لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

محمد حسن أحمد: لا أتوقع البقاء لأي مهرجان سينمائي بعد أن تُركنا وحدنا

د. أمــل الجمل

محمد حسن أحمد: لا أتوقع البقاء لأي مهرجان سينمائي بعد أن تُركنا وحدنا

د. أمل الجمل
06:29 م السبت 28 ديسمبر 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

هو أحد أبرز وأشهر كتاب السيناريو في السينما الإماراتية. وصفه ذات يوم الأب الروحي للسينمائيين بالإمارات مسعود أمر الله العلي- المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي: «إن تجربة محمد حسن أحمد أرست قواعد اللعبة في الكتابة السينمائية بالإمارات، لأن طزاجة اللغة التي يقدّمها تأتي من عاملين: كونه شاعراً أولاً، وظّف شعر الحياة، والناس، والأمكنة، واللحظات المجتزأة من الزمن، وتلك التي أضافها إليه. وكونه ثانياً صياداً ماهراً يلتقط الحدث، ويُركِّبه بمزاج في بُنية الحدث السردي للسيناريو، حتى يخال إليك أنك تعيش رمزية الواقع، ولكن ليس الواقع تماماً، وبالعكس».

سألت محمد عن وضعية السينما الخليجية وتحديدا الإماراتية، خصوصا بعد توقف أهم المنصات الداعمة لها، وأقصد مهرجان دبي السينمائي الذي توقف عام ٢٠١٧ بعد أربع عشر دورة ناجحة، بل كانت دورات شديدة التميز، وقبله مهرجان أبو ظبي. سألته: من خلال تجربتك وتجربة أبناء جيلك، هل كانت تلك المهرجانات داعما جيدا للحركة السينمائية في الخليج وتحديداً الإمارات؟

طبعا، أنا بدأت مع «مسابقة أفلام من الإمارات» ومهرجان الخليج، ودبي من ١٤ سنة بالكامل، وكذلك مهرجان أبو ظبي. أعتقد أن هذه المنصات المهرجانية هي شكلتنا بالكامل. ما حدث الآن هو أننا تُركنا. هذا ما أؤمن به. لقد تم التخلي عنا.

ماذا تقصد بـ«تُركنا»..؟

نحن بدأنا لوحدنا في البدايات. منذ مسابقة أفلام من الإمارات، ثم شكلتنا المنصات السينمائية. أعتقد أن الجملة الوحيدة التي أقدر أن أقولها إن صُناع الأفلام تُركوا لوحدهم، وتم التخلي عنهم. لكن أعتقد أن السينمائي الآن في منطقة إبداعية وافرة حرة تماماً. يجب أن نعود ونُشكل أنفسنا مهنياً بشكل أكبر وأوسع، لوحدنا تماماً. لكن، بالتأكيد عدم وجود منصة سينمائية في الإمارات خسارة كبيرة نشعر بها كل يوم. لماذا؟ لأن السينمائي يحتاج إلى منصة عرض. هذا احتياج أساسي له، ليحضر عروض الأفلام، ليلتقي مع الآخرين، ويشاهد أعمالهم. مهرجانات السينما ليست منصة تنافس فقط، لأني أحتاج أن أشاهد فيلم الآخر، من أطراف العالم الكبير. أنا لا أبغي أن أنافس نفسي داخل البلد، أُريد أن أكون جزءاً من هذه الصناعة الموجودة في العالم. وهذا كان يوفره لي مهرجان دبي والمهرجانات الأخرى.

بعض الإماراتيين يقول إن مهرجان دبي كان مهرجاناً دولياً، وإن السينما الإماراتية به كانت علي الهامش، وكان المخرجون الإماراتيون يسيرون على استحياء؛ لأن الاحتفاء كان من حظ الدولي أكثر، بينما يسحب الأضواء وعدسات المصورين من الإماراتي.. فما رأيك؟

أنا استفدت من مهرجان دبي، عام ٢٠٠٦ فزت بجائزة المهر الذهبي كأفضل سيناريو، مهرجان دبي قدم لنا برنامج إنجاز بدعمه القوي للأفلام، ومسابقة «أي دبليو سي» السويسرية. كانت تجربة مذهلة. أنا غير متفق مع هؤلاء، فنحن كنا نشارك في مسابقة المهر الإماراتي، كانوا يختارون ١٢ فيلماً، كانت الأفلام موجودة بشكل واضح. أنا شاركت بالمسابقة العربية أيضاً.

رأيك في تنظيم مهرجان جديد بالعين، وهل تعتقد أنه سوف يستمر؟

لا نستطيع تقييمه الآن.. أنا مع أي تجمع أو منصة سينمائية. لكن، أنا كفنان وسينمائي لا أعتقد أن أي مهرجان يُمكن أن يستمر. لست من الناس المؤمنين بأن الأشياء هنا ستواصل بقاءها. لنكن واضحين. مهرجانات كثيرة تخلت عنا؛ دبي، أبو ظبي، الخليج، مسابقة أفلام من الإمارات، فأنا لا أتوقع البقاء لأي شيء أو أي منصة. أعتقد أنني سأستمر في كتابة أفلامي. المنصات موجودة أو غير موجودة، ذهبت أو جاءت ليس هذا المهم. الأهم أنني لن أتوقف عن الكتابة. الشيء الوحيد الذي أؤمن به أننا كسينمائيين ما راح نتوقف، لكن المهرجانات أكيد راح تتوقف في يوم من الأيام.

ما الأسباب برأيك؟ هل تعتقد أن توقف المهرجان يرجع لعدم الإيمان بدور الثقافة السينمائية، والنظر إليها باعتبارها مجرد ترفيه، أو ربما كان لها دور محدد سلفاً في خدمة الصورة الترويجية، ثم عندما يتم إنجاز الهدف تتوقف المنصة السينمائية؟

لا، لا.. هناك اهتمام بالثقافة. أعتقد أننا طوال السنوات السابقة لم نحصل على أشخاص يدافعون عنا كسينمائيين، وعن الوجود السينمائي، والمنصات السينمائية، سواء في المؤسسات الحكومية، ومنها وزارة الثقافة، أو الجهات التي تدعم الأفلام والمهرجانات. هذا في الوقت الذي كان البعض ينتقدنا فيه قائلاً: «وما الشيء الذي نستفيده من وجود مهرجان سينما؟ شو استفاد الشعب من هذا؟» أعتقد أن هذه مسألة خطيرة؛ لأن الفنانين ليسوا كل الشعب، هم مجموعة قليلة لكنهم يُشكلون وجودهم، لأنهم هم الذين يقومون بتوثيق تاريخ هذا البلد بأفلامهم، وهي الأفلام الوحيدة التي نُصدرها للخارج. أعتقد أن توقفها لعدم وجود مديرين جدد في البلد يُؤمنون بوجود السينما كمنصة ومهرجان بشكل قوي. أعتقد أن السبب الوحيد؛ أنه لا يوجد أحد يتحدث عنا ويدافع عنا.

وكيف ترى مستقبل السينما الإماراتية وشبابها؟

مستقبل جميل، وباهر.. فالتوازن سوف يتشكل قريباً، وبدأ في الفترة الأخيرة. أخبرك لماذا.. لأنه تجارياً صالات السينما بدأت تفتح لكل فيلم إماراتي، بكل أنواعه: دراما، أكشن، رعب، كوميدي..

لكن هناك معوقات.. فما أراه من خلال ما يتم طرحه في بعض الندوات، والتي حضرها مسؤول من دار عرض «نوفو سينما»، وكذلك أحد أبرز موزعي الأفلام- يُؤكد وجود تحديات تواجه الفيلم الإماراتي، وهناك عدم ثقة من الجمهور الإماراتية في الفيلم المحلي؟

طبيعي.. لأننا أصلاً انتظرنا عشرين سنة حتى يدخل الفيلم الإماراتي صالات السينما. قبل خمس سنوات كان مستحيلا أن يدخل الفيلم الإماراتي صالات السينما. اليوم أصبح متواجدا، رغم تحفظي على المستويات، لأنها ليست جيدة بشكل واسع بالفترة الأخيرة. أعتقد في السنوات القادمة لا بد أن تُشكل منطقة توازن بين فيلم جيد أو فيلم حقيقي سينمائي، فيلم رعب، فيلم أكشن، ودخول السوق السعودية أيضاً سيساهم بشكل واسع، لكثرة عدد دور العرض التي تم- وسيتم مستقبلاً- إنشاؤها في السعودية.

هل للفيلم الإماراتي سوق في السعودية؟

آه، طبعاً. الآن المنتج الإماراتي الذي يتحصل على عشرة آلاف تذكرة من الفيلم بالإمارات يثق بأنه سوف يتحصل على عشرة آلاف تذكرة من السعودية.

وهل تعتقد أن الجمهور السعودي سوف يستقبل الفيلم الإماراتي كما يفعل مع فيلم قادم من هوليوود أو بوليوود؟

أتوقع أن الأمر سيكون بشكل واضح وأفضل مع القادم. رغم ذلك، ولأننا بقينا ٤٠ أو ٥٠ سنة نستورد الفيلم من الخارج من هوليوود وبوليوود، أعتقد صعب وظلم أن نُرغم المشاهد المحلي على مشاهدة أفلامنا، ومن المستحيل أن نستعيده من تلك المنطقة والثقافة التي تعود عليها. سنحتاج بعض الوقت حتى يتقبل أفلامنا، ويتعود عليها. لكن دعينا نقل في الفن عندما نتحدث عن المستقبل أراه أمراً غير جيد. الفنان يجب ألا يظل يتحدث عن المستقبل، إنما الأهم أن يتحدث عن فيلمه طول الوقت.

لكن الفنان يستشرف المستقبل.

لا أعتقد أن هذا هو دوره. أعتقد أن هذا سبب المشكلة. الجميع يحاول أن يستشرف المستقبل بالمفهوم الرقمي، بمفهوم الذكاء الاصطناعي. أعتقد أنه لا يمكن في منطقة من البشرية، وفي قطعة غير متطورة في الفن أن نظل يوميا نتحدث عن المستقبل. نحن جزء من هذه المنظومة. المؤسسات تُشكلنا بصورة ما، المنصات تأتي وتذهب. الأشياء لا تبقي، الفنان سيبقي. الآن فيلمان إلى ثلاثة في صالات السينما الإماراتية

هل تتفق مع الآراء المطالبة بأن تكون الدولة داعمة للسينمائيين؟

يعني توزع فلوس؟

أن تُساهم في تمويل الأفلام، أن تساند صناعها الإماراتيين بفرض حصة للتواجد بدور العرض السينمائي، في المهرجانات الدولية، الدعم له أشكال متباينة، والدول الكبرى المهتمة بالثقافة لا تتخلى عن السينما المحلية وكذلك المغايرة للسائد والتجاري، فرنساً نموذجاً.

أقول إن دور العرض يجب ألا تكتفي بخصم ٦٠ أو ٧٠٪ حتى تقبل بعرض الأفلام الإماراتية. لا بد من وجود صناديق دعم واضحة صريحة وقادرة على فهم المنطقة والتجارب السينمائية.

هذا أمر مختلف، كأن أجمع سينمائيين وأمنحهم فلوسا يصنعون أفلاما. أنا ضد هذه الفكرة تماماً. أنا ضد اللجان والتوزيع، ضد الاجتماعات، ومَنْ يحدد أن هذا سيكون فيلما جيدا أم لا؟

أنت ضد اللجان.. دعنا نراجع تجربتك.. لما كان أحد أفلامك يفوز في صناديق الدعم بدبي أو يفوز بأحد جوائز المهرجان كانت لجان هي التي تختاره، وتمنحه الجوائز، فلماذا الآن أنت ضد اللجان؟

هذه لجان متخصصة تماماً، هذه مهرجانات كانت قادرة على أن تخلق هذه الصناعة السينمائية. اليوم المؤسسات الحكومية هي مجموعة موظفين لا نستطيع أن نقول لهم يجب أن تفهم السينما؟ فهذا لن يفيدنا وسوف تضيع الجهود والأموال.

وأنا لم أقل أن يقوم بذلك جهة حكومية لا تفهم بالسينما.. أنا أتحدث عن جهة مهتمة بالسينما..

هذه الجهة السينمائية غير موجودة، فهل نمنح ذلك للشركات الخاصة؟ إيمج نيشن أبوظبي.

أعتقد أن لديهم مشاكلهم ومفرداتهم في الصناعة، وأرى أن استراتيجيتهم وخططهم غير واضحة. أنا لا أثق بكل الجهات الموجودة. اليوم نحن نريد الدعم الحكومي بشكل واضح، لكن نريده بتخصص حقيقي، وموظفين حقيقيين قادرين علي أن يفهموا السوق؛ مثل: كم عدد سكاني، كم عدد صالات السينما، الفيلم الإماراتي كم يحتاج للإنتاج، وكم للتوزيع..؟ هذه الأمور يجب أن يفهمها الآخر كي يتعامل معي.

هل ترى تحديات أخرى حالية؟

قبل أن أتكلم عن التحديات، يجب أن أكتب فيلماً جيداً أولاً، مهنياً وفنياً، يجب أن توجد أطراف أخرى تبحث عن تمويل خصوصا في ظل اختفاء صناديق الدعم، ولذلك سوف نفكر الآن أن ميزانيات أفلامنا لا بد أن تكون أقل مما سبق. هذا طبيعي. سوف نكتب أفلامنا بهذا المنطق.. لأننا نشعر يومياً بأنه تم التخلي عنا.

إعلان

إعلان

إعلان