لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من "خليها تصدي" إلى "خليها تبور وتعنس" !

محمد حسن الألفي

من "خليها تصدي" إلى "خليها تبور وتعنس" !

محمد حسن الألفي
09:00 م الثلاثاء 29 يناير 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

هي بالفعل أول حرب ضاحكة ومضحكة، منذ سنوات في مصر ...

ليس صحيحًا أبدًا أن الفيسبوك في مصر هو صفحة وفيات كبيرة، ولا هو سرادق عزاءات من نوع عمر مكرم والحامدية الشاذلية، وبالقدر ذاته هو ليس مأوى المشردين من الصحفيين، واللاجئين مهنيا ولا الباحثين عن الشهرة، ولا مروجي الأكاذيب وأنصاف الحقائق، ولا صائدي العلاقات! هو ليس هذا كله فقط !

الفيسبوك مسرح كوميدي كبير بقدر ما هو مسرح تراجيدي كبير، وكثيرون من خارج المهنة، صحافة وإعلاما، ضبطوا أنفسهم مدمنين، وكرهوا عبوديتهم لهذه الدنيا الافتراضية، وأعلنوا حرب تحرير لأنفسهم من أنفسهم، لكنهم خسروها خسرانا مبينا، واستسلموا لأن عالم الفضاء المعلوماتي الخزعبلاتي يحرك بعنف بحيرات الفضول في أي انسان، فما بالك بالإنسان المخلوق اصلا ليكون فضوليا، يعرف ليخبر؟ !

وحيث إن الكوميديا غلبت أخبارا جادة شتى خلال اليومين الأخيرين، فقد برزت قضيتان كوميديتان على سطح اهتمامات الناس. الأولى السخرية من تبجح ماكرون، وعدم لياقته، في تصريحاته في المؤتمر الصحفي مع الرئيس السيسي، فقد بحث المصريون عن غسيله القديم وأعادوا نشره، وعيروه بزواجه من سيدة أحبها وهو في المدرسة، وتزوجها وهي أم لثلاثة أطفال بعد الجامعة، وكانت معلمته في الدراما والمسرح والشعر.

عيروه أيضا بخيبته في مواجهة مظاهرات السترات الصفراء الذين يطالبونه بالستر في مرتباتهم لأنهم لا يملكون قوت بقية الشهر .

أما العرض الهزلي الأكبر في رأيي فكان مسرحية خليها تصدي!

خليها تصدي حملة بدأت بمعارضة تجار السيارات وموزعيها، وانتهت، ولا تزال مستمرة، بحملة "خليها تعنس"، ضد الأب المصري (الأم المصرية في الحقيقة)، والبضاعة ليست سيارة، بل للأسف الابنة المصرية.

المبالغة في ربحية موزعي السيارات ومستورديها ومجمعيها، ولن نقول مصنعيها- بررت النجاح النسبي لحملة خلي العربيات تصدي في معارض بيعها. كذلك اعتبر العاجزون من الشباب عن الزواج أن حملة من نوع "خلي بنتك عندك، تعنس وتبور" هي حق وواجب؛ فهؤلاء أيضا لا يستطيعون شراء ثلاجة بعشرة آلاف جنيه ولا سفرة بثلاثين ألفا، ولا غرفة نوم بأربعين ألف جنيه ولا دفع مائة ألف ومائتين وربما تجاوز المليون في حالات كمؤخر، ولا شبكة من ثلاثين ألف جنيه إلى ما شاء الطمع ومرض التفاخر والتباهي، ولا مصاريف الفرح، ولا نسبة المأذون من المهر، ولا هدايا المناسبات .

كل أسبوع نقول لبعض كل سنة وأنت طيب، وكل كلمة من هذه المباركة والمعايدة تعنى هدية!

ضغوط عنيفة حملها المجتمع لبعضه البعض.

على أيامي برزت فكرة" بدل الشبكة يا حبيبي هات تلاجة أو نجفة أو تليفزيون، أو جهزوا بعض!

اليوم الحمل كله على الأب.. الذي تكلف هو نفسه مصاريف زواجه، ولم يساعده أبوه، ومطلوب منه أيضا أن يتحمل تكاليف زواج ابنه: عفش وشقة ومناسبات وفرح خطوبة وفرح كتب كتاب وفرح ليلة الدخلة.

ضحك كثير كان في كتابات الساخطين المطالبين بترك البنت لتعنس، وصل ربما لدرجة الاستفزاز... واحد كتب: إنت اتجوزت أمها بربع جنيه ولا ميت جنيه، عايزني أنا أدفع ميت ألف جنيه فيها؟ ليه؟ خليها تصدي عندك!

طبعا البنات والستات أعلنّ الحرب الضروس... ونزلْن بكل الأسلحة.

الولاد كتبوا خليها تصدي وتعنس وتبور. والبنات كتبن: خليك في حضن أمك يا روح أمك!

الرومانسيون تصدوا للتراشق الضاري وقالوا: عيب البنات بناتنا، وهن تيجان الرؤوس وقرة العيون والقلوب والجيوب .

ولا تزال الحرب دائرة ..

ماذا تعنى هذه المساجلات؟ وهل هي صحيحة وصحية؟

نعم، هي على قسوتها وفظاظة سخريتها أمر صحيح، وصحي، لأنها تعنى أن المجتمع يراجع نفسه، ويصحح منظومة البيع والشراء الاجتماعية، وأن مبدأه الأشهر عند كل صفقة زواج: "إحنا بنشتري راجل مش عفش" صار الآن موضع اختبار حقيقي .

أظن هذه أول حرب ضاحكة ومضحكة شهدناها منذ فترة طويلة.

إعلان

إعلان

إعلان