- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
بدأت الحملة المنظمة للهجوم على مجانية التعليم في مصر منذ مطلع عام 1974، ثم تصاعدت دعوات الهجوم على هذه المجانية مرة تحت شعار "المجانية المسئولة"، وأخرى حول "ترشيد المجانية"، ثم انتقلت منها إلى أروقة المجالس النخبوية الحكومية (32)، وانتقلت توصيات بعض هذه الأوراق إلى سياسات عمل أوصت بالآتي:
(1) الفصل بين المرحلة الإلزامية (الابتدائية والإعدادية) كمرحلة مجانية، وبقية مراحل التعليم على أساس القدرة والاستعداد وفي حدود إمكانيات الدولة.
(2) تكون إعادة القيد مقابل سداد مصروفات توازي تكلفة التعليم الفعلية، أو الإعادة في مدرسة خاصة ذات مصروفات.
(3) تنسحب المجانية على الخدمة التعليمية فقط، أما الخدمات الأخرى فيقدر لها مقابل معقول يتماشى مع التكلفة الفعلية (الكتب– الخدمات التنفيذية– صيانة المباني والتجهيزات والأدوات– الأنشطة– المختبرات– الرعاية الصحية والاجتماعية– المكتبات– الامتحانات)، ويمكن أن يعفى منها غير القادرين بشروط معينة (كتقديم شهادة فقر مثلاً).
(4) مراجعة الكتب المدرسية على أن تصرف للطلاب بثمن التكلفة.
(5) زيادة مصادر تمويل التعليم بالمشاركة الشعبية التي وصلت إلى حد التبرع الإجباري.
(6) استثمار جانب من مدخرات المواطنين لبناء المدارس وتأجيرها بإيجار مناسب.
(7) تشجيع إنشاء المدارس الخاصة ذات المصروفات، وأن يحظى التعليم الخاص بالرعاية الكاملة من جانب أجهزة الدولة (33).
وعلى الفور تشكلت ورش عمل داخل الوزارات المعنية (التربية والتعليم– التعليم العالي) من أجل نقل هذه الأفكار إلى مجال السياسات العامة، وانتقلت من مرحلة إلى أخرى وتمثلت في التعليم الجامعي والعالي في القيام بثلاث خطوات هي:
الخطوة الأولى: البدء في إنشاء أقسام باللغات الأجنبية داخل بعض الكليات الحكومية، مقابل مصروفات باهظة، ثم جرى التوسع في هذه السياسة لتشمل كليات مثل الحقوق والآداب والاقتصاد والعلوم السياسية والتجارة وغيرها.
الخطوة الثانية: التضييق في القبول بكليات ما يسمى القمة من خلال رفع درجات القبول بها لتصل في بعض السنوات إلى 100%، وكحد أدنى 95% مع استمرار هجوم بعض أساتذة كليات الطب ونقيب الأطباء على سياسة القبول المجانية والسهلة في كليات الطب والمطالبة بتقليص الأعداد.
الخطوة الثالثة: ما سمي "التوزيع الاقليمي" للمتقدمين إلى مكتب التنسيق بالجامعات الحكومية، بحيث جرى التضييق على الطلاب وأولياء الأمور في الحصول على مقعد في كلية لا تقع في محيطهم الجغرافي المفتعل لمساكنهم.
كل هذه السياسات وغيرها، مع استمرار حملة إعلامية شرسة قادتها أجهزة إعلامية حكومية ويمينية معادية لمبدأ مجانية التعليم، كانت تهيئ الظروف لقبول قطاع من المجتمع لفكرة إنشاء جامعات خاصة تستوعب أبناءهم بدلاً من السفر والالتحاق بكليات عربية أو أوروبية بعيدة!!.
وهكذا صدر القانون رقم (101) لسنة 1992 بإنشاء الجامعات الخاصة، وخلال خمسة عشر عاماً أصبح لدينا نحو 16 جامعة خاصة تضم 95 كلية وتحتوي بداخلها نحو 95 ألف طالب وطالبة، ثم زاد العدد بحلول عام 2015 إلى أكثر من 23 جامعة خاصة تضم داخلها أكثر من 150 ألف طالب وطالبة، وغاص المجتمع في شكاوى من نوع جديد حول سوء الأداء التعليمي لكثير من هذه الجامعات الخاصة، والخطايا التي تجري بين مدرجاتها ومكاتب أساتذتها خاصة في التخصصات العملية (كالطب– الصيدلة– الهندسة الإلكترونية وغيرها).
وقد قدرنا حجم المصروفات الدراسية التي تحملتها الأسر المصرية في هذه الجامعات الخاصة – دون غيرها من مصروفات الانتقال والدروس الخصوصية وغيرها في عام 2004/2005 فتراوحت بين 475 مليون جنيه إلى 875 مليون جنيه (34)، فإذا أضفنا المصاريف الأخرى فإن الرقم سوف يتجاوز 1.5 مليار جنيه على أقل تقدير (أى بمتوسط تكلفة إجمالية سنوية للطالب تعادل 16.0 ألف جنيه)، وقد تضاعفت هذه النفقات على الأسر المصرية بعد ذلك فقاربت 4.0 مليارات جنيه عام 2015.
وبالإجمال فإن سوق التعليم الخاص (الجامعي وقبل الجامعي) قد تجاوز 15.6 مليار جنيه في العام الدراسي 2004/2005، زاد بعد ذلك حتى قارب 30.0 مليار جنيه عام 2015، وهو مرشح للزيادة والاتساع عاماً بعد آخر بفعل السياسات الحكومية الراهنة التي تدفع الناس دفعاً إلى اللجوء إلى هذا النوع من التعليم وبتأثير سياسة تعويم (تغريق) الجنيه المصرى منذ نوفمبر عام 2016.
دور رجال المال والأعمال في قطاع التعليم وتأثيراته
اتفق خبراء التعليم والتربية في العالم ابتداءً من "بولوفريري" في البرازيل، انتهاءً بأستاذنا "د. حامد عمار" بأن التعليم لم يكن أبداً عملية محايدة بل إنه (عملية سياسية والسياسة عملية تربوية) (35).
وقد ساهم التحول الأيديولوجي في نظام الدولة المصرية بعد عام 1974، من التخطيط إلى اقتصاد السوق في فتح الباب واسعاً إلى خلق طبقة جديدة من رجال المال والأعمال من ناحية، وفي اقتحامهم كل المجالات والقطاعات الإنتاجية والتجارية والخدمية من ناحية أخرى، وكان من هذه القطاعات الحيوية "قطاع التعليم".
وبقدر التحرك البطيء للدولة وتشريعاتها في التحرك خارج نطاق المبدأ الدستوري الخاص بـ"مجانية التعليم" بدءاً بسماح قانون التعليم رقم (139) لسنة 1981 بالتوسع في إنشاء ما يسمى "المدارس التجريبية للغات" بمصروفات، فقد جرى بالمقابل تحريك النصوص القانونية والقرارات الوزارية لتوفير الغطاء القانوني لهذه البنية الجديدة الربحية الهدف والأساس، فجرى تعديل قوانين التعليم (أرقام 68 لسنة 1968 و16 لسنة 1969 و75 لسنة 1970) بإصدار القانون الموحد للتعليم رقم (139) لسنة 1981، الذي جاء بأحكام جديدة وفض مبدأ مجانية التعليم من كثير من مضامينها، انتهاءً بالقانون رقم (155) لسنة 2007 (المعروف بقانون الكادر) المعدل بالقانون رقم (93) لسنة 2012.
فعلى سبيل المثال نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم (139) لسنة 1981، على مبدأ المجانية في مدارس الدولة، ثم عاد ونص في الفقرة الثانية من نفس المادة على جواز "تحصيل مقابل خدمات إضافية تؤدى للتلاميذ".
وفي المادة التاسعة سمح لوزير التعليم بإنشاء مدارس تجريبية بمصروفات.
وفي المادة (11) فتح الباب لما يسمى "الإفادة من الجهود الذاتية للمواطنين" التي فتحت الباب واسعاً لجحيم الابتزاز الرسمي لأولياء أمور الطلاب للحصول على " تبرعاتهم الإجبارية" للمدارس مقابل أداء أية خدمة حتى لو كانت مجرد نقل طالب من فصل إلى فصل، أو قيد الطلاب في المدارس أو غيرها.
وفي المادة (14) عدلت ما كان في السابق بحيث أصبح إعادة قيد الطالب يتم مقابل رسوم يقدرها الوزير سنوياً.
وبرغم أن المادة (12) من القانون (139) لسنة 1981 قد أقرت بمبدأ تشكيل مجالس للآباء في كل مدرسة، مع جواز تشكيل مجالس لاتحاد الطلاب (وإن جاء بصيغة غير إلزامية على جهة الإدارة التعليمية)، فإنها قد عادت، مع توسع دور رجال المال والأعمال، وعدلت من هذا النص في القرار الوزارى رقم (258) الصادر في 11/9/2005، بحيث تغير تشكيل هذا المجلس ومسماه ليصبح "مجلس الأمناء والآباء والمعلمين"، ليشمل في عضويته خمسة أعضاء مما يسمى أفراد المجتمع المدني والشخصيات العامة المهتمين بالعملية التعليمية، ويوزع بقية أعضاء المجلس الخمسة عشر على الآباء والمعلمين والناظر والسكرتير، ليصبح الغلبة فيه لرجال المال والأعمال وأصحاب القدرة المالية.
ومع توسع سوق التعليم في البلاد بحيث يشمل نحو 5600 مدرسة خاصة من جميع الأنواع والمستويات في عام 2009، تضم في صفوفها نحو 1.7 مليون طالب وطالبة، وكذلك الجامعات الخاصة التي زادت على 18 جامعة تضم في مدرجاتها نحو 100 ألف طالب وطالبة، علاوة على نحو 115 معهداً عالياً بمصروفات (تضم بدورها نحو 150 ألف طالب وطالبة)، أصبحت قوة ونفوذ جماعات المال والأعمال تشكل "لوبى" مصالح لا يمكن إنكار تأثيره على السياسات التعليمية والأنساق الثقافية في البلاد.
وقابل كل هذا إهمالاً– شبه متعمد- في دور وكفاءة المدرسة الحكومية– باستثناء فترات محدودة تولى فيها الوزير حسين كامل بهاء الدين المسئولية خلال الفترة من 1991 حتى 2000، الذي حاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر البناء المتسارع والصيانة للمدارس القائمة، بيد أن استبداله في التشكيل الوزاري للدكتور عاطف عبيد، أدى لتفاقم أزمة تعليم أبناء الفقراء والطبقة الوسطى من جهة، وزاد من نفوذ جماعات المصالح الجديدة في قطاع التعليم من جهة أخرى.
وقد حاولنا تقدير حجم هذا "اللوبي" الجديد من الناحيتين الكمية والمالية، ودرجة تأثيره السياسي والثقافي فواجهتنا الحقائق التالية:
أولاً: أصحاب المدارس الخاصة
إذا كان عدد طلاب المدارس الخاصة (لغات) عام 2008 قد بلغ أكثر من 603 آلاف طالب وطالبة وعدد مدارسهم 1926 مدرسة، بينما المدارس (عربي) عددها 2534 مدرسة في ذلك العام تضم نحو 538 ألف طالب وطالبة، ويعمل في هذه المدارس الخاصة نحو 60 ألف مدرس (بمتوسط 14 مدرساً في كل مدرسة) علاوة على عدد آخر من الإداريين وعمال الخدمات المساعدة.
وقد قمنا بدراسة موسعة عام 2008 عن الإنفاق العائلي على الأبناء في هذه المدارس (ووفقاً لمنهج السيناريوهات المتعددة) (29) وتبين أنه قد تجاوز 11.0 مليار جنيه في صورة مصروفات مدرسية فقط، أما إذا أضفنا إليها نفقات التنقلات والاشتراك في (باصات) المدارس، فإن الرقم يزيد إلى 12.5 مليار جنيه (بمتوسط ألف جنيه سنوياً لاشتراك السيارات).
فإذا كان هذا العدد قد تضاعف ليصل عام 2015 إلى نحو 5600 مدرسة خاصة من جميع المستويات (دولية– محلية– متوسطة) تضم في صفوفها نحو 1.7 إلى 2.0 مليون طالب وطالبة، ويعمل بها نحو 70 ألف مدرس وإداري، وتتراوح المصروفات السنوية بين خمسة آلاف جنيه للطالب كحد أدنى، وخمسة وستين ألف جنيه كحد أقصى (قبل تغريق الجنيه المصري في نوفمبر عام 2016)، فلنا أن نتصور حجم اقتصاديات هذا القطاع وحجم الأرباح المحققة فيه.
أي أننا بصدد سوق ضخم تتحرك فيه عدة عشرات من مليارات الجنيهات سنوياً، وتحقق معدلات عالية للأرباح (مع استبعاد تكاليف الدروس الخصوصية وغيرها من النفقات).
ومن جانب آخر فإن أصحاب هذه المدارس يتراوح عددهم بين 28 ألف شخص (بمتوسط 5 شركاء في المدرسة الواحدة) إلى 56.0 ألف شخص (بمتوسط 10 شركاء للمدرسة الواحدة)، وإذا أضفنا إليهم عائلاتهم المستفيدة مالياً واجتماعياً من هذا النفوذ وهذا النشاط الضخم، فإن عدد المستفيدين مباشرة من استمرار هذا اللوبى يقدر بنحو 500 ألف شخص، هذا بخلاف المستفيدين بصورة غير مباشرة من وجود هذا النشاط التعليمي الخاص والتجاري من العاملين في الدوائر الحكومية (وزارة التعليم، ووزارة التعليم العالي، المحافظين وبعض كبار الموظفين في دواوين عموم المحافظات، وبعض أعضاء المجالس المحلية الكائنة فيها هذه المدارس.. الخ).
ثانياً: أصحاب الجامعات والمعاهد الخاصة
حتى عام 1992 لم يكن هناك في مصر سوى جامعة خاصة واحدة تعمل منذ عام 1919، وهي الجامعة الأمريكية بالقاهرة، تضم بين مدرجاتها طلاب الفئات الوسطى والعليا الذين لم يوفقوا غالباً في الالتحاق بالجامعات المصرية الحكومية لتواضع درجات امتحاناتهم في الثانوية العامة.
إذا لم يكن الالتحاق بالجامعة الأمريكية ميزة اجتماعية أو تعليمية حتى عام 1974، عندما تغير المشهد كله في مصر وفي الصدارة منه النظام التعليمي.
أما المعاهد العليا الخاصة فقد ظلت قائمة على تواضع أعدادها وتدني مستوى الملتحقين بها، بسبب تواضع نتائجهم في امتحانات الثانوية العامة، ولم تكن هذه المعاهد تزيد على عشرين معهداً عالياً، كان من أبرزها معهد "التعــاون" بالقاهرة لأصحابه "آل أبوالخير"، وكانت هذه المعاهد العشرين تمنح درجات فوق متوسطة (معاهد متوسطة بعد الثانوية العامة كمعهد السكرتارية أو المعاهد الفنية التجارية)، أو درجات البكالوريوس التجارية المتخصصة، وكان معظم طلابه من الفئات الفقيرة والمتوسطة.
بيد أن عام 1974 وما بعده قد غير المشهد برمته، فزاد عدد هذه المعاهد الخاصة حتى بلغ بنهاية عام 2006 نحو 114 معهداً متعدد المستويات والتخصصات (تجارية – تكنولوجية – معلوماتية.. الخ)، وأصبح عدد طلابه الملتحقين يزيد على 150 ألف طالب وطالبة، وارتفعت مصروفات الالتحاق بها، وقد قمنا بحصر هذه المعاهد العليا الخاصة وصنفناها وفقاً لمصاريفها، مع الإشارة الجديرة بالذكر بأن مصروفات الالتحاق بهذه المعاهد تزداد سنوياً بنسب تتراوح بين 5% إلى 10%، وفقاً لما تراه إدارة هذا المعهد أو ذاك دون رقابة حقيقية من جانب إدارة التعليم الخاص بوزارة التعليم العالي.
وقد قدرنا حجم الإنفاق العائلي على الأبناء في هذه المعاهد عام 2004/2005 فبلغ نحو 450.5 مليون جنيه إلى 556.5 مليون جنيه (31) وذلك دون أن نتطرق إلى الدروس الخصوصية ومصاريف الانتقالات ومذكرات الدروس المعطاة في هذه المعاهد، التي من شأن إدخالها في الصورة أن يتجاوز الإنفاق العائلي نحو 750 إلى 900 مليون جنيه في ذلك العام (بمتوسط 2000 جنيه للطالب سنوياً).
وقد زاد عدد المعاهد الخاصة بحلول عام 2015 إلى 135 معهداً، كما زاد عدد الطلبة الملتحقين بها إلى ما يقارب 200 ألف طالب وطالبة.
************
أما الجامعات الخاصة في مصر فقد زاد عددها بعد عام 1992، فبلغ نحو ثماني عشرة جامعة عام 2009، ثم إلى نحو 23 جامعة خاصة عام 2015، بعضها مملوك لأفراد ومساهمين كبار، باعتبارها مشروعاً ربحياً، وبعضها الآخر مملوك لمؤسسات أجنبية (الجامعة البريطانية– الجامعة الكندية– الجامعة الفرنسية– الجامعة الإلمانية– الجامعة الأمريكية.. الخ)، أو بصورة مشتركة بين شركاء مصريين وأجانب.
على أية حال، لقد شكلت هذه الجامعات والمعاهد الخاصة شبكة مصالح ضخمة ومؤثرة، تتكون من أصحاب هذه المشروعات التعليمية الربحية، ومجالس أمنائها (ومعظمهم من رجال المال والأعمال الكبار ومن رجال الحكم والسياسيين)، علاوة على كادر التدريس الذى تكون معظمه داخل الجامعات والمعاهد الحكومية، واكتسب مرانه ومعارفه بين صفوف طلابها، وبين مدراجات مبانيها ومكتباتها، وكل ذلك في عهد "مجانية التعليم" الذي تحول لدى الكثير من هؤلاء إلى صنم يسب يومياً، وكأنه شهادة القبول إلى عالم البيزنس الجديد..!!
ويقدر حجم هذه الشبكة الواسعة من المستفيدين من هذا النظام الجامعي الخاص بنحو 150 ألف شخص، هذا بخلاف طلابها الذين لم يسعفهم مجهودهم الذاتي وقدراتهم التعليمية للالتحاق بالجامعات الرسمية، أو الحكومية، فكان لقدرات أولياء أمورهم المالية الفضل في إلحاق أبنائهم بمسيرة التعليم العالي بهذه الجامعات الخاصة والمعاهد العليا.
فإذا أضفنا طلاب هذه الجامعات الخاصة وأولياء أمورهم فإن هذه الكتلة الاجتماعية تقدر بنحو نصف مليون إنسان يعملون ويستفيدون من هذا القطاع الخاص الجديد في مجال التعليم.
هذا السوق الضخم بقدر ما جاء نتيجة تركيبة اجتماعية وسياسية جديدة في البلاد، بقدر ما خلق قوى اجتماعية وسياسية واقتصادية تحرص على بقاء هذا الوضع الغريب في قطاع التعليم، بدءاً من الأساتذة الجدد– الذين هم أيضاً أساتذة في الجامعات الحكومية– انتهاءً بأصحاب هذه المؤسسات التعليمية الربحية الطابع، والرأسمالية الأداء والرسالة.
وبين هؤلاء وأولئك يأتي رجال المال والأعمال الذين ساهموا وعززوا هذا النوع من التعليم.
* إهــــداء.. إلى روح أستاذ الأجيال. د. حامـــد عمار
إعلان