- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
نيروبي (كينيا) - مارينا ميلاد:
كان شعار الروائي والكاتب الفرنسي موباسان، "لنحكِ قصصًا عن أشخاص عاديين في عالم عادي.. المهم اقتناص اللحظة"، تعا نتبع شعار موباسان ونحكي إذن، لكن ما اعتقده أن العالم الذي ذهبت إليه لم يكن عاديًا.
سافرت إلى العاصمة الكينية نيروبي، بحماس شديد اعترضه خوف من الذباب الناقل للأمراض، من الشوارع في الليل، من تدني مستوى المعيشة، من التعامل مع أناس لا نحتك بهم في مصر كثيرًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
قبل هبوط الطائرة بمطار جومو كينياتا (أول رئيس لكينيا بعد الاستقلال عن بريطانيا)، تم رشها لمنع دخول ذباب، وأعلن قائدها أنها إجراءات صحية يفرضها مطار نيروبي، فيما كان أفراد مرتدين جواكت برتقالية تشير إلى أنهم من الرعاية الصحية منتشرين في الخارج، وتفوح رائحة رش نفاذة في محيط المكان.
في صالة الوصول رفعت نساء لافتات مكتوب عليها "تاكسي". انتشرت اللافتات التي تدعو للحفاظ على البيئة، والتي تبعها قرار الحكومة مؤخرا بمنع استخدام الحقائب البلاستيكية في المحال التجارية، وفي الطريق، الذي وجدته آمن عند الساعة الرابعة فجرًا، صادفت نقاط الشرطة، أخبرني السائق إنها تفتش عن السائقين شاربي الكحول لمعاقبتهم، خاصة لانتشار أماكن السهر في الليل.
وفي الفندق، التقيت بجنسيات مختلفة، منهم أوروبيون، جاء بعضهم لعمل سفاري تشتهر به كينيا، وأخرون للعمل في شركات هنا؛ اكتشفت أنها كثيرة ومتقدمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(2)
رغم اشتهار كينيا ببعض المأكولات، أهمها "الأوجالي"، والتي لم أفهم مكوناتها عند شرحها، إلا أن طعام الفندق كان إنجليزيًا خالصًا، فلازال كل شئ هنا متأثرًا بالاحتلال البريطاني الذي ترك كينيا عام 1963، كذلك البيوت قليلة الارتفاع، مائلة السقف.
فرنسيس، أحد العاملين في مطعم الفندق، كان يعمل في مدينة دبي قبل 6 سنوات، ولم يتعلم هناك سوى بعض الكلمات العربية الغارقة وسط لغتيه الأساسيتين كغيره من الكينيين، وهما السواحيلية والإنجليزية، سألته عن الأوضاع، فقال إن "الوضع الاقتصادي جيد لتحسن حال السياحة بعد التفجير الإرهابي الذي استهدف أحد المراكز التجارية في 2013، كما أن سياسة الحكومة محفزة على الاستثمار، وهو ما تعتمد عليه كينيا إلى جانب الزراعة، لكن الناس هنا غير مهتمين كثيرًا بالوضع السياسي، وحكم أوهرو كينياتا الذي ورثه عن والده".
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(3)
ذلك النهار الصاخب في المدينة التي يسكنها نحو 6 مليون شخص من أصل 50 مليون كيني، كانت غيومه كثيفة بسبب الأمطار التي لا تتوقف إلا قليلًا، لم تكن هناك أرصفة ممهدة للمشي على جانبي أغلب الطرق إنما أرض طينية، ينتشر عليها البائعين والبائعات حتى أن منهن من تمسح الأحذية.
تزداد الحركة والنشاط قبل حلول الخامسة مساءً، تنتشر الأتوبيسات العامة المتهالكة بعض الشئ في كل مكان، تخرج منها أصوات الأغنيات، التي جاء أغلبها من الكونغو، بها "كمسري" يجمع الأجرة، التي يقدروها بـ40 شلن للذهاب إلى وسط المدينة.
40 شلن وما يقل أو يزيد قليلا هو أجرة المواصلات العامة، لكن أسعار المنتجات في الأغلب تبدأ من 100 شلن أي واحد دولار، ذلك في حين أن الحد الأدنى للأجور هو 11 ألف شلن (110 دولارا)، والمتوسط 600 دولار فما فوق.
وسط المدينة، هي المنطقة الأكثر ازدحاما وآمانا في كينيا، والتي تضم استديوهات تصوير، شركات سفاري، بنوك، متاجر، بائعين وبائعات يفترشون الأرض، ومحطات خاصة بالدرجات الهوائية، لكنهم لا يفضلونها لأنها مرتفعة الأسعار كونها تنقذهم من الزحام، الذي يبدأ مع الخامسة بانتهاء الأعمال وذهاب المواطنين إلى بيوتهم.
حلت الخامسة مساءً وأنا لازلت في وسط المدينة. في لحظات معدودة، انتشرت الطوابير على كل الأرصفة في انتظار الأتوبيسات الذي لا يعلمون موعد مجيئها في هذا الزحام، هذا ما جعل نيروبي تحتل المرتبة 186 في تصنيف "ميرسر" لجودة المعيشة في المدن لعام 2017، والذي سلط الضوء على الاختناق المروري، وسوء جودة المواصلات العامة.
اضطررت للعودة في تاكسي، وطلب 1000 شلن بالاتفاق وليس بعداد، ذلك للمشوار نفسه الذي كان الأتوبيس حصل فيه على 40 شلنا.
سألت "ألبرت" السائق عن ما يعرفه عن مصر، فقال لي "أعرف أن العنب والبرتقال في مصر جيدين لأننا نستوردهم، أعرف التاريخ المصري، والمنتخب الوطني، أنتم لديكم منتخب قوي، ونحن نشجعه في كأس العالم، أعرف أيضًا محمد صلاح، ومن الرؤساء حسني مبارك، كنا نسمع عنه كثيرًا وعن الثورة المصرية".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4)
تعرفت على دومينيك كيروي، الصحفي الكيني الشاب الذي يعمل بشكل حر، سرنا إلى أحد المراكز التجارية، وهي متواضعة المستوى عكس نظيرتها في مصر، بجانبا تسير نساء مرتديات تنورات قصيرة وفساتين، ولم يكن ذلك كان ملفتا لأحد.
أخبرني دومينيك أن لديهم حوالي 50 محطة تليفزيونية تقريبًا، وحوالي 200 محطة راديو، وأن صحافتهم قوية، تستطيع انتقاد الرئيس والحكومة والسياسيين، ولا يُضر أي صحفي طالما يحمل بطاقة الهوية التي تثبت عمله، والصادرة عن مجلس الإعلام، الذي يوازي نقابة الصحفيين في مصر.
دومينيك كان يحمل الكارنية ومكتوب فيه أنه صحفي حر (Freelancer)، فالمجلس لا يمنع إعطاء الكارنية لمن يثبت مزوالتهم المهنة سواء من صحف أو قنوات أو حتى صحفيين يعملون بشكل مستقل، لذلك من لا يحمل الكارنية يعتبر عمله غير قانوني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5)
كنت أعلم مسبقا من خلال القراءة عن كينيا، أن الكنيسة المصرية "سانت مارك" أو "مارمرقس بالعربية" في نيروبي لها دور مهم، وأنها تقدم خدمات لأطفال الشوارع والأيتام، وأنشئت مستشفى قبطي، بدأتها بمجرد عيادة في التعسينات لتتطور إلى مستشفى تنافس أكبر مستشفيات نيروبي، وتخدم غير القادرين.
كان المجمع الذي يجمع المستشفى والكنيسة وبيوت 30 عائلة قبطية، على بعد أمتار من الفندق، الوضع يبدو منظما، وكل فرد يعرف دوره، ورأيت عند دخولي فتيات كثيرات. التقيت بالأب اليشع، راعي الكنيسة، الذي حكى لي أن هناك 45 كنيسة قبطية أخرى في كينيا، وأن المصريين هنا يعملون أطباء ومهندسين ورجال أعمال، وأن الكينيين يحبونهم، وقدر السفير المصري محمود طلعت عددهم بنحو 1000 شخص في تصريح سابق له.
استوقفني في حديث الأب الشيع ما ذكره عن مساعدة الكنيسة لعاملات الجنس لتغيرن حياتهن وتصبحن عاملات في الكنيسة، فأدركت سريعا أنه يقصد الفتيات اللاتي رأيتهن في الخارج.
لقراءة تفاصيل ذلك: كيف غيرت الكنيسة المصرية في نيروبي حياة "عاملات الجنس"؟
طرقت عشوائيا باب أحد بيوت الأقباط بالمجمع، كان صغيرا ومتواضعا ومحاط بصور القديسين، كان أصحابه هما الدكتور أكرم، الذي يعمل طبيب تخدير بالمستشفى، وزوجته شيرين، التي تعمل محاسبة في نفس المستشفى، قابلتني ابنتهما ميرنا (16 سنة)، والتي قالت لي إن الحياة "مملة" في نيروبي، فهى تقضي يومها بين البيت والمدرسة، ولا شئ جديد تفعله، في حين أن والدتها عندما جاءت قالت إن الحياة هنا لطيفة، واعتادوا عليها منذ أن جاءوا قبل 14 عاما، ويخرجون في عطلة نهاية الأسبوع للمطاعم والمراكز التجارية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(6)
كل ما رأيته سابقا كان شئ، وما رأيته في "مازيرا" كان شيئا أخر، هذا هو العالم "غير العادي" و"غير العادل" أيضًا.
"مازيرا" من الأحياء الكبيرة في جنوب نيروبي، يسكنه حوالي نصف مليون شخص، وهو أكثر أحياءها فقرًا ومرضًا، يشابهه في ذلك حيا أخر يسمى "كيبرا".
على مدخل الحي زرت مدرسة للأطفال (ابتدائية)، تمولها منظمة "توشندي" التي تساعد 92 عائلة من المنطقة في تعليم أولادهم. المدرسة واحدة من 10 مدارس بالحي، وتحاول أن تقدم تعليم جيد، خاصة وأن التعليم في كينيا متقدم، كما عرفت من أحد عضوات المنظمة، والتي أصبحت مرشدتي في الحي بعد ذلك.
كانت المدرسة ذات إمكانيات بسيطة للغاية، أعداد أطفالها ليست كبيرة، وجوههم مبتسمة رغم ما يعانونه، رأيتهم ينظفون مدرستهم، وحين سألت مدرستهم عن سبب ذلك، قالت لي "إنه تقليد متبع ليجعولنهم أشخاص مسؤولين".
يمكن في هذا الحي أن ترى المرض بعينيك ! نعم تراه ظاهرا على أشخاص وأطفال وكلاب في الشوارع. لا أرض ممهدة بل طين فقط، لا بيوت إنما أكشاك صفيح، لا ملابس جيدة إنما ملابس مهلهلة وممزقة.
علمت من مرشدتنا أن كثير من الأموال الخاصة بالمنظمات تأتي لهذه الأحياء لكنها لا تصل، وبينما تحكي ذلك أشارت على مستشفى، وقالت إنها الوحيدة الموجودة لخدمة أهالي الحي، وعلى الجهة الأخرى كانت المكتبة الوحيدة أيضًا التي يذهب إليها الأطفال للقراءة مجانا.
لاحظت انتشار عربات بيع البطاطس بكثرة، كذلك أكشاك "الحلاقين"، و"الكوافير" لفتيات الحي.
حذرتنا مرشدتنا من تصوير أي شخص دون الرجوع إليها، لأن هنا حي ليس آمن، ويمكن أن يُسرق أي شئ، والشرطة لا تستطيع دخوله أو السيطرة عليه.
مررنا بجانب بعض الأفراد التابعين للحكومة الذين جاءوا لتطعيم الأطفال، وتعليم البيت الذي تم تطعيم أطفاله بالطباشير الأبيض، ثم تخطيناهم وبالدخول في ممر ثم ممر أخر، قابلنا كريستينا أكومو (32 سنة)، التي كانت تحمل طفل رضيع، ظناه في بداية الأمر نجلها، لكن تبين أنه نجل ابنتها ميرينا البالغة من العمر 16 سنة.
ميرينا تعرضت لـ"عنف جنسي" –كما وصفوه باللغة الإنجليزية- من أحد الشباب، حاول والدها وليام أووينو (44 سنة) تعقبه، وقدم بلاغ في نقطة الشرطة ضده، لكنه هرب.
ترك والدها عمله، وهو الخياطة، لفترة بعد ذلك ليكون بجانبها، وبالفعل عادت ميرينا إلى المدرسة، وبدأت تجاوز الأمر. لم نستطع مقابلة ميرينا التي كانت في مدرستها.
قالت لنا كريستينا إنها كانت تمتلك خبرة الخياطة أيضا مثل زوجها، لكنها لا تعمل بها لترعى أطفالها الأربعة وتساعد ابنتها ميرينا، وهى تصلي لها طوال الوقت لتتحسن حياتها وتجد شخصا تستحقه.
لكن وليام يتحمل مسؤولية أخرى وهو نصح ابنته الصغرى جيسكا (11 عاما) والحفاظ عليها حتى لا تلقى مصير شقيقتها ميرينا.
يجب أن نغادر قبل الشمس، لأن مع غيابها تبدأ الجرائم، وأثناء سيرنا تتبعنا الأطفال طوال الوقت مرحبين بنا، قائلين "ساسا" أي مرحبا، وأخذوا يشيرون إلى أصحاب البشرة البيضاء.
إعلان