لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل الموت موت؟

هل الموت موت؟

أشرف جهاد
09:07 م السبت 07 أبريل 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تمهيد عبثي في صلب الموضوع:

الغرض من الكتابة أحيانًا ليس الفهم، ربما التحايل على هذا الشيء القاتل للكلام. وربما للانتقام من الموت وقتله على ورقة بيضاء.

***

قاعدة أولى قابلة للكسر:

"هذا هو الموت، بدا لي بسيطاً ومختصراً وسريعاً، بهذه البساطة أنت هنا، أنت لم تعد هنا..."، قالها أحمد خالد توفيق، وغادر قبل أيام في صمت، تماماً كما قال لم يعد هنا.. وبقيت "قهوة باليورانيوم".

***

يقول التقويم الكئيب إن سنة مرت على رحيلك الجسدي. موت بين ميلادين، ميلادك وميلادي. ثلاثة أيام مربكة، البساطة أحياناً أكثر تعقيداً مما نعتقد، تتحول إلى "تعقيد غير قابل للاختزال"، نخدع أنفسنا حينها ونصفها بـ"بدا لي بسيطاً".

سنة على الرحيل الموجع، عندما لملمت أوراقك على عجل، بعد ميلادك وقبل ميلادي، ربما بالقاعدة نفسها التي تخيلها توفيق: "بدا لي بسيطاً".

لا بساطة بالمرة في ذلك، المباغتة لا تنهي الوجع، والزمن لا يصلح شيئاً. يتركان مزيجاً غريباً لشعور ممتد لا يوصف. لا تنفع معه المحاولات العبثية للطبطبة على أنفسنا.

***

قبل يوم من الرحيل، كتبت "قال بثقة: هناك لحظات في حياتك تدرك فيها أنك عبرت الجسر لتوك، وأن حياتك عندها تغيرت ولن تعود لسابقتها..."، كنت حينها أستعد لتجاوز عتبة الثالثة والثلاثين. كان المقصود أمراً مهماً، بدا تافهاً جداً حين رحلت، أدركت أنه لا شيء يمكن أن يقارن بهذا التحول.

كل شيء تغير، لم يعد شيء يشبه نفسه، حتى أنا. الغضب نفسه لا يزال يسكنني، هناك ما يقتل كل الكلام قبل أن يولد.

هؤلاء الذين يعتمدون- مثلك- أوراق الرحيل على عجل لا يباغتوننا، نحن من يتجاهل المؤشرات. نغطيها بكل ما نملك، الحقيقة أحياناً موجعة جدًا، ولا تملك سوى أن تدعي أنها لم تحدث.

عندما تلقيت الاتصال الأسود الأول، قررت أن أمسحه تماماً من الذاكرة، ادعيت أنه كابوس كئيب، وأكملت النوم. ولمّا تلقيت بعدها اتصال التعزية الأول بكيت قبل أن أرد. علمت أنه واقع وليس كابوساً كما تمنيت.

***

لملمة الأوراق على عجل:

يقول التقويم نفسه، الذي اخترعه الإنسان ليشنق نفسه بالتواريخ، إنني في الرابعة والثلاثين.

وفي ثلاثينات العمر، تكتمل صورتك الجديدة.. لا يبقى أمر على حاله، يلتهم الواقع كل عالمك. تطير كل مبادئك تلتهم نفسها، فتنتج كائناً جديداً، لا يشبهك بالمرة، وإن سكن جسدك نفسه.

في هذه السن، تدرك القاعدة الأهم: لا تثق في نفسك أبداً.. هذا الذي تدعي أنه كائن جديد ربما يشبه قديمك حد التطابق، لكنك تنكر نفسك، كما فعل بطرس مع المسيح.

***

تساؤل ختامي: هل الموت موت؟

هل تأكل حقيقة حقيقة؟

هل تبطل بنت جنسها؟

تماماً كما يفعل الموت بحيواتنا. يمحوها كأنها لم تكن يوماً، بالبساطة نفسها التي ينتهي فيها فنجان القهوة بشكل مباغت، ويتركك وحيداً غارقاً في اللاشيء الذي يشغلك!!

هل تظن البقاء جوهر الكون ومبدأه؟ هل تظن التغيير قاعدته الثابتة؟ ربما أنت لم تفهمه بعد، فلا شيء يفنى ولا شيء يبقى.

إعلان

إعلان

إعلان