لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"كورونا"...ولكن!

عصام شيحة

"كورونا"...ولكن!

عصام شيحة
09:18 م الثلاثاء 31 مارس 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا شك أن حديث "كورونا" بات هو الشغل الشاغل لكافة وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها، وكأن العالم قد خلا مما عداه من هموم وقضايا تدور في رحاب المجال الحيوي للأمن القومي المصري، لطالما تمحورت حولها الصراعات والمنافسات في الداخل والخارج.

ولست أرى إلا أن الأمر على هذا النحو يجافي المصلحة الوطنية الحقيقية إلى حد بعيد، ويتجاهل أمورًا لا تقل أهمية عن وباء كورونا بل وتزيد. ومن ثم فإن الاستغراق في "كورونا" قد بلغ حدًا بعيدًا لا يمكن معه التأكد من أن ملفات بعينها، شديدة الأهمية، ما زالت تحتفظ بأولوياتها في أجندة العمل الوطني.

وفي ذلك أود طرح بعض الملاحظات السريعة، عساها تُشير إلى مجموعة من القضايا الوطنية بالغة الحساسية، والتي من الوارد جدًا أن تعرقل خطواتنا الجادة نحو بناء مصر المستقبل، إذا ما كان الإهمال نصيبها جراء "كورونا". فرغم تزايد الهلع من "كورونا" في العالم كله، وأحقية الأمر في تصدر المشهد، إلا أنه أمر مؤقت بكل تأكيد؛ وعليه فإن تغييب ملفات بعينها عن اهتمامات الرأي العام هو أمر بالغ الضرر. وفي ذلك أقول:

ـــ سد النهضة مستمر في الصعود متجاهلاً الجمود السياسي الذي لحق به جراء رفض إثيوبيا ما بلغته الوساطة الأمريكية بمساندة من البنك الدولي، وفي الوقت الذي يعاني فيه الموقف السوداني سيولة مانعة لرصد منتهاه بدقة. فقد تطايرت الأنباء عن رفض أديس أبابا العودة إلى المفاوضات ما لم يتم إلغاء صياغات واشنطن وإبعاد وزارة الخزانة الأمريكية عن الملف برمته. وتروج إثيوبيا في العالم رغبتها في العودة للمفاوضات بشكل مباشر أو بوساطة غير مُلزمة، أي ما معناه إلغاء المادة العاشرة من اتفاق المبادئ الموقع في مارس 2015 بين: "مصر والسودان وإثيوبيا"، والتي تتعلق بتسوية النزاعات وطلب الوساطة في هذا الشأن. وكما ألقينا على ثورة يناير، بالخطأ والزور، مسؤوليتها عن "إلهاء" مصر حتى قطعت إثيوبيا خطوات ملموسة في عملية بناء سد النهضة؛ فإنني ألفت الانتباه من الآن إلى أن مواصلة السير على هذا النهج ستؤدى بنا إلى تحميل "كورونا" مسؤولية الانشغال عن متابعة ملف سد النهضة حتى بلغ حدودًا لا يمكن التراجع عنها!.

ـــ الاستحقاقات الانتخابية الدستورية واجبة التنفيذ، وموعدها بدايات نوفمبر المقبل 2020، ما زالت تحتاج جهدًا جهيدًا من مجلس النواب حتى تكتمل قواعدها التشريعية. ولست أرى محاولات جادة لخلق بيئة مناسبة يمكن من خلالها إجراء الانتخابات إذا لم يتم حسم أزمة "كورونا" سريعًا، وهو أمر للأسف غير منظور. وأُشير هنا إلى أن الوقت ما زال متسعًا لابتكار رؤى خلاقة يمكن انتهاجها؛ لتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية الدستورية في موعدها. والاجتهادات هنا كثيرة، قد لا تكفي المساحة المتاحة لسردها. لكن ما يهمني هو التنبيه إلى خطورة التواكل على "كورونا"، وتحميل هذا الفيروس الصغير مسؤولية ورطة دستورية وسياسية لأعرق دولة مركزية في العالم، وفي الذاكرة كيف تواصل إهمالنا لانتخابات المحليات حتى باتت في ظل "كورونا" ترفاً تسبقه أولويات ضرورية غير مضمونة التحقق مثل انتخابات مجلسي النواب والشيوخ.

ــ لا يقل عن ذلك أهمية، الإشارة إلى فضل "كورونا" في إتاحة فسحة كافية من الوقت ليتنا نستغلها في بحث المعوقات الثقيلة الراكدة أمام عملية جذب الاستثمار الأجنبي، وتهيئة المناخ لنجاح محور تنمية قناة السويس حتى يحقق الآمال العريضة التي تعلقت به كسبيل إلى تحقيق قفزة هائلة في الاقتصاد المصري تتيح له مشروعية التوقعات الدولية التي وضعته في المرتبة السابعة عالميًا عام 2030. وغير ذلك كثير من الملفات الوطنية التي تحتاج إلى روية، وليس تراخيًا، في استخلاصها فرصها من بين أنياب التحديات الشاقة التي تواجهنا.

ـــ ماذا تفعل أحزابنا لمواجهة "كورونا"، غير توزيع بعض المطهرات والكمامات أمام وسائل الإعلام، حتى تنشغل بـ"كورونا" عن بحث مشكلاتها المزمنة الماثلة في الفجوة السحيقة بينها وبين الشارع، وافتقادها لبرامج موضوعية مدروسة تتبني قصايا الوطن كافة، وصراعات داخلية باتت تنافس "خناقات" أهل الفن والرياضة في تسلية وإلهاء الناس عن همومها الحقيقية.

وغير ذلك كثير، ينبغي أن نلتفت إليه بكثير من الوعي رغم "كورونا"؛ فـ"كورونا" مهم... ولكن!.

إعلان

إعلان

إعلان