"الخليفة جلفدان هانم الإسطمبولي"

ـ لم يستطع أن يتمالك نفسه وهو عائد بموكبه السلطاني. سالت دموعه وهو يراجع الموازنة الأخيرة لدولة الخلافة. والمزينة بكلمتين "يوك" يعني مفيش. و"شوك" يعني بالعبيط. فلوس يوك. بطالة شوك. وظائف يوك. تضخم شوك. ورغم مأساته الاقتصادية التي قاد إليها البلاد والعباد، فإنه أصر على أن ينتصر عليها، وتهدلت شفتاه بابتسامة بلهاء، فمن وسط اليأس يولد الأمل.

لذا سرعان ما قرر أن يتحدى الهم. أن يحول أحزان اليوك والشوك إلى دقات الفرح والسرور. وعلى إيقاعات يوك شوك يوك تمايل بجسده الفارع وارتعاشة صدره بقميص النوم الأحمر الذي أهداه طبو زادة إلى جلفدان هانم الإسطمبولي ليلة دخلتها قبل مجيئه بـ٩ شهور.

وما إن انتهى من رقصته الماجنة حتى استلقى على الشلتة السلطانية، وأقبلت عليه الست جماعته بقرعة البوظة، فتجرعها مرة واحدة بعد أن فض بداخلها شريط صراصير و٣ ترامادول أشاعت في دمائه حرارة، وانطلقت التهيؤات في رأسه واستكنيص. فمسحت له جماعته ريالته المنسابة على رقبته، وهي تتساءل:

ـ خلاص. تفليسات أفنظم؟ شعب اضربنا بالبلغات أفنظم؟

- حظرتنا يلاقي حلول. يعمل شلقبظات يسوي هوايل. بترول عراق بالوشي ضاع.

بترول سوريا بالوشي راح. نحن نجيب بترول ليبيا. نضبط موازنات نرفع ليرات. نجيب للسيسي صداعات.

- لكن جيش حظرتكم يحتاج مصروفات. يحتاج سندوتشات. فانلات وكلسونات.

- حظرتنا مش اسكت. اعمل اجتماعات أمم متحدات. آخذ تفويضات تمويلات. آت.

وكصدي صوت التيس الزرايبي ظل يردد وامرأته منهمكة في مسح الريالة حتى غلب

عليه السطل وراح في غيبوبته منطلقاً إلى عالم موازٍ يتابع بفخر المندوب الإسطمبولي الدائم بالأمم المتحدة وهو يتقدم بطلب عاجل لانعقاد جلسة استماع للخليفة جلفدان لطلب الدعم الدولي في تدخله في ليبيا لسرقة البترول ودعم خاير بك الكلوب.

وحين ارتقي المنصة قرر أن يلقن الغرب درساً قاسياً في الحريات والمساواة رداً على رفضهم انضمامه إلى الحلف، فانطلق صوته مجلجلاً:

ـ حظرتكم ترفضون انضمام حظرتنا. نحن أكثر من حظرتكم حرية وحقوق إنسان.

حظرتنا أقر قانون حماية الشواذ. حظرتنا منح حظرة الشاذ حق شقط زبائن من الشارع

حظرتنا لدينا نقابات للعاهرات. اتفاقيات شراكات إسرائيليات. حظرتنا حاصل على وسام الشجاعة اليهودية أفنظم. نحن إسطمبولي أول من اعترف بإسرائيل أفنظم. اعترضنا على استقلال الجزائر في أمم متحدات أفنظم. رغم ذلك ترفضون منحنا في دخول ليبيا مساعدات. اقتصاد حظرتنا شوربة. أعطيتم بوش أفندي في العراق تفويضات نحن كمان نريد لحظرتنا جلفدان هانم في ليبيا تفويضات.

ضجت القاعة بالضحك، ولم يتمالك المندوب الأمريكي نفسه فعقب قائلاً: "إنت عايز تعمل راسك براسنا يالاه؟ لم يهتز الخليفة وأشار برأسه تجاه ابن بنانا: يوك تفويضات يبقي تمويلات. نحتاج تمويلات من دول حليفات. أشاح ابن بنانا وجهه بعيدا وهو يلعب في أصابع قدمه المتدلية من الصندل، بعد أن زغر له المندوب الأمريكي زغرة مباحث. فتوجه الخليفة جلفدان ببصره إلى مندوبة ألمانيا: يوك تمويلات. يبقي مساعدات نحن نريد مساعدات. فأجابته دون تفكير: كان على عيني. القرشين اللي كنا محوشينهم دهنا بيهم برلين الشهر اللي فات والنقاش مخدش بقية فلوسه".

هكذا غادر الخليفة في عالمه السرمدي قاعة الأمم المتحدة بعد أن اصطحبه الأمين العام حتى الباب الخارجي وهو يربت على كتفه، ويسأله مواسياً: "معاك فلوس تروح ولّا تيجي تبات عندنا"؟

وعلى صدى بكائه استيقظ مذعوراً من غيبوبته وهو يردد متشحتفاً: "ليبيا يوك أفنظم ليبيا يوك أفنظم".

رقّ له قلب الست جماعته، وأسرعت تهدئ من روعه وهي تخلع أساورها الذهبية: "مش عيط أفنظم. حتتين سيغة دول من شان تجيب بيهم لجنودنا أشاوس ساندوتشات حلاوة بالمربات. وبجمعية والدة حظرتكم من شان تجيب لهم فانلات وكلسونات. وده تلغرافات لحظرتكم من مصريين ومصريات. يقولون خليفة جلفدان هانم إسطمبولي معظم: أبوك السقا مات".