- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
قبل ثلاثين عاما، ذهبت للولايات المتحدة من أجل الدراسات العليا، وهناك كان علي تدبر حياتي الجديدة. كانت الإيد قصيرة، ولم يكن هناك بد من تأثيث البيت الصغير اعتمادا على "عفش خرج بيت". يعلن الأمريكيون في الجرائد المحلية عن الأشياء القديمة التي يريدون التخلص منها بطريق البيع. وجدت إعلانا عن مائدة طعام ذات أربعة كراسي، فوجدتها مناسبة. ذهبت للعنوان، وهناك وجدت سيدة عجوز، اتفقنا على السعر، وكان علي أن أنقل ما اشتريته في سيارتي الصغيرة، فاستئجار سيارة للنقل كان فيما وراء الموارد المحدودة بكثير. عجزت عن تثبيت المائدة والكراسي داخل السيارة وفي شنطتها، ووقفت حائرا، فتدخلت السيدة العجوز، وبمهارة ونشاط أعادت ترتيب الأشياء وربطها بالحبال بطريقة آمنة.
خجلت من نفسي، وحاولت أن أبرر عجزي للسيدة العجوز فقلت لها – بالإنجليزية طبعا - "سامحيني، أصل أنا طالب". لم تفهم السيدة العجوز قصدي، ونظرت إلي في دهشة. أدركت في هذه اللحظة سخف ما نطقت به، وأنه من قبيل العبارات التي لا يمكن فهمها خارج سياقنا الثقافي والاجتماعي البائس؛ ففي بلدنا فقط الطالب هو ذلك الكائن الذي لا يصلح لشيء إلا الانكباب على كتب وكراريس مليئة بمعلومات عن أشياء يسمع عنها، لكنه لم يرها أبدا؛ فيما يتولى آخرون رعايته، والسهر على راحته، في مقابل قيامه بمهام المذاكرة المقدسة.
طبعا هناك من التلاميذ من ينزل لسوق العمل، وفيها يتعلم أشياء كثيرة، لكن كلما صعدت سلم التدرج الاجتماعي، تجد التلاميذ من أبناء الطبقات الوسطى والعليا كائنات معدومة التجربة والخبرة. أظن الوضع الآن أصبح أكثر سوءا بسبب المبالغة في الخوف على الأبناء، وبالنظر إلى نزعة الإفراط في حماية الأبناء وتدليلهم التي طرأت على طبقاتنا الوسطى، وما يترتب عليها من حرمانهم فرصة التجريب والاشتباك مع الحياة بما يتناسب مع أعمارهم وخبراتهم، فينتهي الأمر بالفتى من هؤلاء وقد استهلك أغلب وقته بين المذاكرة في الشتاء وألعاب الكمبيوتر في الصيف. فأبناء الطبقات الوسطى كائنات محرومة من حرية الانتقال الآمن، لا يتنقلون إلا في سيارات الوالدين، ولا يعرفون كيف يتعاملون مع الأوتوبيس أو الميكروباص، فتصبح المهام البسيطة من نوع التلويح بثقة للميكروباص، وجمع الأجرة من الركاب، والصياح على السائق لكي يركن على جنب لزوم النزول، هذه المهام البسيطة تتحول إلى تحديات صعبة يواجهها الصغار من أبناء الطبقات الوسطى لو حكمت عليهم الظروف بركوب الميكروباص. المحظوظون من أبناء الطبقات الوسطى يلعبون الكرة أو أي رياضة أخرى، لكنهم فيما وراء ذلك نادرا ما يتحملون مسئولية، فلا يغسلون طبقا متسخا، أو يصلحون كرسيا مكسورا، أو يتولون تركيب مصباح جديد بدلا من القديم المحترق.
لا بد من تغيير الطريقة التي نربي بها أطفالنا. لابد من تدريبهم على المهارات اليدوية، وأن نصنع منهم كائنات مسئولة. على الآباء التخلي عن الخوف والحماية الزائدة، وعلى النظام التعليمي تجاوز الكتاب المقرر، وأخذ تعليم الأنشطة والمهارات بجدية، ولابد من توفير الموارد اللازمة لكل ذلك؛ فهل من حقنا أن نحلم بأن نجد كل ذلك مشمولا في الإصلاح التعليمي الذي يخطط له وزير التربية والتعليم؟
إعلان