لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل يجب أن يدفع نواب البرلمان الضريبة؟

عمرو المنير

هل يجب أن يدفع نواب البرلمان الضريبة؟

عمرو المنير

نائب وزير المالية سابقا

 

07:00 م السبت 05 ديسمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

*خبير الضرائب الدولية.. نائب وزير المالية السابق

أثير في الآونة الأخيرة موضوع إعفاء ما يتقاضاه السادة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من الضرائب على الدخل، وذلك بمناسبة اعتماد مجلس الشيوخ اللائحة الخاصة به, والتي تنص على إعفاء أي مبالغ تدفع إلى الأعضاء من المجلس من جميع أنواع الضرائب والرسوم, وهو نفس ما ورد في المادة 428 من لائحة مجلس النواب؛ الأمر الذي أثار حفيظة البعض، كما أثار حالة من الجدل بين مؤيدي أحقية الأعضاء في الإعفاء من الضريبة, تجنبا لوجود رقابة من السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وبين الرافضين للإعفاء على أساس تعارضه مع مبدأ العدالة الضريبية.

بداية يجب أن نعلم جيدًا أن هناك قاعدة عامة فيما يتعلق بفرض الضرائب، وهي "لا ضريبة دون تمثيل". أي أن فرض الضريبة مرتبط دائما بوجود برلمان ونواب عن الشعب منوط بهم تشريع القوانين، ومن بينها قوانين الضرائب، ويمارسون دورهم في الرقابة على كيفية إنفاق الحكومة هذه الضرائب، إلا أنه قد توسع هذا المفهوم حديثا ليضاف إلى القاعدة القديمة المعروفة مبدأ آخر وهو "لا تمثيل دون ضرائب، أي أنك إذا لم تعمل وتنتج وتدفع ضرائبك فلا يبقى لك حق في التمثيل النيابي. أي أن نائب الشعب يجب أن يكون في مقدمة الملتزمين بدفع الضريبة.

وقد وجدتُ أنه من المناسب- في هذا الصدد- أن نمر على تجارب الدول الأخرى حتى نقف على موقف عادل بالنسبة لهذا الموضوع الشائك.

ففي إنجلترا مثلا- اعتبارا من إبريل 2020- يحصل عضو البرلمان البريطاني على راتب سنوي يبلغ 82000 جنيه إسترليني تقريبا، يضاف إلى ذلك عدد من البدلات تشمل بدل إقامة أو بدل سفر لأعضاء البرلمان غير المقيمين في العاصمة (مقر البرلمان)، وكذلك بدل آخر يحصل عليه عضو البرلمان للإنفاق على مكتبه البرلماني من رواتب مساعدين وأجهزة وأدوات مكتبية... إلخ.

وطبقا للقانون، يخضع الراتب السنوي لعضو البرلمان للضريبة على الدخل، بينما تعفى البدلات من الضريبة، باعتبارها مقابل نفقات ضرورية لمزاولة العمل البرلماني.

وتقوم "هيئة المعايير البرلمانية المستقلة" The Independent Parliamentary Standards Authority" IPSA" وهي هيئة مستقلة بالتعامل مع كل ما يتعلق برواتب وبدلات الأعضاء والضرائب المتعلقة بها.

وفي كل من جنوب أفريقيا والهند يخضع ما يحصل عليه عضو البرلمان للضريبة مع الحصول على خصم ضريبي مقابل بدل أعباء العمل البرلماني، شاملا (رواتب المساعدين وفواتير التليفون وغيرها)، بالإضافة إلى بدل الوجبات في حال استمرار جلسات البرلمان إلى ساعات متأخرة.

وفي مصر تبلغ المكافأة الشهرية لأعضاء مجلس النواب والشيوخ وفق اللائحة خمسة آلاف جنيه، بالإضافة إلى مكافآت أخرى نظير حضور الجلسات، بشرط ألا يزيد إجمالي هذه المكافآت على أربعة أضعاف المكافأة الشهرية. ويعفى كل ما يحصل عليه العضو من كافة أنواع الضرائب .

وفي ضوء التجارب العالمية، أرى أن عضو البرلمان يجب أن يحصل على دخل مناسب, يكفل له ممارسة عمله البرلماني باستقلالية، على أن يخضع هذا الدخل للضريبة، أسوة بغيره من المواطنين، مع إعفاء البدلات المتعلقة بعمله البرلماني من الضريبة مثل: بدلات الانتقال، والإقامة، والتليفون، وغيرها من المصروفات التي يحتاجها النائب لإنجاز عمله البرلماني دون ضغوطات مادية.

وماذا عن الفصل بين السُلطات؟

في الحقيقة، إن الضريبة على الرواتب تخصم من المنبع، فلا توجد علاقة مباشرة بين دافع الضريبة على الراتب وبين السلطة التنفيذية ممثلة في مصلحة الضرائب، ولكن التعامل يكون مع جهة العمل, وبالتالي لا علاقة مباشرة بين عضو البرلمان ومصلحة الضرائب فيما يتعلق بدخله البرلماني.

كما أن أغلب أعضاء البرلمان لديهم دخول أخرى خاضعة للضريبة وكثيرا ما تدور بينهم وبين مصلحة الضرائب منازعات وخلافات كأي دافع للضريبة، وبالتالي فلا مجال للحديث عن وجود تأثير لخضوع عضو البرلمان للضريبة عن دخله البرلماني للرقابة من السلطة التنفيذية.

ومن هنا تطل الإجابة عن السؤال الوارد بعنوان المقال، وهو أنه لا يوجد ما يمنع من توفير دخل مناسب للنائب البرلماني وبدلات تعينه على عمله كنائب، ولا يوجد ما يمنع أيضا من دفع الضريبة على الدخل الأساسي، باعتباره قدوة لمن يمثلهم، مع إعفاء البدلات الأخرى مقابل أعباء عمله .

إعلان

إعلان

إعلان