إعلان

مصير الإرهابيين الأجانب في صفوف داعش

د. إيمان رجب

مصير الإرهابيين الأجانب في صفوف داعش

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 25 مارس 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

منذ تزايد شدة المواجهات العسكرية ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق، بدأ الإرهابيون الأجانب المنضوون في صفوف التنظيم موجة ثانية من عملية خروج عكسية نتج عنها هروب 43% تقريبًا من إجمالي الإرهابيين الأجانب لخارج سوريا والعراق والتوجه لدول أخرى في المنطقة العربية وفى العالم.

وحتى يمكن فهم مسارات الموجة الثانية، من المهم ابتداءً معرفة الدول التي خرجوا منها في رحلتهم للانضمام لصفوف داعش.

تشير تقديرات الاتحاد الأوروبي إلى أن إجمالي الإرهابيين الأجانب في صفوف داعش حتى نهاية العام 2017 بلغ 42 ألفًا من 120 دولة في العالم، وتبلغ نسبة الأطفال القصّر بينهم 11%، وتعد روسيا والسعودية والأردن وتونس وتركيا هي الدول التي يحمل جنسيتها الأعداد الأكبر من المنضمين في صفوف داعش.

ويمكن القول إن العودة إلى الدولة الأم بالنسبة للإرهابيين الأجانب في صفوف داعش أحد مسارات أربعة اتخذها الإرهابيون الأجانب في السنوات الماضية.

حيث تتمثل المسارات الثلاثة الأخرى في البقاء في العراق وسوريا والتخلي عما يدل على انتمائهم التنظيمي لداعش، والانتقال إلى منطقة صراع مشتعلة أخرى في المنطقة، مثل شرق ليبيا وجنوب ليبيا وجنوب الجزائر وبعض المناطق في الساحل والصحراء سواء بإرادتهم الذاتية أو استجابة لأوامر من التنظيم، في حين يتمثل المسار الثالث في الانتقال لدولة ثالثة، ومن هؤلاء من دخل تلك الدولة بوثائق شخصية سليمة، ومنهم من دخل لاجئًا خاصة ممن يحملون الجنسية العراقية.

ومن المهم الإشارة إلى أن العودة للدولة الأصلية قد تتم طواعيةً من قبل الإرهابيين أو نتيجة أنه تم إلقاء القبض عليه من قبل قوات التحالف الدولي أو الجماعات المسلحة الموالية لها، وتم ترحيلهم لدولهم. وتشير البيانات المتاحة حول عودة الإرهابيين الأجانب الداعشيين إلى دولهم إلى تصدر كل من دول الشرق الأوسط وتحديدا تركيا والسعودية وتونس والمغرب والعراق- قائمة هذه الدول، ثم تأتي الدول الأوروبية في مرتبة تالية.

وهذه الموجة من الدواعش العائدين لها خصوصية، مقارنة بموجة العودة الأولى التي كانت في 2015 والتي قام بها كل من أدرك مبكرًا أنه تم تضليله وأن الحياة التي وعد بها في الأرض التي يسيطر عليها داعش لا تماثل الحياة الفعلية هناك. فالعائدون في هذه الموجة لديهم قناعة فكرية بأفكار داعش وتلك القناعة كانت سببًا في استمرار بقائهم هناك لفترة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات.

كما أن هؤلاء على درجة من المعرفة بأساليب ممارسة الإرهاب الخاصة بداعش، إما لأنهم تدربوا على تلك الأساليب أو لأنهم كانوا على مقربة ممن ينفذونها، كما في حالة النساء الداعشيات، وفى كلتا الحالتين لدى هذه العناصر معرفة وعلاقات تربطهم بعناصر أخرى في التنظيم جاءوا من مختلف دول العالم.

إلى جانب ذلك، فإن العائدين في هذه الموجة لن يعودوا بمفردهم كما غادروا دولهم الأم، بل سيعودون عائلات، ولدى بعضهم أطفال دون سن السادسة وُلدوا في المناطق التي كان يسيطر عليها داعش، أو في سن أكبر، ولكنهم قضوا عددًا من السنوات في ظل التنظيم، وهو ما يطرح تحديات حقيقية تتعلق بكيفية دمج هؤلاء الأطفال اجتماعيًا بعد عودتهم لدولهم وكيفية خلق نوع من القطيعة بين ما تعلموه من ممارسات إرهابية وعنيفة في كنف التنظيم وبين العيش كأطفال عاديين والاختلاط بقرنائهم في المدارس والجامعات.

إعلان

إعلان

إعلان