لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

على عتبات المساء... قصيدة

عمار علي حسن

على عتبات المساء... قصيدة

د. عمار علي حسن
09:00 م الأربعاء 20 نوفمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تمهيد لا بد منه: "بدأت مسيرة الكتابة الأدبية شاعرًا، فخط بناني قصائد عدة، لكنني لم أسعَ إلى نشرها، وأخذتني القصة القصيرة، ثم الرواية من الشعر على مستوى الشكل، وإن كان الشعر قد حضر في مضمون سردي كما يقول بعض النقاد، وأجد الآن أنه قد يكون مفيدًا أن أنشر شيئًا من تجربتي الشعرية البعيدة التي سرعان ما هجرتها، وهو هجران يضنيني؛ لأنني من الذين يعتبرون أن الشعر هو أكثر الأنواع الأدبية قوة ورهافة، وصعوبة، حتى لو كان نجيب محفوظ قد أخبرنا في زمن بعيد خلال جدل مع العقاد بأن "الرواية هي شعر الدنيا الحديثة"، معولا ليس فقط على شاعرية اللغة إنما الجهد الكبير الذي يتطلبه بناؤها أو إقامة معمارها، وهو أمر ليس بالهين"... هنا القصيدة، التي نقلتها من ورقي القديم، ونقحتها دون الإخلال بمضمونها كما هي ..

***

واقف على عتبات المساء

يصطاد الريح العابرة

فوق هامات البيوت الحاسرة

يلوح لليمام المسافر إلى الغروب

ويرى في عليائه الأقدام المجهدة

تشق بطن قرية غافية

وضحكة صافية

ترن في شرفة مسهدة

وتنثال في شتى الدروب

وحين تعانق الريح

في منتصف المسافة بين الواقف والمساء

تصير عواء

جرة مجروحة على رباب

يرثي أيام البهجة الغاربة

والألفة الهاربة

في متاهات مخنوقة

تمتد من الروح إلى الفناء

لكنه يفتح عينيه جيدا

ويمد يده باتساع الفضاء

فتعود كفاه المتقابلتان

في نصف دائرة

مملوءتين بنبرة حائرة

أطلقتها حنجرة أوجعها الانتظار

كي يأتي الواقف في وجه الهواء

ليقبض على ظلها الممشوق

فهو لا الريح في لهفة للاصطياد

في انتظار الأنامل الباردة

والرغبة الشاردة

لتعود فتعزف في حبور

أنشودة الحضور

وعندها:

تكف الريح عن الهياج

ويرفرف اليمام في مكانه

ليحيي المساء الوليد

وشرفة وحيدة

تحتضن الأجنحة المهيضة

التي أسكنها الخضوع لسلطان الهوى

بين ذلك الواقف هناك

فوق هامات البيوت الخفيضة

وتلك التي لا تذهب عنها أحزانها

برجفة طريدة

تهز كل ما بين روح عاشقة

ورغبة حارقة

وتمد الريح العاصفة

بدفقات جديدة

ساخنة

ماجنة

يصنعها جسدان فائران

لرجل وامرأة

هو يصطاد الريح

وهي تربي الأمل

وتنتظر

أن يكف عن معانقة الفراغ

ويأتي إليها

يمرق من نافذتها المشرعة

ويقول لها في اشتياق

أنت ريحي

نسمتي

قسمتي

وأنت المساء

وبيتي المشرع في عنان السماء

وروضتي

وأنت العاصفة حين يتداعى صراخها

فيصير صوتًا رخيمًا

موسيقى

هديلاً

وشوشةً

لحنًا مقيمًا

رفيفًا رهيفًا

يجود به يمام مسافر

وريح تهاجر

إلى حيث يقف من قتله الوجد

وتسعى من أضناها الانتظار

والاحتضار

والخواء

على أبواب شوق لا يغيب

وغسق مهيب

بين من يموت خلف شرفتها الغناء

وذلك الذي يمد يده علها تصطاد المساء.

إعلان

إعلان

إعلان