لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

دورة المرأة ودورة الرجل !

محمد حسن الألفي

دورة المرأة ودورة الرجل !

محمد حسن الألفي
09:01 م الثلاثاء 02 أبريل 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

نحن شعب يحب الإجازات من العمل، ولا يحب الإجازات من الكسل.

نحب أن نخوض في الأعراض، ولا نحب أن نخوض في إبداع.

لكن وقع إبداع من نوع صادم لم يقع من قبل أبدًا، فقد نجحت إحدى شركات في ابتداع سبب قهري فسيولوجي بيولوجى.. للحصول على نوع جديد من الإجازات.. اسمه إجازة الدورة الشهرية !

نتمتع في مصر بشهر كامل من البلادة والشراهة والانبطاح أمام التليفزيون طيلة شهر رمضان الكريم الذي لم يخلق إلا للعبادة والعمل وربما القتال دفاعا عن أرض أو عرض.

ثلاثون يوما من التوهان والدوخة وانتظار الطعام. أضف إليها إجازات أعياد الفطر ثم الأضحى ثم عيد إخوتنا المسيحيين ثم الأعياد الوطنية وأعياد المناسبات، وضم الجمعة مع السبت مع الأحد إذا تزامن يوم إجازة وطني مع يومي الجمعة والسبت .

كله كوم وإجازة الدورة الشهرية كوم آخر!

المواقع الاجتماعية حيث الجرأة أبشع، والتعري أفضح- مشغولة، بل مهووسة بهذا الحق الجديد من حقوق المرأة، وتطلب سيدات كثيرات تقنين هذا الحق البيولوجي القسرى القهري. تعجبت بعضهن من استغراب الرجال منح المرأة حق الراحة من ثلاثة إلى خمسة أيام، مدة الدورة، وراحت تسهب في وصف ما يعتري المرأة من آلام، ومن ضيق ومن عصبية، ومن إحساس داخلي، لا أريد وصفه !

نعم، كل هذا صحيح، ونحن الرجال، الأزواج بالذات كم نعاني من التقلبات المزاجية، والعصبية الشديدة، والعواصف الرملية تهز كيان البيت.

طول عمرنا على هذا الوضع، وطول عمر المرأة العاملة تستقبل دورتها، وتستقبل مهام عملها.

ثم إن موظفاتنا للأمانة لديهن من وسائل منع الضيق الدوري ما يريحهن، فهن يقلّمن البامية، ويقطفن الملوخية، ويقشرن الكوسة، وطبعا هذا كان لموظفات مصر قبل عشر سنوات، ولعله لا يزال، لكن موظفات الدورة الحاليات لديهن وسائل أخرى مثل الاتجار بالبضائع في المكاتب، والتنقل بين الإدارات، والرغي في الردهات ولكن أعظم وسيلة ناجعة تتخلص بها الست الموظفة المبتلة دوريا هو الصراخ في وجه المتعاملين معها عبر نافذة مصلحة حكومية .

تحصل المرأة على إجازات وضع ورعاية طفل، ورعاية زوج.. والآن تريد إجازة بسبب ما يعتريها دوريا، ويسمى الدورة الشهرية، لفظ مهذب متحضر أفضل بكثير من لفظين كانا شائعين حتى السبعينيات، أولهما "العادة " فكان يقال.. دعها في حالها.. جاءتها العادة أو عليها العادة .

أصبحت الكلمة ممجوجة و(بلدي قوى يا حسين)، فطورها المصريون بنجاح إلى لفظة لابسة قبعة وسموها "الإكس" فكان يقال دعها في حالها (أصل عليها الإكس).

ولم يفهم جيلي علاقة الإكس بالحالة الدورية، ربما المقصود اللي ما تتسماش، محاولة للتجهيل، لكننا فهمنا طبعا لفظ العادة، لأنها تكرار، والتكرار دوري، والدوري هذه المرة أرضه جسد ونفس المرأة .

بالطبع لا يعاني الرجل العادة ولا الإكس ولا الدورة الشهرية. نجاه الله من هذا الألم البيولوجي المتكرر الذي يستمر عادة من ثلاثة أيام إلى أسبوع، لكن الرجل، في الحقيقة يتعذب بدورة أخرى متصلة طيلة أربعة أسابيع عذابًا جسديًا ونفسيًا وعقليًا وتنسد نفسه عن الدنيا وما فيها، لأنه المسؤول كل المسؤولية عن التدابير المالية والمعيشية في البيت، فضلا عن ضرورة استيعاب الحالات المزاجية المتقلبة بسبب دورة الست، وفيها أحيانا شراسة وجنون وتجاوز.

إجازة دورة شهرية؟!

من ذا المبدع المبتدع الذي ضربت مخه هذه الشطحة الدورية؟

طبعا الستات على المواقع لم يغادرن منصة التسويق للفكرة بغرض التعميم .

الشر الخفي وراء هذه الدعوات.. سحب المرأة من سوق العمل وإعادتها إلى الكنبة والمطبخ والفراش!

أراها دعوة سلفية صميمة.

إعلان

إعلان

إعلان