- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
ينبع ارتباط التصورات والاستعارات السياسية بكرة القدم من خمسة أشياء، الأول: أن العملية السياسية تبدو معقدة للغاية، نظراً لتداخلها الشديد مع حقول معرفية ونشاطات إنسانية أخرى، ويأتي التحليل ليبسطها عبر نماذج تأخذ أشكالاً مختلفة تتراوح بين الكلام اللفظي الصرف والحسابات الرياضية الدقيقة، وهي أنها عملية تتسم بالشمول، إلى حد كبير، إذ إن كل النشاطات البشرية قابلة للتسييس عندما تدخل في صميم اهتمامات السلطة السياسية.
ويمكننا في ركاب هذا تحليل القيم الاجتماعية والسياسية الكامنة في بطولة الدوري العام، لندرك أنها مليئة بالعبر والعظات، وتقدم لنا لوحة عريضة مرصّعة بمشاهد عدة يمكنها إن تجاورت أو توازت أو حتى تتابعت أن تشرح لنا، وتكشف لنا، جانباً من الخصال الاجتماعية للشعب في هذه اللحظة من تاريخه، منها ما هو إيجابي، وهو ليس بالقليل، ومنها نشر ثقافة اعتباطية وعشوائية تركن إلى أن الفائز فريق محظوظ، ويهزم خصومه عن طريق الصدفة، وأن هناك تواطؤاً لصالحه، وتوجد مؤامرة على منافسيه. وهناك أيضا الانحياز إلى التحايل على حساب الحقائق الجلية، ومنها أن المثابر ينتصر ولو بعد حين، وأن الإيمان بالتراكم يدفعنا إلى الأمام.
والثاني: هو تبادل المنافع والتأثير، الذي لا يخلو من تبادل الاستعارات، بين الكرة والسياسة، وهي مسألة تختلف وفق طبيعة النظام السياسي، ففي النظم الديمقراطية يوجد تمايز بين الرياضة وفرقها وبطولاتها ونجاحاتها وبين العمل السياسي والحزبي، بحيث "لا تؤثر الرياضة في العمليات السياسية، والمنافسة الحرة بين الأحزاب والسياسيين، ولا تؤثر الهزيمة أو النصر على مآلات العمليات السياسية وشعبية الطبقة السياسية الحاكمة، إلا نادراً واستثناء. أما في النظم السياسية الشمولية والتسلطية لايزال للرياضة بعض الدور النسبي وبعض التأثير على مكانة بعض السياسيين من حيث الشهرة والذيوع والمكانة، خاصة بعض ذوي الاهتمامات الرياضية لبعض الفرق الوطنية أو القومية في هذا الصدد"، كما يقول المفكر الكبير نبيل عبد الفتاح.
أما في الدول الشمولية والتسلطية فتلعب الرياضية وكرة القدم عديداً من الأدوار السياسية التي يستخدمها رجال السياسة، ومن بينها "توظيف الرياضة في بناء الهويات القومية، وتحقيق التماسك الجماعي، والولاءات الكبرى باسم الوطنية، أو القومية، من خلال قدرة الفرق القومية على استقطاب الولاءات ما فوق الأولية القائمة على القبيلة والعشيرة والدين والمذهب واللغة والعرق والمنطقة والشرائح الاجتماعية المتصارعة، واستعمال كرة القدم كمصدر للتعبئة الوطنية والاجتماعية، وإحدى قنوات استقطاب الاهتمامات العامة للجماهير خارج المجال السياسي، والتعامل مع الفرق الكبرى بديلاً للانشغال بالحياة الحزبية".
كما يمكن النظر إلى كرة القدم أو استعارتها في تحليل طبيعة السياق الذي يحيط بالنظام السياسي برمّته، فعلى سبيل المثال، يرى الصحفي البريطاني بارني روناي أن كرة القدم ضاربة بجذورها داخل المجتمعات البريطانية الصغيرة، وأن أندية الدوري الممتاز هي امتداد لكنيسة الحي الذي ذهب إليه الأجداد، أو الحانة التي اعتادوا الذهاب إليها ليلًا، وأن كرة القدم كانت هي الحصن الأخير ضد الفكرة التاتشرية الأصلية التي لا تعترف بشيء اسمه المجتمع، في إشارة لحقبة الثمانينيات التي زادت فيها النزعة النيوليبرالية.
ولم يكن رئيس أورجواي خوسيه باييه، ذو المرجعية اليسارية، يمزح حين وضع كرة القدم ضمن خطة إعادة التأهيل البدني لأطفال بلاده، والتي كانت بحاجة إلى ثورة حقيقية، لترتبط اللعبة بقرارات مجانية التعليم، وتعميم تدريس التربية البدنية. وسمحت تغييرات باييه بخوض لاعبي الكرة في أوروجواي غمار دوري عمالي نظمته القوى الشيوعية المحلية انطلق مع بداية العشرينيات، وبعد أقل من عقد واحد كانت أورجواي تتسيّد العالم في كرة القدم، وتتقدم على التوازي في التنمية والنمو بما جعلها تتصدر وقتها قارة أمريكا اللاتينية في مستوى معيشة الفرد.
كما وجدنا امتزاج الاشتراكية بالكرة في الأساليب التي تحكم العمل في نادي "تشي جيفارا الاجتماعي الشبابي"، قرب مدينة قرطبة الأرجنتينية، الذي يقوم بتنمية النشء، وتحسين الأوضاع المعيشية والثقافية للمجتمعات متوسطة الحال في الإقليم.
والثالث أن كرة القدم من الممكن أن تمنح اللاعبين الذين لهم اهتمامات سياسية القدرة على أن يلعبوا دوراً سياسياً بارزاً، سواء أثناء ممارستهم اللعبة، أو بعد اعتزالهم. فعلى سبيل المثال، أعطت كرة القدم الليبيري جورج ويا الذي لعب لفريق "إيه. سي. ميلان" وفاز بجائزة أفضل لاعب في العالم عام 1995، رأسمالاً اجتماعياً، وقدرات مادية فارقة نسبة إلى مواطني بلاده، وكذلك صيتاً وذيوعاً واسعاً.
وقد كسب سيلفيو بيرلسكوني، صاحب نادي ميلان، الانتخابات، وصار رئيس وزراء إيطاليا تحت شعار "قوة إيطاليا" المأخوذة من مدرجات ملاعب كرة القدم، حين وعد بأن ينقذ البلاد من أزمتها مثلما أنقذ فريق ميلان. واستغل نجم كرة القدم البرازيلية رونالدينيو غاوتشو، الذي حصل على لقب أفضل لاعب في العالم 2005، شهرته في الانضمام إلى صفوف الحزب الجمهوري البرازيلي، الذي يعد الذراع السياسية للكنيسة العالمية لملكوت الله الانجيلية، ودخل بقوة في المساهمة في مشاريع الحزب، ومقترحاته على المستويين المحلي والفيدرالي.
والرابع هو أن كرة القدم لم تعد لعبة، بل عملية اجتماعية واقتصادية وسياسية وفنية متكاملة إلى جانب كونها مباراة رياضية، فهناك حكومات تُعنى بالكرة إما إرضاء لشعوبها أو سعياً إلى خداعها واستغلال فوز يحققه الفريق الوطني لأغراض سياسية. فالحكومات المأزومة مثلاً، أو التي تفتقد الشرعية أو المشروعية أو كلتيهما، تسطو على فوز المنتخب الوطني لكرة القدم لبلدها وتنسبه لنفسها أو لسياستها وتحوّله إلى نصر وطني. والمثل الصارخ على هذا ما فعلته الحكومات العسكرية في أمريكا اللاتينية في ستينيات وثمانينيات القرن العشرين، خصوصاً في البرازيل والأرجنتين. فالعسكريون الذين استولوا على السلطة في البرازيل عام 1964 استغلوا فوز منتخب بلادهم بمونديال 1970 لتثبيت حكمهم، وكان فوز الأرجنتين بمونديال 1978 نقطة تحوّل باتجاه إضفاء شرعية على الحكم العسكري للبلاد، الذي سعى إلى إقناع هذا الشعب بأن فوز منتخبه الوطني على بريطانيا في مونديال 1986 بهدفين يعتبر تعويضاً عن الهزيمة العسكرية للجيش الأرجنتيني في حرب الفوكلاند.
وما سبق هو نوع من استعارة كرة القدم في ساحة السياسة كإنجاز، أو أحد الأسباب المكسبة للشرعية أو المعززة لها، لكن هناك استعارة أكثر عمقاً ورمزية، تتمثل في التعامل مع كرة القدم كراية، فاللاعب ينطلق بالكرة بين قدميه، ولون العلم الوطني على صدره، مجسداً الأمة لاقتحام الأمجاد في ميادين معارك بعيدة.
وربح الإيطاليون مونديالي 1934 و 1938 باسم الوطن وموسوليني، وكانوا يهتفون قبل كل مباراة "تحيا إيطاليا"، ثم يحيون الجمهور، بالتحية التي تعارف عليها الفاشيون، حيث يبسطون راحات أياديهم المرفوعة. وأعدم هتلر فريق دينامو كييف أثناء الاحتلال الألماني لأوكرانيا لأنه رفض الامتثال لأوامر الطاغية بالانهزام أمام منتخب ألمانيا، وفاز عليه. أما موسوليني فقد أرسل برقية من ثلاث كلمات إلى منتخب إيطاليا قبل خوضه المباراة النهائية لمونديال 1934 ضد المجر تقول: "الفوز أو الموت".
وشكل الصليب الأحمر في باراجواي فريقاً لكرة القدم جاب الأرجنتين وأوروجواي ليجمع أموالاً لعلاج مصابي الحرب التي اندلعت عام 1934 بين باراجواي وبوليفيا على منطقة حدودية مقفرة.
وأرسلت حكومة الجمهورية الباسكية فريقها ليجوب فرنسا فيجمع أموالاً لمساعدة المنكوبين من الحرب التي شنها فرانكو على الجمهورية. وفعل فريق برشلونة الأمر نفسه فأبحر إلى أمريكا وسقط رئيسه صريعا عام 1937 برصاص رجال الدكتاتور، الذي لم يكن أقل اهتماماً بتوظيف كرة القدم في تحسين صورة نظام حكمه من خلال فريق ريال مدريد، حيث راح يربح البطولة تلو الأخرى، ويبهر العالم بطريقة لعبه، حتى إن أحد قادة نظام فرانكو وقف ذات يوم أمام الفريق وقال: "أناس كانوا يكرهوننا في السابق صاروا الآن يفهموننا بسببكم". وكانت كرة القدم واحدة من أوسع الأبواب التي عادت بها ألمانيا إلى العالم بعد قطيعة أعقبت هزيمة النازي في الحرب العالمية الثانية، حين شاركت في مونديال 1954.
(ونكمل الأسبوع المقبل إن شاء الله تعالى)
إعلان