناءً واقفاً إلا وخربته، ولا تترك دابة تدب إلا وأزهقتها وأماتتها، ثم تعود إلى البراري مع ضوء الصباح. كل ليلة من الليالي يهب أهل القرية على نباح الكلاب المفترسة وغاراتها المتوحشة، ومهما حاول أهل القرية وشبابها من إغلاق الأبواب آخر النهار، وإحكام إقفالها، وإقامة المتاريس ونشرها حولها، ومحاصرة شوارع القرية بالنار عند مداخلها ومخارجها، إلا أن الكلاب كانت من القوة والشراسة حتى إن هذه المتاريس وهذه الاستحكامات كانت تنهار أمامها، في أول قفزة من قفزات هذه الكلاب الضارية المتوحشة، تخر هذه المتاريس أمام هجمات الكلاب المتسارعة المتلاحقة كالأمواج الهادرة، وتنهار ولا تصمد أمام سيلها الجارف. ضج الناس بالشكوى، واستجار الناس بالناس، ووصلت شكواهم وأنينهم إلى الأمير. الناصحون بين فريقين، وليس كل من نصح سيئ النية أو حسن الطوية، وليس كلهم بجهلاء أو خبراء، لكن هذه آفة قريتنا، من العيب ألا يدلي الجاهل كما العالم بجهالة، وكان أول الناصحين المحافظين الذين ينصحون بإرسال جماعة أو فصيل لمحاربة ومطاردة الكلاب المتوحشة والتخلص منها دون شوشرة أو ضجيج، وتأخذ من الوقت ما تأخذه، يطول أو يقصر ما شاء له أن يطول أو يقصر، ويحصد من أعمار الناس ما يتحصل عليه وما يناله منها، ما دام الأمر يدور ويلف بعيداً عن عيون الناس، فلا نثير حولنا القيل والقال، ولا نهز ثقة القرى المجاورة في الدولة المركزية، ولا نقلب علينا أصحاب العقول الضعيفة التي تتصيد لنا الأخطاء، ونكفي على الخبر ماجور، نعلن عن شيء ونتغافل عن آخر، وننشر على الناس الخفيف من الأخبار ونتغافل عن الثقيل منه، ونعطي للناس على قدر صبرهم، فالناس عندنا نَفَسها قصير، وقوس صبرها ضيق وخفيف، يضيق حين يتسع على الناس، ويتسع حين يضيق على الغير، فتتعجب من شأنهم، فكيف يصبرون على ما لا يصبر عليه الناس؟ وكيف يضيق عليهم ما لا يضيق الناس منه؟ ترتفع معك الهمم إلى عنان السماء، ثم تختفي فجأة، فلا تظهر إلا إذا أشعلت لها ناراً كل يوم كـ"نار قيس بن عمي". أما الناصحون من الفريق الثاني، فنصحوا الأمير بشد الرحال على آخرها، والقوة على أشدها، والعتاد على قوته، والجيوش على بكرة أبيها، وسواعد الرجال على سعتها وعضلاتها، ويرتدي الأمير زي الحرب كرجاله، ويقف يدير المعركة بنفسه، لا يهم أن يحارب الأمير كلاباً، بل يسد الأمير خطراً أشد من خطر البشر، فأنيابها مسمومة، ومخالبها خارقة، وسعارها يسير في الدم؛ فيُحَوِّل الناس كالكلاب تنهش، ويعض بعضها بعضًا حتى الموت، ولا سبيل سوى الخروج بلا عودة حتى اجتثاثها والقضاء عليها، واقتلاعها من جذورها، بلا هوادة أو رحمة، صبر من الناس علينا من صبر، وضاق من الناس علينا من يضيق، فلسنا على هوى الناس وأمزجتهم، تضيق فنضيق معهم، وتتسع فنتوسع معهم، ولو أخذنا الأمر على هوى الناس وصبرهم لا قمنا ولا جلسنا، ولا أكلنا ولا شربنا، ولا بعنا ولا اشترينا على رأي جدتي "وكأنك يا أبوزيد ما غزيت".
على بركة الله تشد رحال الجيش، يتحرك في الليل الساتر، يصل إلى أرض المعركة بعتاده ورجاله، يخترق الحدود والعهود والعقود، غير عابئ بمن أيّد ومن عارض، لا يلتفت، عيناه ثاقبتان شاخصتان إلى الكلاب ترصدها، لم يخرج ليسمع، بل خرج ليبيد، تغلق المنافذ عن الكلاب، وتسد ممرات الهروب، وتدك أنفاق المدد والعون من الكلاب المجاورة، وتدمر عشش الإيواء حتى لا يهرب من يحترق منها، المقتول من هذه الكلاب الضالة المسعورة يدفن ولا يكفن في ترابها تأكله، يجيف في بطنها ولا تلفظه، تتحمل عفونته ولا تتركه يغادرها، حتى يقال إن الكلاب قتلت ودفنت في أرض تجرأت يوماً على المارد، وهبهبت في وجهه، وظنت يوماً أنها تخيفه، فـ"فعصها" بقدميه، ودفنها تحت "بيادته"، لن تخرج هذه الكلاب من أرضها إلا يوم القيامة للحساب والعقاب، إلى نار جهنم خالدين فيها.
الناس في القرى المجاورة يقولون إن المارد لن يعود، سيجلس هناك، ويربط الخيل هناك، ولن يترك هذه الأرض، ويسحب قواته إلى ثكناتها، هنا ثكناته وبيوته وخنادقه وتلاله وتبابه، ومراكزه المتقدمة، فقد كان فيما سبق محروماً من أن يمد رجليه على طولها، وأن يطول بيديه صفحات البلاد يقربها ويطويها كيف يشاء ومتى أراد، يلف بعينيه يميناً وشمالاً وشرقاً وغرباً، يكون قد جال بناظريه على حدوده كلها، من أول قرية في بلاده على شط، إلى آخرها على الشاطئ الآخر.
أيها المارد، لا تَعُد من أرضك إلى أرضك، فلو عدتم عادوا، ولو رفعتم "البيادة" من على رؤوسهم، فستصحو وتهبهب من جديد، لا ترفعوا أقدامكم عن الأرض، كل "البيادات" تتراص بعضها إلى جوار بعض، حتى لا تتنفس الكلاب تحت التراب، دوسوا على كل الأرض، فهي العرض ولا تعودوا. في الأثر قال الرواة إن لون الأرض قد تغير، والزرع قد نما وأثمر، والبيوت ازدانت بثوب العرس، وأغاني الحب والجمال، الكل قد تحرر من الخوف ومن الكلاب الضالة.
إعلان