- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
ثقافتنا الموروثة تستهجن الاستدانة. في الموروث الشعبي عشرات الأمثال في هجاء الاقتراض والقروض والديون والاستدانة لأن "فقر بلا دين غنى كامل". "السلف تلف والرد خسارة"، هكذا يقول المثل الشعبي، فمن يقترض المال تتلف أموره، وحتى لا يستكمل هذه الخطيئة إلى نهايتها، فالمثل الشعبي ينصحه بالامتناع عن رد الدين تجنبا للخسارة. "الدين هم بالليل وذل بالنهار"، فحياة المدين هى حالة من النكد الدائم، ينام ليله وهو مهموم يفكر في طريقة يسدد بها دينه، ويستيقظ نهارا وهو ذليل من ملاحقة دائنيه. الموروث الشعبي يرى أن "الدين سواد الخدين"، فالدين يجلب لصاحبه إحساسا بالعار، لا يصح للمدين معه أن يمشي رافعا رأسه بافتخار لأن "اللي يدق صدره يدفع اللي عليه"
في مواجهة هذا الموروث يروج البنك المركزي لحملة تدعو الناس للاقتراض من أجل الاستثمار وبناء حياة أفضل؛ فعلى عكس الذل والعار الذي يلحق بالمدين في الثقافة الشعبية، استطاع المقترضون، في إعلانات الشمول المالي التي يرعاها البنك المركزي، تحقيق قفزة كبيرة في دخولهم ومستويات معيشاتهم.
حملة البنك المركزي تسعى لتغيير الثقافة الراسخة لطبقات شعبية ليس لها سابق خبرة بالتعاملات المالية المصرفية الحديثة، وما زال لديها شكوك فيما إذا كان التعامل مع البنوك حلال شرعا، أم أن الفوائد التي نحصل عليها من البنوك، أو ندفعها لها، هى ربا ينطبق عليه التحريم الشرعي.
تاريخيا، مثلت المشاعر الدينية السلبية تجاه الفائدة أحد معوقات النمو الاقتصادي في بلادنا. فبينما كان النبهاء من أصحاب المبادرات والأفكار في بلاد الغرب يحصلون على القروض اللازمة لتحويل ابتكاراتهم واختراعاتهم إلى مصانع تخلق فرص عمل، وإلى منتجات يحتاجها الناس لتسهيل الحياة ورفع مستوى المعيشة، بينما كان هذا يحدث في بلاد الغرب، كان الناس في بلادنا يخشون شبهة الربا، فلا يلجأون للاقتراض إلا في أضيق الحدود، وتحت ضغط الضرورة القصوى. فالقرض المفضل في تقاليدنا هو القرض الحسن، الذي لا يعود على المقرض بأي منفعة، اللهم إلا الحسنات التي تكتب له عند رب العالمين. قروض كهذه لم تكن تغري الكثيرين لتقديمها؛ وإن قدموها، فإنهم يقدمونها لأشد الناس فقرا، أي إلى هؤلاء الذين يحتاجون المال لسد حاجة، وليس لاستثمار يزيد ثروة المجتمع.
نشأت المصارف في بلاد الغرب قبل بدء النهضة الاقتصادية الرأسمالية، فوجود المصارف كان أحد شروط الانطلاقة الكبرى للتنمية الاقتصادية الرأسمالية التي صنعت حضارة الغرب المعاصر، والتي مكنت الغرب من أن يسبق كل حضارات العالم الأخرى، فنشأت فجوة كبيرة بين الغرب والآخرين، وهى الفجوة التي عبرتها اليابان وكوريا والصين، بينما ما زالت بلادنا ضمن هؤلاء الذين يجاهدون للحاق بالغرب.
مصارف الغرب هى مؤسسات لديها أموال كثيرة، تقدمها لأصحاب الأفكار الخلاقة القادرين على استثمار المال وتحقيق الربح، فيحققون لأنفسهم ثروة، ويزيدون من ثروة البنك صاحب القرض. توجد أدلة تاريخية على أن الإقراض لأغراض تجارية كان معروفا منذ عدة قرون قبل الميلاد في اليونان وبلاد الرومان والصين وفي بلاد ما بين النهرين أثناء الحضارتين السومرية والآشورية.
لا يوجد في الآثار الباقية للحضارة المصرية ما يشير إلى أن مصر القديمة عرفت هذه الممارسة، فهل لهذا أي دلالة؟ وهل لهذا صلة بالانهيار الكبير الذي لحق بالحضارة المصرية تحت ضغط حضارات عرفت أنشطة التجارة والإقراض على نطاق واسع، مثل الحضارتين اليونانية والرومانية؟
البداية الحقيقية للبنوك التجارية المعروفة اليوم ترجع إلى عصر النهضة الإيطالية، في القرن الرابع عشر، فبينما كانت القرون الوسطى تستعد للاختفاء، وكانت الرأسمالية الحديثة تدخل عصر الازدهار في مدن شمال ووسط إيطاليا، ازدهرت أنشطة الإقراض المنظم في شكل البنوك الحديثة، تلبية لاحتياجات التجار، وما زال أقدم بنك في العالم، وهو بنك "مونتي دي باتشي دي سيينا"، الذي تم تأسيسه في عام 1472، ما زال هذا البنك يعمل حتى اليوم، محتلا مكانة رابع أكبر بنك في إيطاليا.
تخصصت البنوك الأوروبية في تمويل التجارة والاستثمار، بعيدا عن تقديم الأموال لفقراء لا يجدون ما يسدون به جوعهم. بالمقابل ظهرت في أوروبا مكاتب الرهونات لتلبية احتياج الفقراء للمال، وفيها يقوم المقترض بوضع أحد ممتلكاته، مجوهرات مثلا، تحت سيطرة مكتب الرهونات، ويحصل مقابل ذلك على مبلغ من المال، يقوم بسداده مضافا إليه فائدة قبل أن يسترد ممتلكاته المرهونة. بالغت مكاتب الرهونات في أرباحها وأرهقت الفقراء بمطالبها، فنظمت الكنيسة الكاثوليكية مكاتب الرهونات ذات الفائدة المنخفضة لمقاومة جشع المرابين. بدأت مكاتب الرهونات الكنسية في الظهور منذ النصف الأخير من القرن الخامس عشر، وما زالت موجودة في أوروبا وأمريكا حتى يومنا هذا؛ وهكذا طورت أوربا البنوك لتمويل الاستثمار، ومكاتب الرهونات لسد حاجات الفقراء، فازدهر الاقتصاد وارتفعت مستويات المعيشة؛ وها نحن بعد أكثر من خمسة قرون نجاهد من أجل تحقيق الشمول المالي، ولكن أن تصل متأخرا أفضل من ألا تصل أبدا.
إعلان