لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عن الخير وأهله ومستحقيه

أمينة خيري

عن الخير وأهله ومستحقيه

أمينة خيري
09:00 م الإثنين 03 يونيو 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بمناسبة عيد الفطر المبارك وأجواء شهر رمضان الكريم ومن وحي هذا الكم المذهل من إعلانات التبرعات والكفالات والمساعدات والمساندات والتي هجمت علينا من كل فج عميق، أقول إن كم الخير في مصر كبير جداً، وإن قنوات الخير كثيرة جداً جدًا، وإساءة استخدام كليهما كثيرة جدًا جدًا جدًا.

جدية إعلانات التبرعات، وسبل الإنفاق فيها، وتحديد الأولويات وغيرها أمور في علم الغيب وأولي الأمر من القائمين سواء على المشروعات نفسها أو الجهات الرقابية. والمؤكد أن هناك مؤسسات خيرية كبرى نرى بأنفسنا كيف تعمل وتخدم وتساعد وتساند من يحتاجون الدعم، لا سيما تلك العاملة في المجالات العلاجية. لكن المؤكد أيضًا أنه يستحيل أن تعتمد ملايين من المصريين في أمور حياتهم اليومية بدءًا من بديهيات أسقف تحميهم مرورًا بمياه شرب نقية تقيهم الأمراض، وانتهاء بطعام الإفطار والغداء والعشاء على تبرعات أخي المؤمن وأختي المؤمنة فقط لا غير. والمؤكد أن هناك شيئًا ما غير مريح حين تظهر في شهر رمضان مئات المؤسسات الخيرية، وإلى حد ما قبيل عيد الأضحى كذلك، ثم تختفي بعدها لتعاود الظهور في العام المقبل، وهلم جرا.

وقد جرت العادة لدى البعض، لا سيما ممن يستشعرون شكوكًا ما في كيفية إنفاق أموال التبرعات، تطبيق مبدأ "اللي محتاجة بيتك يحرم على الجامع"، بمعنى أنه في حياة كل منا أخ أو قريب أو صديق مقرب أو جار ضاقت به السبل وضغطت عليه الحياة، فبات محتاجًا مستحقًا للمساعدة والدعم، وذلك حفظًا لماء وجهه، واتقاء لجرح كرامته إن هو اضطر لمد يده بالسؤال.

والسؤال الآخر الذي يفرض نفسه في كل رمضان يتعلق بتوزيع الوجبات قبل وقت الإفطار، ربما يكون بعضها فدية إطعام المسكين. وسواء كانت هذه الوجبات صدقة أو فدية، فإن الملاحظ أن من يوزعها يقوم بذلك عشوائيًا. يتجول بسيارته، يفتح زجاج نافذته، يسلم الرجل أو المرأة أو الطفل ممن تبدو عليهم أمارات الفقر أو الحاجة، ثم ينطلق إلى حال سبيله. لكن الملاحظ كذلك أن نسبة كبيرة جدًا من أولئك يحملون شنطًا بلاستيكية ضخمة تحوي حفنة من الوجبات التي يتم توزيعها من قبل أهل الخير. وبعيدًا عن مسألة الثواب والحسنات والنيات، هل هذه الوجبات وقيمتها تم توزيعها بالفعل على من يستحق؟ أم أن هناك مجموعات من الخبراء والمختصين يوزعون أنفسهم في أماكن عدة ويجمع الواحد منهم عشرات الوجبات دون وجه حق؟ وهذا تحديدًا ما يحدث في عيد الأضحى المبارك حيث يحصل أولئك على لحوم الأضاحي عشرات المرات، بينما يبقى آخرون ربما يكونون أكثر احتياجًا وأعمق كرامة دون نصف كيلو لحم.

منظومة الخير وأهله ومستحقيه تحتاج المزيد من التنظيم وكثيرًا من التفكير، لا سيما وأن غالبية أشكال الخير في مصر تتخذ شكلاً دينيًا يقصي الآخرين. التنظيم مطلوب لضمان وصول التبرعات، سواء المادية أو العينية، لمن يستحقها فعلاً. كما أنه مطلوب ضمانًا لعدم وقوع هذه الملايين، وربما المليارات، في أيادي جمعيات وجماعات وأفراد يأكلون بعقولنا حلاوة ويستثمرون هذه الثروات في المزيد من الخراب الديني، ولنا في جمعيات الإخوان والسلفيين ومن ليسوا إخوانًا أو سلفيين لكن يحبونهم ويحترمونهم قدوة.

أحب كثيرًا المحلات الخيرية مثل Scope وOxfam وRelief وغيرها

حيث يتم بيع ما يتبرع به الآخرون ويكون في حالة جيدة جدًا ونظيفًا لصالح غاية ما: الأطفال المصابين بالتوحد، أطفال العالم الثالث، المشردين،... إلخ.

كلمة أخيرة في مسألة الخير: جموع المتسولين والمتسولات وأسرهم وجيرانهم وأصدقاؤهم ممن يجتاحون الشوارع طيلة أيام رمضان بغية ابتزاز مشاعر الصائم بغية تعظيم الأجر وتكبير الثواب لا تستحق إلا الخضوع لإعادة تأهيل من قبل الدولة للتدريب على مهنة أو حرفة ما، وليس تشجيعهم على مزيد من قلة القيمة شكلاً وموضوعًا. وكل عام ومصر بخير وخير مصر وخيروها بخير.

إعلان

إعلان

إعلان