لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لا نريده.. ولا البلد يحتمله!

الكاتب الصحفي سليمان جودة

لا نريده.. ولا البلد يحتمله!

سليمان جودة
09:01 م الأحد 16 يونيو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في الأول من يوليو المقبل، سوف يبدأ تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في محافظة بورسعيد، وسوف تكون هذه المحافظة هي أول محافظة يتم فيها تطبيق المنظومة التي ستنتقل منها إلى محافظات أخرى فيما بعد، على أمل أن يتحقق الهدف البعيد من المنظومة كلها على مستوى الجمهورية!

والهدف هو أن يأتي يوم يحصل فيه المواطن في هذا البلد على الخدمة الصحية التي يستحقها، وأن يكون ذلك بمستوى عالمي!

ولو أن أحداً عاد إلى مادة بعينها في الدستور، تتحدث عن إنفاق الحكومة الواجب على الصحة، فسوف يعرف معنى ما أقصده من حديثي في الفقرة السابقة عن "مستوى عالمي" لا بد أن تتميز به الخدمة الصحية التي لا بديل عن أن تقدمها الحكومة لمواطنيها!

فالمادة المشار إليها تتكلم في الدستور عن أن إنفاق الحكومة على الصحة لا يجوز أن يقل عن ٣٪‏ من الناتج القومي الإجمالي، وأن هذه النسبة من الإنفاق العام على مرفق الصحة، لا يجب أن تمثل رغم ارتفاعها الواضح سقفاً نهائياً في هذا الاتجاه!

ذلك أن تحدي الإنفاق العام على الصحة بهذه النسبة في المادة الدستورية هو مجرد شق أول، أما الشق الثاني، فهو أن الحكومة ملتزمة- ليس فقط بالأخذ بهذه النسبة وتطبيقها- في مرحلة ما بعد تطبيقها بالارتفاع بمعدل الإنفاق على الخدمة الصحية، حتى تصل بها إلى المعدلات العالمية!

وهذا في حد ذاته مما يُحسب لواضعي دستورنا الحالي، كما يُحسب للحكومات الثلاث التي جاءت فيما بعد إقرار الدستور في يناير ٢٠١٤ !وهي حكومات المهندس إبراهيم محلب، ثم حكومة المهندس شريف إسماعيل، وأخيراً حكومة الدكتور مصطفى مدبولي، التي تجلس حالياً في مقاعد الحكم.. فكلها حكومات لم تناقش في هذه المادة الدستورية، ولم تفاصل في نسبة الإنفاق التي تحددها.. قد تكون المادة إياها غير مطبقة بالكامل في هذه اللحظة التي نتحدث فيها عنها، ولكن هذا لا ينفي أنها موجودة في دستورنا، وأنها قد بدأت في الخضوع التدريجي للتطبيق، وأنها سوف يأتي عليها يوم يجري فيه تطبيقها كاملاً لصالح كل مواطن!

ومما يدعو للتفاؤل أن الرئيس عندما بدأ فترته الرئاسية الثانية، قبل عام من الآن، قد بادر بوضع أولويات لها، وكانت هذه الأولويات هي الصحة، والتعليم، والثقافة!

ومن المؤكد أن مشروع التأمين الصحي الشامل سوف يظل علامة مهمة في هذا الطريق.. طريق مادة الدستور الخاصة بالصحة، ثم طريق أولويات الفترة الرئاسية الثانية.. فالأولويات الثلاث تبدو عند وضعها في إطار واحد إلى جوار مادة الدستور، وكأنها مكملة للمادة، ثم كأن المادة مكملة لها، أو كأنهما يسعيان معاً إلى تحقيق هدف واحد عند نهاية الطريق!

وفي أول هذا الأسبوع، أعلن الدكتور أشرف إسماعيل، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، في مؤتمر صحفي انعقد في بورسعيد معايير تسجيل واعتماد الصيدليات في منظومة التأمين الصحي الشامل، وأعلن أيضاً أنها أول معايير لتسجيل واعتماد الصيدليات في مصر وفي الشرق الأوسط!

وكان هذا مما يبعث على الأمل، لأن الخدمة الصحية الجيدة هي الخطوة الأولى نحو خلق إنسان قادر بالفعل على المشاركة في بناء بلده، ثم على الذهاب ببلده إلى المستقبل!

وربما كان هذا هو الذي دفع مليارديراً، مثل بيل جيتس، إلى الاهتمام بمسألة الصحة حول العالم، ثم إلى تخصيص جزء من ثروته الضخمة لتحويل كلامه حول هذه القضية، من حديث شفهي الى واقع حي على الأرض، فيقينه الذي عبّر عنه أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة، أن مواطناً بلا رعاية صحية جيدة هو مواطن مخصوم من قدرة بلاده على بناء مستقبلها!

ونحن لا نريد مواطناً واحداً مخصوماً من قدرة بلدنا على خوض معركة البناء، ولا البلد يحتمله، ولا سبيل إلى ذلك سوى تقديم خدمة صحية جيدة يستحقها هذا المواطن، وينتظرها، وسوى أن تتلازم معها خدمة تعليمية لا تقل جودة عن الخدمات المماثلة، التي تقدمها الدول المتطورة حولنا إلى مواطنيها.

إعلان

إعلان

إعلان