- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
ينحى العديد من دول العالم حاليًا- متقدمة ونامية- إلى تطبيق اتجاه ليس بجديد في السياسات الاقتصادية، يستهدف سعادة المواطن؛ فقد أثبتت المؤشرات الاقتصادية التقليدية- كمعدل النمو وعجز الموازنة والتضخم وغيرها- عجزها في كثير من الأحيان عن قياس مدى رضا وسعادة المواطن بتلك السياسات، بل أصبحت- طبقا لدراسات عديدة- أرقامًا صماء؛ لا تحقق أهدافًا يشعر بها المواطن في حياته العادية، فتتسع الفجوات بين ما ترى الحكومات أنها قد حققته من تقدم وما يشعر به المواطن العادي.
كيف لنا، إذن، أن نستخدم هذا العلم القديم الجديد بمصر في سياساتنا الاقتصادية؟
وهل يمكن لدول نامية تعاني من مشكلات اقتصادية كالتي نعاني منها أن تطبق ذلك المنهج؟
التفكير في العلاقة بين الاقتصاد والسعادة ليس جديدًا؛ فقد تعددت الدراسات حوله خلال القرن العشرين من اقتصاديين كبار، مثل آدم سميث. كان الهدف منها دراسة تأثير السياسات الاقتصادية على رفاهية المجتمع، لكن التطبيق لم يظهر إلا مؤخرًا، فأنشأ الرئيس الفرنسي ساركوزي- مثلًا- عام 2008 لجنة اقتصادية لدراسة مؤشر السعادة للشعب الفرنسي.
وفى 2009 بدأت مؤسسة جالوب (المتخصصة في استطلاعات الرأي) استطلاعًا عن السعادة على المستوى الفيدرالي الأمريكي.
وفي 2011، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بدعوة أعضائها لقياس سعادة شعوبهم للمساعدة في توجيه سياساتهم، عقد بعده اجتماع الأمم المتحدة عام 2012 تحت عنوان" السعادة والرّفاهة: نموذج اقتصادي جديد".
ومنذ ذلك الوقت والأمم المتحدة تصدر تقريرها السنوي في مارس من كل عام مقيّما معدلات السعادة حول العالم.
التقرير الذي يعتمد على استطلاع تُجريه مؤسسة جالوب يدرس أحوال 156 دولة، محددا ستة معايير للسعادة هي: مستوى الدخل، والرفاهة، والحرية، والصحة، والدعم الاجتماعي، والثقة والكرم.
في تقرير عام 2018، تقدمت دولة الإمارات تصنيفَ الدول العربية الأكثر سعادة، تليها بعد ذلك قطر، والسعودية، والبحرين ثم الكويت.
تصنيف الإمارات مستحق؛ حيث كانت الدولة الأولى في المنطقة تطبيقًا لتلك المعايير في سياساتها التنفيذية: فاستُحدث منصب وزير السعادة عام 2016، مهمته مواءمة كل خطط وسياسات الدولة وبرامجها لتحقيق سعادة المجتمع، وأصبح قياس مستوى الرضا في التعاملات الإدارية والمصالح الحكومية من أهم مؤشرات النجاح والإنجاز.
وفي حين تتصدر دول الخليج ترتيب السعادة في العالم العربي، تتذيل القائمة عربيًا وبالترتيب: اليمن، وسوريا، والسودان، وموريتانيا، ومصر.
ودوليًا تتصدر فنلندا الدول الأكثر سعادة (رغم أنها ليست الأعلى دخلًا) تليها النرويج، والدنمارك، وأيسلندا، وسويسرا.
بينما تحتل بوروندي دوليا ذيل القائمة تليها أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وتنزانيا واليمن.
بقراءة سريعة لترتيب الدول، قد يظن القارئ أن معدل الدخل هو المؤشر الأهم في تحديد مدى سعادة الدول؛ فدول الخليج- مثلًا- هي الأكثر سعادة عربيًا، بينما الدول الأكثر اضطرابًا والأقل دخلًا هي الأقل سعادة.
وعلى الرغم من أن مؤشر الدخل هو مؤشر مهم، لكنه ليس الوحيد، ففنلندا- مثلا- ليست الدولة الأعلى دخلا في العالم، لكن شعبها هو الأسعد؛ لعدة أسباب (طبقًا لتقرير الإيكونوميست(: جودة التعليم المجاني، وبيئة عمل صحية وغير ضاغطة، والثقة في مؤسسات الدولة وعدم وجود فروق شاسعة بين الطبقات.
وبالمنطق نفسه ليست الدول الأقل دخلًا هي الأقل سعادة، فنجد دولًا في أمريكا اللاتينية- مثلًا- ترتيبها المتقدم لا يعكس مستوى دخلها المنخفض أو معدلات الفساد والجريمة المرتفعة والتفسير عندهم: الروابط العائلية الوثيقة والدعم الاجتماعي.. معدل الدخل إذن معيار مهم، لكنه معيار واحد فقط من المعايير.
وربما يكون أكثر العوامل تكرارًا في تقييم السعادة ما يدور حول العمل وبيئته.
فالعمل يرفع الإحساس بالسعادة. وكلما ارتفعت معدلات التشغيل ارتفع تقييم سعادة الدولة (وهنا على الدول أن تركز في خفض معدلات البطالة عن طريق تشجيع الاستثمارات كثيفة العمالة).
لكن السؤال الذي طرحه الباحثون هو: أي نوع من العمل؟
وجاءت الإجابة أن الإنسان الذي يحب عمله ويشعر بقيمته وإنتاجيته هو الأكثر سعادة، حتى إنه مستعد لقضاء ساعات طويلة إضافية دون أجر للتفاني فيه.
العامل السعيد، إذن، هو أكثر كفاءة وإنتاجية من العامل التعيس.
كما أن بيئة العمل معيار آخر مهمّ لقياس السعادة، اهتمت به التجربة الإماراتية- مثلًا- فأصدرت دليلًا للسعادة في بيئة العمل، هدفه "تهيئة البيئة المناسبة لازدهار الموظفين وتحفيزهم لتحقيق غاياتهم والغايات العليا لمؤسساتهم"، وذلك عن طريق العمل على تحقيق ثلاثة أهداف:
- الموظف الفخور بتقديم الخدمة.
- الجهة المتفانية في إسعاد المتعاملين.
- والمتعامل المبادر الإيجابي.
وتأتى الحريات من أهم معايير قياس السعادة في الدول؛ فقد أكدت دراسة بجامعة زيورخ أن الديمقراطية تسهم بشكل كبير في إسعاد المواطن. فشعور المواطن بمشاركته في تحديد مصيره ومصير وطنه ورسم سياساته هي عوامل مهمة لسعادته.
يضاف إليها شعوره بحريته الشخصية وقدرته على اتخاذ القرارات التي تخصه وحريته في التعبير التي تؤثر بشكل مباشر على الإبداع والفن والثقافة. وجميعها عوامل تحقق السعادة.
ماذا عنا، إذن: هل تؤدى سياساتنا الاقتصادية للسعادة المنشودة؟
هذا هو السؤال الأهم الذي يجب أن يشغل بال كل من يسهم في وضع السياسات الاقتصادية في مصر أو في أي مكان في العالم.
صحيحٌ مصر ما زالت تضمّد جراح سنوات عجاف وقبلها عقود تراكمت فيها المشكلات وتدهورت بها الأحوال.
وصحيحٌ أن الهدف الأول في دولة نامية مثلنا هو توفير الاحتياجات الأساسية للمواطن وتحسين أحواله المعيشية، لكن ذلك يجب ألا يجعلنا نحيد عن هدف أساسٍ هو: رضا المواطن.
ولا يكون سعينا مقتصرًا على أرقام اقتصادية- على أهميتها- قد تخدعنا، خاصة وقد عرفنا- في سنوات ما قبل الثورة- أنها لم تحقق كل ما نصبو إليه. لذا كان علينا دائما أن نسأل أنفسنا: هل تؤدى هذه السياسات إلى إسعاد المواطن؟
وإذا كان تأثيرها قصير الأجل لا يفعل، فكيف يمكن أن نجعله على مدى متوسط أفضل حالًا وأكثر رضا؟
وكيف يمكن أن نحقق هذه السعادة في ظل موارد محدودة؟
قد تكون بعض الإجراءات التي تحقق السعادة طويلة الأجل مثل رفع معدلات دخل الفرد ومنظومة التأمين الصحي الشامل وغيرهما، لكن إجراءات أخرى يمكنها أن تقدم نتائج أسرع، مثل تحسين بيئة العمل، والإصلاح الإداري، وشعور المواطن بالرضا عند التعامل مع المؤسسات الحكومية والإدارية وتحسين بيئة الموظفين وتحفيزهم.
فحين يعود مواطن من مصلحة حكومية وقد أنهى مصلحته دون تعطيل أو مماطلة فبالتأكيد سيكون سعيدا ويخفف ذلك من عناء حياته.
وحين يذهب موظف إلى عمله صباحا مقبلًا على خدمه المواطنين، بالتأكيد سيقدم خدمة أفضل.
منظومة المواصلات- أيضًا- من الأمور المرهقة للمواطن المصري، وأي تحسن في تلك المنظومة وفي سلاسة المرور الذى يستنزف وقت المصريين ومجهودهم وأحيانا حياتهم- يمكن أن يسهم في الإحساس بالسعادة.
والأفكار كثيرة، هل تبدو من المستحيلات؟ بالتأكيد لا. فبعضها يتم العمل عليه بالفعل، لكنها تحتاج مزيدًا من الإرادة والاستهداف.
السعادة ليست هدفًا ترفيًّا، فهي الغاية الأسمى التي يصبو إليها كل مجتمع صحيح، وأي دولة تحاول أن ترقى بشعبها.
الطريق إليها قد يكون طويلًا، لكنه ممكن إذا بدأناه.
علينا- أولًا- أن نضعها هدفًا نصب أعيننا، ونضمنها سياساتنا العامة، ونفتح المجال للنقاش حول سبل تحقيقها، وندرك أن: "رضا المواطن هو الاختبار الأهم والأصعب".
***
Lameesh1@gmail.com
إعلان