- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
بقلم - محمد فتحي:
ما الذي جعل شريف مدكور أكثر مذيع تم التنمر به في السنوات العشر الأخيرة؟!..
دعك من حجم التعاطف الحالي مع شريف ومع حالته الصحية التي أعلن عنها صريحًا واضحًا مؤكدًا أن لديه ورمًا في القولون سيسعى لاستئصاله..
لاحظ أن الورم عند الناس يعني سرطانًا، بينما في العلم من الوارد أن يكون ورمًا حميداً نتيجة هرمونات أرادت اللعب في جسد هذا الشاب الأربعيني الذي اكتشف فجأة أن المتنمرين أنفسهم يمكن أن يحبوه، وأغلبهم كان يسأل خلال العشر سنوات ذاتها: ما الذي يجعل شريف مدكور مذيعًا أصلًا؟!..
أهلاً بكم في حلقة جديدة من تعقيدات الشخصية المصرية في مسلسل لن ينتهي أبدًا وتركيبة تثبت أنها عصية على أي فهم..
(1)
ربما كان (من كل بلد أكلة) هو البرنامج الأول لشريف مدكور في قناة نايل فاميلي..
لكن الذائقة المصرية الشعبية الذكورية لم تستسغه في البداية. التوستستيرون المصري لا يتفق مع صوت هادئ نعم وشاب مهذب من مصر الجديدة يرونه ناعمًا وينعتونه بينهم وبين بعضهم البعض بـ(الفافي). بالنسبة لمنظومة الرجولة المصرية الكلاسيكية شريف (ناعم)، وليس شبهنا، ويتحدث في موضوعات (الستات) على اعتبار أن الطبخ موضوع نسائي تفوح منه لديهم روائح الأستروجين والكروموسوم (إكس)، ومن الصعب على هؤلاء اعتبار (واي) مشارك فعال في تلك العملية المعقدة. هم أنفسهم يقبلون أن يأكلوا عند (البرنس) أو عز المنوفي صاحب عربة الكبدة والسجق. يقبلون برامج يقدمها شيفات أجانب، لكن مذيعًا يتسامر معهم ويحكي مع المتصلات بنبرة صوت يظنونها مصطنعة وعلى مستوى نعومة النساء يستحق حتمًا ما سيصمونه به..
في المقابل كان شريف يرتقي.. يرتقي بمعنى الكلمة.. هذا الشاب (ابن الناس) الذي هو من مصر الجديدة وأغلب خروجاته في (الكوربة) ونادي هليوبوليس، وعائلته أرستقراطية، وحفيد لوزير حربية مصر الفريق محمد فوزي، هذا الشاب خريج التجارة والدارس في سان جورج هو لدى الأخريات (الواد المفعوص) ابن الجيران، وكأنهن رأينه يكبر أمامهن، فلا خجل ولا كسوف. هو بالنسبة إليهن (الواد ده عسل) ومصدر ثقة و(دمه شربات ابن الذين). ذات مرة سمعت إحدى الجارات تأمر بنتها (حولي على شيكو)، وقد ظننت في الأمر إشارة لمسلسل كارتون لكن اتضح أنها كانت (تدلع) شريف مدكور باعتباره فردًا من العائلة وبرنامجه موعد لقاء يشبه استراحة ما بعد ساعة القيلولة..
في تلك اللحظة من تاريخ التليفزيون المصري كانت الأنظار تتجاهل الحدث الاجتماعي لحساب التلاسن السياسي والصعود المستفز غير المحسوب لبرامج التوك شو، وفي تلك الأثناء كان شريف مدكور يصنع أسطورته الذاتية.
(2)
في دراسات القائم بالاتصال يعد (الجمهور المستهدف) بوصلة لا يمكن أن تحيد عنها. هناك من يختار التعامل مع الجمهور بوصفه جمهورًا سلبيًا يطلق في رأسه رصاصة سحرية تتحكم فيه، وهناك من يرتب له أجندته وفق احتياجاته لا وفق ضروريات الجمهور، وهناك من يقرر أن يتفاعل مع هذا الجمهور المستهدف. شريف مدكور كان من النوع الأخير، وقد قرر الخروج من الشكل النمطي لما اصطلح عليه (برامج الطبخ) لشكل أكثر رحابة واحترافية يقدم فيه (شو) عائليًا بامتياز يتفاعل فيه مع جمهوره المستهدف، ويجيد اختيار موضوعاته من خلاله. صعب بالنسبة لي أن أذكر أسماء معدين زملاء عملوا مع شريف، لكن سهلًا أن أشير إلى حلقات وموضوعات ونجوم اكتشفهم، فالرجل فتح الطريق لعدد من الشيفات المشهورين الآن ولم يكن من الغباء والنفسنة الذين يجعلون البعض يظنون أنهم النجوم وحدهم والباقي عوامل مساعدة، ثم على مستوى (الفورمات) كان شريف سباقاً إلى فقرات مختلفة عن السائد تكمل شكل (الشو) المبهر بالاستعانة بالأطفال أحيانًا، وبعارضات أزياء محترفات، وخبيرات إتيكيت في أحيان أخرى.. صار لشريف شكل جعل القنوات تتهافت عليه ليخرج من تجربة التليفزيون المصري الذي لا تستبعد أن تدخل الأستوديو فيه قطة مرت بالصدفة، إلى فضائيات تنافس به فضائيات أخرى.. صار نجمًا رابحًا وورقة يمكن الضغط بها لكنه لم يكن يأبه لذلك ويعمل في صمت، ولا يستطيع للأسف أن يتعدى واقع التنمر الذي يزيد يومًا بعد يوم برجولته قبل أن يكون بكونه مذيعًا، لا سيما وقد تطور الأمر لأشياء مهينة من شأنها السباب المباشر واتهامات الشذوذ، قبل أن يتطور الأمر لمراحل أكثر خطورة يحكي عنها شريف نفسه حين يشير إلى تحرش البعض به إذا رأوه مصادفة في الشارع بصحبة صديقة من صديقاته، ونزوله للمشاجرة أكثر من مرة.. إن لم يكن ذلك كفيلًا بإحباطك شخصيًا فمتى تحبط؟!.. حسنًا.. شريف لم يحبط حتى بعد أن صار مشهورًا أكثر وأكثر بسبب شو آخر هو واحد من الأكثر احترافية في تاريخ الفضائيات العربية.. عن باسم يوسف أتحدث.
(3)
كان شريف مدكور ضيفاً ثابتاً في سخريات باسم يوسف الأشهر، والتي تعطي لأبطالها شهرة أكبر، وكان باسم وفريقه أذكياء فيما يلتقطونه من مشاهد لشريف، لكنهم بطريقة أو بأخرى، بقصد أو بدون قصد، كانوا يثبتون الصورة الذهنية لشريف مدكور لدى الوعي الجمعي الذكوري.. فهذا شريف يؤدي حلقة باليه مع أطفال وشباب قد تبدو عفوية، ومناسبة لسياقها لكن مع باسم كان الأمر مختلفًا..
شريف في البداية تلقى الأمر بتحفظ، ثم بتحفز، ثم بغضب شديد، ثم سرعان ما هدأ – على ما يبدو – إذ تواصل مع باسم – على ما يبدو أيضًا – وفهم طبيعة (الشو) الأهم في البرامج العربية الساخرة عبر التاريخ التليفزيوني..
إلا أن في الأمر فواتير كان يجب أن يدفعها في حياته الشخصية مع مواصلة التنمر به، ومع مرور الوقت ظل شريف يعمل ويعمل ويعمل، صار للرجل معرفة مباشرة بعدد ليس بقليل من العاملين في المهنة.. صاروا يحكون مواقفه معه إذا أخطأ أحد في حقه عن معرفة ودراية بشخصيته.. صار له محامون.. كيف لا وقد انضم لفئة قليلة جدا من المذيعين المصريين والعرب الذين تحمل برامجهم اسمهم.. في تلك الفترة كانت لفتات شريف الإنسانية عديدة حتى على الهواء مباشرة.. إذ ثار ذات مرة لموظف الأمن الذي أهانه مسؤول في قناة منافسة وصعد شريف الأمر وطلب الاعتذار من هذا المسؤول الذي اعتذر بالفعل.. انتقل شريف من التليفزيون المصري للمحور ثم من المحور للنهار، ثم انتقل إلى مجموعة إعلام المصريين ووسط كل ذلك كانت العقدة تطارده رغم أنه لم يعد يلقي لها بالا وهو يرد بالعمل والعمل.. عقدة المذيع الفافي الذي كشف كثيرون عن جدعنته ورجولته وعلاقاته الطيبة بزملائه وفريق عمله وبساطته الشديدة وتلقائيته المدهشة وحبه المشاركة في غسل الأموات وهم في طريقهم للقاء الله عز وجل..
ومع ذلك..
مع كل ذلك.. هناك الصورة النمطية المستفزة التي آن لها التغير بعد إعلانه عن إصابته بورم في القولون..
أشفق فقط على شريف مدكور مما اصطلحت على تسميته بالهجمة المرتدة.. فبالنسبة لي ولأي إنسان سوي متزن نفسيا سنرجو أن تكون نتيجة عينة الورم سلبية ليكون ورما حميدا.. لكن بالنسبة لهؤلاء الذين شخصوا حالته من تلقاء أنفسهم وأقاموا سرادقات عزاء من المحبة لم يألفها الرجل وهو في قمة جدعنته وكأنه من اللازم أن تحدث له مصيبة..
بالنسبة لهذا الرجل فنجاته التي نتمناها ستكون مناسبة لنهشه ومواصلة التنمر بشخص محبوب سلفا متنمر به هواية وجهلا على اعتبار أنه.. وفق تصورهم لحظتها.. سيكون قد تاجر بمرضه وخدع الناس بحثا عن التعاطف..
وسواء حدث ذلك أو لم يحدث..
كل الذي أتمناه لأصحاب الهرمونات الغاضبة دعاءهم لشريف بالسلامة حتى لو قرروا مواصلة التنمر به لأنهم في قرارة أنفسهم يحبونه ولو لم يعلنوا.. يحبونه ولو لم يدركوا.. يحبون فيه ما لم يستطيعوا أن يكونوه.
إعلان