لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لا لزيادة المرتبات..!

د. أحمد عمر

لا لزيادة المرتبات..!

د. أحمد عبدالعال عمر
09:00 م الأحد 31 مارس 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أصبحت مقولة الأديب الروسي الشهير ماكسيم جوركي "جئت إلى الدنيا لكي أعترض"، دستور حياة للكثيرين في مصر؛ فهم رافضون تمامًا للوضع القائم، وساخطون عليه دائمًا. وهم كذلك كارهون لشخص الرئيس السيسي، ورافضون بالمطلق كل ما ينتهجه من سياسات وكل ما يصدره من قرارات، حتى لو كانت تلك السياسات والقرارات صحيحة، وتصب بالفعل في صالح الوطن والناس.

وقد ظهر هؤلاء بكثافة، أمس، على صفحات التواصل الاجتماعي، بعد إعلان الرئيس السيسي زيادة المرتبات، وزيادة الحد الأدنى للأجور والمعاشات.

كان هدف ظهورهم الاعتراض على عدة أمور تتعلق بتلك الزيادة، ويمكن إجمالها باختصار في النقاط الأربع التالية:

أولًا- الاعتراض على توقيت تلك القرارات التي وجدوا فيها نوعًا من الرشوة والترضية من الرئيس للشعب لتمرير التعديلات الدستورية.

ثانيًا- الاعتراض بالقول إنها غير ذات قيمة، في ظل التضخم وارتفاع سعر الدولار في مقابل الجنيه المصري. وأن التضخم سوف يأكل تلك الزيادة، كما أن ارتفاع سعر الدولار قد جعل الحد الأدنى للأجور الجديد، وهو (2000) جنيه مساويًا للحد الأدنى القديم عام 2014، وهو (1200) جنيه، فكأنك يا أبوزيد ما غزيت.

ثالثًا- الاعتراض على عدم توضيح الرئيس لكيفية تدبير الاعتمادات المالية الجديدة لسد بند تلك الزيادة في ميزانية الدولة، وأن تلك الزيادة لا تتناسب مع تصريحات الرئيس ووزير المالية عن العجز في الميزانية.

رابعًا- الاعتراض على عجز الحكومة عن ضبط الأسعار، والسيطرة على جشع التجار، وأن الزيادة سوف تلتهما، وتزيد عليها الزيادة المتوقعة في الأسعار، في ظل عجز الحكومة عن ضبط الأسواق.

وخلاصة تلك الاعتراضات، ولسان حال أصحابها العجيب والمتشائم- من وجهة نظري- يكاد يكون: لا لزيادة المرتبات!

وأظن أن هؤلاء لو تصدوا لمخاطبة الرأي العام والناس في الشوارع والأسواق، فسوف يسمعون ما لا يرضيهم، وسوف يظهرون للناس حجم غفلتهم عن الواقع، وعن معاناة الناس الذين ينتظرون جني ثمار صبرهم على الإجراءات الاقتصادية الإصلاحية القاسية التي انتهجها الرئيس السيسي في السنوات الماضية، وأن أي زيادة في المرتبات بالنسبة لهم، وبلغتهم البسيطة "نواية تسند الزير" كما يقولون.

ولهذا كانت فرحة الملايين بهذه القرارات، وعودتهم لمشاهدة التليفزيون، ومتابعة خطاب الرئيس للتأكد من صدق ما وصلهم من أخبار.

وهؤلاء بالطبع لن يشغلوا أنفسهم بالسؤال عن مصدر تمويل الزيادة، والمقارنة بين حالهم اليوم وحالهم عام 2014، لأنهم واقعيون، والمهم عندهم هو حياتهم هنا والآن، ومحاولة تحسين شروطها.

أما جشع التجار، فسوف يحاولون مواجهته بالاستغناء بقدر الإمكان كما قال الرئيس.

أما فيما يتعلق بالاعتراض على توقيت تلك القرارات، والقول بأنه نوع من الرشوة والترضية من الرئيس للشعب لتمرير التعديلات الدستورية، فهو اعتراض ساذج وعلى غير أساس؛ لأن أي قراءة عقلانية وواقعية للمشهد المصري الحالي وموازين القوى فيه، وقياس حجم المؤيدين والمعترضين على التعديلات، سوف تقول إن التعديلات الدستورية سوف تمر في جميع الأحوال، سواء رفع الرئيس المرتبات أم لم يرفعها؛ وبالتالي تصبح فرضية الاسترضاء قابلة للنقد والهدم بكل سهولة.

والخلاصة: أن تلك القرارات أسعدت الملايين، فلا تفسدوا على الناس فرحتهم. وهي بشرى خير، ومؤشر على وعي السلطة بصعوبة حياة الناس، وحقهم في جني ثمار معاناتهم الاقتصادية في السنوات السابقة، ونتمنى أن تكون بداية لخير أكثر قادم، وقادر على تحقق استقرار وتقدم البلاد وخير العباد.

وتبقى هنا كلمة أخيرة: لقد نجح الرئيس السيسي بهذه القرارات في هدم الكثير من الأسوار النفسية التي أقيمت بينه وبين قطاع عريض من المصريين من أصحاب حزب الكنبة، الذين تضرروا من إجراءات الإصلاح الاقتصادي، وتوقفوا عن متابعة خطاباته، وشعروا بالحيرة تجاهه، رغم أنهم كانوا أكثر الداعمين والمؤيدين له.

ويبقى التحدي الحقيقي أمامه هو هدم تلك الأسوار بينه وبين النخبة السياسية والثقافية الوطنية، والاستماع إلى وجهات نظرها الناقدة لبعض خيارات وسياسات نظامه، من أجل إصلاح الأخطاء، واستدراك جوانب القصور في الرؤية والأداء، بما يصب في مصلحة الوطن وشعبه، ويرفع من سقف الحريات الملتزمة بثوابت الوطن وأمنه القومي في هذه المرحلة الصعبة من تاريخه.

إعلان

إعلان

إعلان