لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الأغبياء لا يتغيرون

د. أحمد عمر

الأغبياء لا يتغيرون

د. أحمد عبدالعال عمر
07:00 م الأحد 12 أبريل 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

خيراً فعل البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، بحسه الفكري والإنساني الراقي، عندما اعتبر في حوار صحفي أجري معه مؤخراً عبر البريد الإلكتروني، وقام به الصحفي البريطاني أوستن إيفيريغ - كما نشر موقع CNN بالعربية - أن وباء فيروس كورونا (كوفيد 19) هو أحد استجابات الطبيعة نحو التغير المناخي، وقال: "أنا لا أعرف إذا ما كان هذا هو انتقام الطبيعة، لكنه بالتأكيد رد فعل من الطبيعة".

وقد أعادني تصريح البابا فرنسيس وتحذيره الضمني من استمرار حماقة البشر في هدر موارد الطبيعة، وتلويثها، وتغيير بنيتها وبيئتها، إلى أحداث فيلم "اليوم الذي تبقى فيه الأرض صامدة The Day the Earth Stood Stillوهو أحد أفلام الخيال العلمي من إنتاج 2008، ويتناول فكرة فناء المخلوقات والحضارات والحياة على الأرض، نتيجة شرور وغباء البشر، واعتدائهم المستمر على الطبيعة.

تبدأ أحداث الفيلم في عصرنا الراهن بعقد اجتماع طارئ يضم القادة العسكريين في الولايات المتحدة الأمريكية، بإشراف وزيرة الدفاع الأمريكية، وبمشاركة عدد من العلماء، لعرض حدث طارئ خطير، هو رصد جسم من الفضاء الخارجي يسير بسرعة خارقة، ويتجه نحو الأرض، وبخاصة نحو مدينة مانهاتن. وهذا الجسم سوف يصل خلال حوالي 78 دقيقة، لُيحدث انفجاراً سيؤدي إلى مقتل حوالي 8 ملايين إنسان، مع عدم وجود إمكانية أو وقت لإخلاء السكان.

ترتفع ذروة الأحداث في الفيلم عندما يخترق بالفعل هذا الجسم الكروي غلاف الأرض، ويصل إلى مكان الانفجار المتوقع، ولكن يفاجئ الجميع بأنه بدل أن ينفجر يتوقف في الحديقة المركزية للمدينة، ويخرج منه كائن غريب، يُكتشف بعدها بأنه كائن فضائي، له جسم وملامح رجل من متسلقي الجبال عاش عام 1928. وقد مر هذا الرجل في حياته بتجربة غريبة، عندما وجد كرة مشعة بين الثلوج، وعندما حاول لمسها فقد وعيه لمدة من الوقت، وبعد أن استعاد وعيه وجد أن الكرة اختفت، ووجد ختماً على يديه.

ثم نعرف أن مهمة هذا الكائن الفضائي حماية الأرض من سكانها، لأن البشر أصبحوا يقتلون الأرض، ولهذا سوف تتم إبادة كاملة لجميع المخلوقات والحضارات، وترك الأرض لفترة من الزمان خالية لتتطهر من مساوئ وشرور البشر، وتشفي نفسها بنفسها.
وعند تلك النقطة، يبرز دور بطلة الفيلم (د. هيلين) التي لعبت دورها الممثلة جنيفر كونلي وهي عالمة أحياء تعيش في مدينة مانهاتن الأمريكية، وقد أخذت على عاتقها الحوار مع الكائن الفضائي، ومحاولة إقناعه بعدم إبادة البشر على الأرض، وبأن هناك فرصة للبشر لإصلاح أخطائهم المأساوية في حقها؛ لأن الإنسان يتغير للأفضل عندما يكون على حافة الهاوية، وهي المهمة التي نجحت فيها بالفعل.

وبالطبع، فإن تلك النهاية السينمائية المتفائلة، تتناسب مع مقتضيات الوعي الأمريكي بذاته، ومع مقتضيات الدور الأمريكي القائد والمُخلص للعالم.
ولكن اليوم وعلى أرض الواقع، هل تنجح الولايات المتحدة الأمريكية في تخليص العالم من شرور فيروس كورونا الذي قال البابا فرنسيس إنه ربما يكون انتقام الطبيعة، ورد فعل غاضبًا منها تجاه البشر، وهي أكثر الدول اليوم معاناة من مخاطره؟
وهل تنجح أمريكا في إقناع الفيروس المهدد للعالم، أنها سوف تتغير للأفضل، وأنها بصفتها قائدة الرأسمالية المتوحشة في العالم، سوف تحافظ على الطبيعة والبيئة، وسوف تهذب فكرها وسلوكها ومنظومتها القيمية، لتجعلها أكثر عدالة وإنسانية، بما يعيد التوازن للحياة على الأرض، والأمل للبشر، أم سوف تثبت لنا الأيام أن الإنسان يتغير للأفضل وهو على حافة الهاوية في الأفلام فقط، وأن البشر والدول والحكومات في الواقع جشعون وأغبياء لا يتغيرون، ويندفعون نحو الهاوية، ونحو نهاية دورهم ودولهم ووجودهم بإرادتهم الكاملة؟!

إعلان

إعلان

إعلان