لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف نكتشف مواهب أطفالنا في نظامنا التعليمي (3)

كيف نكتشف مواهب أطفالنا في نظامنا التعليمي (3)

د. عبد الخالق فاروق
09:00 م الخميس 14 يونيو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

برنامج النشاط الصيفي .. آلية مجتمعية

وسط هذا الفراغ استهدفت قوى عديدة بعضها محلي (كالجماعات الإسلامية السياسية وعصابات المخدرات) وبعضها أجنبي (برامج بذور السلام على سبيل المثال) وغيرها اختراق قطاعات الشباب المصري وإعادة صياغة وجدانه وذاكرته الوطنية والقومية، وفي خضم الصراع الضاري بين الدولة وأجهزتها من جهة والجماعات الإرهابية الدينية من جهة أخري منذ مطلع التسعينيات انتبه بعض المسئولين عن التعليم لمخاطر الوضع فصاغوا مفهومًا للربط بين "التعليم والأمن القومي".

وبرغم تقديرنا لتلك الجهود الدؤوبة والمخلصة لتطوير التعليم قبل الجامعي خلال السنوات العشر التي قضاها وزير التعليم د. حسين كامل بهاء الدين، فإن هناك ثغرة إبليس ما زالت تنخر في البناء التعليمي ونقصد بها "إدمان الدروس الخصوصية" وضعف كفاءة التعليم الرسمي لأسباب باتت معروفة ومفهومة لدي الجميع.

إن نظامنا التعليمي والقيمي سيظل على ما هو عليه مهما أنفقنا على بناء وتشييد المدارس طالما أن قيمة القدوة والأستاذية وهما حصن الدفاع الأول عن مستقبل الأجيال الجديدة، قد اندثرت وسط مستنقع الدروس الخصوصية.

لذا تقوم فلسفة "برنامج النشاط الصيفي" على مفهوم العمل الإيجابي بدلا من نظرية ملء الفراغ وذلك من خلال:

1- خلق آلية مجتمعية متكاملة للنشاط القومي بين التلاميذ والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات و18 سنة والمنتظمين في سلك التعليم قبل الجامعي والبالغ عددهم نحو 20 مليون تلميذ عام 2017، وإيجاد هذه الآلية المجتمعية سينهي عمليًا منطق "الجزيرة المعزولة" التي تعمل وفقًا لها كل وزارة من وزارات الدولة المعنية بهذا القطاع (الشباب- التعليم- الثقافة- الإعلام– الطفولة). فنحن لا نملك ترف ترك مستقبل مصر وأجيالها الجديدة يحكمه أداء بيروقراطي وعقلية إدارية تابعة لهذه الوزارة، أو تلك يعاني العاملون فيها من الإحباط بسبب ظروفهم المعيشية والاقتصادية المتواضعة.

2- يؤدي تنفيذ المخطط الخاص ببرنامج النشاط الصيفي بالدقة والحماس المطلوبين إلى اكتشاف آلاف المبدعين والموهوبين في كافة مجالات الأنشطة والفنون والآداب والعلوم، بما يجدد وينشط الدورة الدموية للمجتمع الذي أصيب بتصلب الشرايين وضعف مستوي الموهبة وتضاءل عدد الموهوبين في كافة المجالات خلال العقود الأربعة الماضية.

3- وقف الاختراق المتعدد المصادر لمنظومة الشباب والتعليم من خلال نشاط وطني منظم ومثمر تشارك فيه المؤسسات المسئولة وترعاه أعلى قيادة سياسية وأدبية في البلاد.

4- سيوفر هذا النشاط الصيفي فرصًا جديدة للمدرسين والمشرفين على هذه الأنشطة المهملة واقعيًا في أدائنا التعليمي والمنسية فعليًا طوال العام الدراسي، للإبداع وتحسين مستوي دخولهم عبر نظام جيد للحوافز والمكافآت، ومن المقدر أن يشارك في هذا النشاط ما يربو على 50 ألفًا من المدرسين المتخصصين، والعاملين في مديريات الشباب والرياضة بالمحافظات وقصور الثقافة وأجهزة الإعلام .

5- يتم دمج "مهرجان القراءة للجميع" الذي كان بمثابة أول حجر في بركة الخمود والخمول الصيفي في هذا المشروع القومي، وتطوير فاعلياته كما سوف نعرض . فالتحدي الحقيقي الذي يواجهنا هو كيف نجعل من النشاط المدرسي متعة للطفل ومكسبًا للأسرة المصرية، واكتشاف مجتمعنا للمبدعين والموهوبين .

والآن.. كيف نصوغ هذه الآلية المجتمعية ونضمن لها البقاء والاستمرار؟

حتى يتحقق هذا ينبغي بادئ ذي، تولي القيادة السياسية بكل ثقلها الدستوري والأدبي اهتمامًا خاصًا لهذا البرنامج وآليات تنفيذه، ثم يأتي الإطار التنفيذي:

أولا: تشكيل اللجنة الوزارية لبرنامج النشاط الصيفي مكونة من السادة:

1- وزير التربية والتعليم.

2- . وزير التعليم العالي.

3- وزير الشباب والرياضة.

4- وزير الأعلام أو من يقوم محله.

5- وزير الثقافة.

6- أمين عام مجلس الطفولة والأمومة.

تتولي هذه اللجنة رسم السياسة العامة لبرنامج النشاط الصيفي، ووسائل تنفيذها وتوفير مصادر التمويل الحكومية والخاصة وأهم هذه الإجراءات العملية والتنفيذية:

1- الإعلان في كل مدارس الجمهورية وفي جميع المناطق التعليمية وقبل إعلان نتائج امتحانات نهاية العام الدراسي عن الأنشطة التي سيجري العمل بها، ونظام المسابقات بين المحافظات المختلفة، والمناطق التعليمية داخل كل محافظة على حدة وهذه الأنشطة هي:

- الأنشطة الرياضية المختلفة (كرة قدم، سلة، سباحة .. إلخ).

- الأنشطة الفنية التمثيلية والتشكيلية (الرسم، النحت، الزخرفة).

- الأنشطة الموسيقية (فردي، جماعي، آلات مختلفة).

- الأنشطة الأدبية (الشعر، القصة، المسرحية .. إلخ) .

- المسابقات العلمية (الابتكار، القراءة.. إلخ).

- أنشطة البيئة (فرق للتجميل أو حل بعض المشكلات البيئية) .

2- يتم تسجيل الأسماء لدي كل مدرسة برسم رمزي لا يزيد على خمسة جنيهات لكل تلميذ، في المناطق التعليمية ويعلن في نفس الوقت عن قيمة الجوائز المخصصة للأعمال المتميزة على نطاق كل منطقة، وكل محافظة وعلى مستوي الجمهورية.

3- تشكل في كل محافظة لجنة موازية من وكلاء الوزارات المعنية، ويشارك مسئول القناة التليفزيونية الإقليمية ومسئول على المستوي من المجلس القومي للطفولة والأمومة، تتولي هذه اللجان الإشراف والتنفيذ اليومي للسياسات التي حددتها اللجنة الوزارية العليا في كافة المدارس والمراكز الشبابية المشاركة في البرنامج .

4- تشارك في هذه الأنشطة الصيفية:

-نصف المباني المدرسية بالمحافظة والتي تتوافر بها أماكن وملاعب ومعامل لممارسة هذه الأنشطة أي ما يعادل 15 ألف مدرسة حكومية وخاصة.

- مراكز الشباب المتميزة بالمحافظات ويقدر عددها بنحو 1000 مركز. - قصور الثقافة بالمحافظات.

- القنوات التليفزيونية الإقليمية والبرامج الرياضية والثقافية بالقنوات الرئيسية .

5- كما يشارك في تنفيذ هذه الأنشطة:

- جميع مدرسي ومعلمي ومشرفي هذه الأنشطة بمدارس المحافظات، مع مراعاة جداول الإجازات والمصايف لهؤلاء المدرسين.

- جميع مسئولي مراكز الشباب.

- العاملون بقصور الثقافة بالمحافظات.

- أطقم محددة من القنوات التليفزيونية الإقليمية والرئيسية.

6- تمنح مكافآت وحوافز جيدة للمشاركين من المدرسين والمشرفين وغيرهم مع الرقابة الجيدة لوقف أي مظاهر للفساد المالي، وحتي لا يتحول هذا النشاط الجاد والاستراتيجي إلى مجرد مولد للإنفاق.

ثانيا: تكاليف التنفيذ وسبل التمويل

*********************

يقدر عدد المشاركين من طلبة المدارس في العام الأول -إذا ما أحسن التخطيط والإعلان- وعرض مزايا وفوائد وجوائز هذا البرنامج بنحو 1/5 طلبة المدارس أي ما يعادل ثلاثة ملايين تلميذ، قد يتزايد بعد ذلك عندما يثبت للجميع نتائج هذا النشاط.

ومن المقدر أن يتكلف البرنامج خلال شهور الصيف الثلاثة بين 300 مليون جنيه إلى 400 مليون جنيه تتمثل في:

1- مكافآت وحوافز المدرسين والمشرفين المشاركين والمقدر أن يصل عددهم إلى 50 ألف شخص (بمتوسط مدرس أو مشرف نشاط لكل 60 تلميذا)، وبهذا سيصل متوسط الحوافز والمكافآت من ألفين إلى ثلاثة آلاف جنيه لكل مدرس ومشرف.

2- مكافآت المتسابقين والفائزين والتي تتوزع بين الفرق الجماعية الفائزة (فرق رياضية، فرق موسيقية.. إلخ) أو فائزين أفراد (علوم، آداب، فن، رسم، زخرفة.. إلخ).

وتقدر عدد الجوائز في هذه المسابقات بنحو 10آلاف جائزة تتراوح قيمتها بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف جنيه بعضها في صورة نقدية، وبعضها الآخر في صورة أجهزة كمبيوتر، أو سلسلة مطبوعات كاملة من إصدارات مكتبة الأسرة أو غيرها.

3- مكافآت أطقم التغطية الإعلامية بالقنوات التليفزيونية الرئيسية والإقليمية

أما عن تمويل هذا البرنامج فسيكون من مصادر ثلاثة هي:

أ - موازنات الوزارات المعنية مثل وزارة الشباب والتعليم والبيئة والثقافة والإعلام وبنسبة 50% من إجمالي تكاليف البرنامج .

ب- تبرعات رجال الأعمال وجمعياتهم وبنسبة 25%

ج - المنظمات الدولية المتخصصة والمعنية ببرامج الطفولة والشباب مثل اليونيسيف والمجلس العربي للطفولة.. وغيرها.

ويتعزز موقف برنامج النشاط الصيفي سنويا بفعل اتساع قاعدة المشاركين فيه والمهتمين به، وبالمبدعين والموهوبين الذين سيكشف عنهم، سواء في الأنشطة الرياضية أو الفنية أو العلمية، أو غيرها وهو ما يشكل إثراءً وتجديدًا في الحياة المصرية، ويحمي هذا النشء من مزالق الانحراف الناتج عن فراغ وتيه طال أمده وحان وقت التصدي له وهو ما سينعكس حتما في أدائنا المجتمعي خلال العقود القادمة.

فهل من مجيب ..........؟

إعلان

إعلان

إعلان