لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أن تكون سعيدًا ليس خطيئة

د. أحمد عمر

أن تكون سعيدًا ليس خطيئة

د. أحمد عبدالعال عمر
07:00 م الأحد 29 نوفمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يسكن هاجس البحث عن "السعادة الشخصية" عالم الأستاذ بهاء طاهر الأدبي، وتتردد في أجواء معظم أعماله أصداء التساؤلات المضنية التي عذبت أبطال روايته المميزة "الحب في المنفى"، وهم يبحثون عن "السعادة المفقود"، والتي لخصها "إبراهيم" أحد أبطال الرواية عندما قال مخاطبًا صديقه: هل تعرف كيف صدر الأمر بحرماننا من السعادة؟ وما الفائدة أن يجد الإنسان ما ظل يبحث عنه طول عمره ولكن بعد فوات الوقت؟

وقد عاد الأستاذ بهاء طاهر للتأكيد على حتمية بحث الإنسان عن الفرح والسعادة الشخصية، وجعلهما هدفا لحياته في قصته القصيرة "الجارة" المنشورة ضمن مجموعته القصصية الأخيرة "لم أعرف أن الطواويس تطير".

وبطل هذه القصة هو "عويس"، المهاجر المصري إلى فرنسا الذي كان عمله كمراجع حسابات يحتاج إلى تركيز عقلي شديد، ولا يسمح له بأن يترك نفسه للعواطف.

ولهذا ضاع عمره، وانقضى في الغربة، وطلب الرزق والنجاح المهني، دون أن يعرف معنى السعادة والفرح الحقيقي، حتى قابل "ملهمته" الفرنسية، التي تعلم معها أن يعيش أبعادًا أخرى للحياة تجعله سعيدًا.

وملهمة "عويس" الفرنسية التي تعلم منها بطلنا "عويس" حب الحياة والعيش بفرح في قصة "الجارة"، هي مدام "سوروندون بيويل" الأرملة العجوز التي قاربت الثمانين، وجارته التي تسكن معه هو وزوجته الفرنسية "روزالين" في المبنى ذاته بإحدى المدن الفرنسية.

يصفها عويس فيقول عنها: "في عينيها برغم سنها التي قدرت أنها تقارب الثمانين نظرة مرحة، تكاد تكون نظرة شقاوة طفولية". وهي على قناعة تامة بأن "الحياة هي مرة ويجب ألا نضيع الوقت... يجب أن نستمتع فيها بكل لحظة".

ولهذا ترغب في أن تعيش ألف عام، وأن تستمتع بكل لحظة من عمرها كما دعاها لذلك زوجها الراحل الذي عاش ومات بفرح. ومعنى أن نعيش لألف عام عندها هو "أن نفرح بكل دقيقة في هذه الدنيا قبل أن نودعها".

ولهذا عندما تمرض مدام "سوروندون بيويل" يجد "عويس" في مرضها مصابه الشخصي، ويخاطبها قائلًا: "لا تخذليني يا جارتي الشجاعة، أنا ألتمس من شجاعتك الأمل الذي ضاع مع عمر انقضى دون معنى ولا فرح؛ فلا تتركيني وحيدًا، هيا عيشي ألف عام، كما وعدت زوجك... ابقي معنا أرجوك، ابقي معنا دائمًا، فأنا أيضا أريد أن أعيش ألف عام".

وبهذا أظن أن الرسالة الإنسانية والفلسفية المهمة التي حملها لنا الأستاذ بهاء طاهر عبر قصته الأخيرة "الجارة"، وعبر خبرته الكبيرة في الحياة في هذه المرحلة من عمره، والتي يجب أن نستوعبها نحن بدورنا، ونعيشها، هي:

عيشوا الحياة بفرح، لا تجعلوا الأحلام ولا الأيام تهزمكم، ولا تثقلوا قلوبكم بالأحزان؛ فأن يكون الإنسان سعيدًا ليس خطيئة، بل "إن الفرح معادل للفضيلة، والحزن معادل للرذيلة" كما قال الفيلسوف الهولندي الشهير اسبينوزا.

إعلان

إعلان

إعلان