لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

وقفة عرفات ...

نهاد صبيح

وقفة عرفات ...

نهاد صبيح
01:47 م السبت 23 نوفمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أيام الدراسة الجامعية من أجمل أيام حياة خريج الجامعة؛ لأن الفترة دي بداية لتكوين الشخصية والاتجاه الفكري العام في الحياة، صحيح مش كلنا بنكمل ومش كلنا بنعمل في نفس مجال دراستنا، لكن مهما كان مدة الحضور ونوع الدراسة فأكيد دا بيعود بالفايدة علينا في حياتنا، الفايدة دي ممكن تكون على شكل علم ينفعنا أو أصدقاء للعمر كله .

في بداية أيام الجامعة بيكون الطلبة مرتبكين ودا طبيعي؛ لأن جو الجامعة جديد عليهم وفي كتير منهم بيدخل كلية تقريبا مفيش معاه أي صديق من المرحلة الثانوية، ودي مش المشكلة الوحيدة في رأيي اللي بيعاني منها الطالب في البداية؛ لأن فيه مشكلة تانية وهي بلا شك الأوضاع الاقتصادية الحالية في مصر والعالم من حولنا واللي بتأثر على التعليم العالي سواء في الـ24 جامعة حكومية أو في الـ26 جامعة خاصة .

الأوضاع الاقتصادية مش بس بتأثر في التعليم بس لأ دا بتأثر في كل مجالات الحياة، ودا اللي أنا اعتقدته أول لما قابلت بالصدفة عرفات المصور الصحفي المعروف، والأهم إنه كان من أفضل وأقرب الأصدقاء في شلة الجامعة، ورغم إن الزمن بيمر علينا كلنا بالتساوي في أيامه وساعاته إلا أن الزمن ما غيرهوش زي ما بيغير ناس كتير، نفس الهيئة المهندمة، والطاقة والنشاط الحاجة الوحيدة اللي اتغيرت واللي أذهلتني الصراحة إنه متوقف عن التصوير ترك مهنة المصور الصحفي تماماً!.

عرفات مكنش أي مصور... دا كان مصور محترف... كتير من صوره نشرتها مجلات وجرائد عالمية... وكمان حصل على جوايز كتير محلية ودولية... قلت لنفسي أكيد في قوة أكبر منه هي اللي دفعته إنه يترك المهنة اللي بيحبها، وأكيد مش الفلوس؛ لأنه كان في الأصل بيعتبر التصوير هواية، عشان كدا سألته إيه اللي خلاك توقف نشاطك اللي كنت بتحبه ومتميز فيه جدًا... قال لي بمنتهى الهدوء: وقفة مع النفس... وقفة وقفتها مع نفسي... وقفة مع عرفات .

قلت له: ممكن توضح لى... احكي لى إيه اللي حصل بالضبط؟!.

قال: كنت مرة مسافر لدير سانت كاترين أغطي حدث عالمي، كنا في نص أغسطس عز الصيف والطريق كان جبلي وصعب شُفت عربية من على بعد واقفة عطلانة على الطريق، وواقف أمامها رجل يحاول يفتح مبرد العربية اللي بيقولوا عليه "الرادياتير"... حس التصوير عندي قال لي إني لو هديت شوية هاخد لقطة العمر واللي هي اندفاع المايه السُخنة من المبرد... وفى اللحظة دي سألت نفسي :

هو إيه الأهم... اللقطة، ولا حياة إنسان هيتشوه بالحرق؟!.

الموقف دا خلاني أفكر في حياتي كلها، سلوكي، تصرفاتي، والكاميرا اللي ما بتفارقنيش، حالياً تلاقي كل واحد معاه موبايل حديث بيصور أي حاجة وكل حاجة الأجهزة الذكية -يا صديقي- أصبحت في أيدي أغبياء ...

قلت له عندك حق أكيد كلنا لازم نقف مع نفسنا، لازم نقف ...

وقفة عرفات ...

إعلان

إعلان

إعلان