لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سؤال مستقبل بامتياز!

سليمان جودة

سؤال مستقبل بامتياز!

سليمان جودة
09:00 م الأحد 17 نوفمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تتولى الدكتورة نعايم سعد زغلول، مديرة المركز الإعلامي التابع لمجلس الوزراء، نفي الشائعات التي يطلقها المغرضون في سماء البلد، وهي تقوم بهذه المهمة بكفاءة ظاهرة، ولا تتوانى عن ملاحقة أي شائعة يجري إطلاقها في أي وقت، وهي أيضاً تؤدي مهمتها بحماس محسوب لها!

وكنت من قبل قد تعرضت لشائعات كثيرة نفتها هي، وكانت من جانبها قد دأبت على إظهار وجه الحقيقة في الموضوع الذي تدور حوله الشائعة، أو في القضية التي لا يتوقف المغرضون عن توظيفها لإثارة نوع من الارتباك بين الناس!

وذات يوم، نفت أن تكون الحكومة قد قررت فرض غرامة على المواطنين الذين لا يشاركون في مشروع ١٠٠ مليون صحة، وهو مشروع يهدف إلى القضاء تماماً على فيروس سي في البلد، وإعلانه في العام المقبل خالياً من المرض بنسبة مائة في المائة!

وأذكر أني كتبت يومها أقول ما معناه أني تمنيت لو أن هذه الشائعة بالذات صحيحة، لا لشيء إلا لأن رغبة الحكومة في الإعلان عن مصر خالية من فيروس سي تحتاج إلى درجة من الجدية من جانب كل مواطن، وتحتاج إلى أن يسارع الجميع إلى المشاركة في المبادرة، وإلا فإن المتسربين من المشاركة- ومعهم غير الجادين- سوف يفسدون الهدف النهائي لها!

ولذلك، تمنيت أن تكون الشائعة صحيحة، ليس حباً في الشائعات بالطبع، ولا ابتهاجاً بفرض غرامات على الناس، ولكن لأن الحكومات قد تكون في حاجة أحياناً إلى تدريب مواطنيها طويلاً، ليكونوا حريصين على التمسك بالقيم الإيجابية في حياتهم العامة، وفي المقدمة من هذه القيم تأتي قيمة الجدية، ومن بعدها قيمة الالتزام تجاه مبادرة من نوع١٠٠ مليون صحة!

وعندما يتدرب المواطن على الجدية وعلى الالتزام، في موضوع عام من هذا النوع، فسوف يعتاد بالضرورة على الجدية وعلى الالتزام، باعتبارهما أسلوب حياه، سواء كانت هذه الحياة حياة عامة في موضوع الفيروس أو غيره، وسواء كانت خاصة تتصل بحياة المواطن نفسها!

وقبل أيام نفى المركز شائعة أن الحكومة تنوي إلغاء مبدأ مجانية التعليم الأساسي، وقال نقلاً عن وزارة التربية والتعليم إن هذه شائعة غير حقيقية، وإن مجانية التعليم الأساسي مبدأ راسخ، وإنها حق أصيل لكل مواطن بموجب الدستور والقانون!

وإزاء هذه الشائعة، تمنيت لو جاء النفي بشكل مختلف؛ لأن المطلوب في موضوع شائعة كهذه هو بالأساس شرح أبعاده، أكثر منه نفياً لشائعة تدور حوله من قريب أو من بعيد!

فالسؤال الذي يتعين علينا الإجابة عنه بصدق هنا هو كالآتي: هل تتمتع المجانية كمبدأ نريده جميعاً بوجود حقيقي في مدارسنا؟!

هذا سؤال في أشد الحاجة إلى أمانة في الإجابة، ولن نكون أمناء في تقديم إجابته خالصة لوجه الله إلا إذا اتفقنا أولاً على معنى المجانية في التعليم ما هو!

فالمجانية في معناها البسيط هي أن يذهب كل تلميذ في سن التعليم إلى مدرسته، فيحصل على تعليم يؤهله بجد للعصر الذي يعيش فيه، ثم لا يدفع شيئاً في المقابل!

هكذا بدون فلسفة وبدون لف ولا دوران، وهو لن يدفع شيئاً، ليس لأن تعليمه بلا تكلفة، فلا شيء في الدنيا بلا تكلفة، وإنما لأن الحكومة تتكفل بسداد هذه التكلفة عن كل طالب!

والسؤال هو: هل تعرف مدارسنا تعليماً بهذا المعنى على وجه التحديد؟!

إنني أترك الإجابة للذين صاغوا بيان النفي، راجياً أن نكون أمناء مع أنفسنا ونحن نجيب عن سؤال بهذه الأهمية في كل وقت؛ فهو سؤال مستقبل بامتياز.

إعلان

إعلان

إعلان