لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عالم كورونا: كلٌ يُغني على ليلاه! "2"

عصام شيحة

عالم كورونا: كلٌ يُغني على ليلاه! "2"

عصام شيحة
07:08 م الثلاثاء 14 أبريل 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في أواخر أيام العام الماضي 2019، حلت جائحة كورونا (كوفيد ـ 19)، بعد نحو مائة عام تقريباً من جائحة الأنفلونزا الإسبانية، عام 1918 بعد الحرب العالمية الأولى. ورغم أن العولمة لم تكن قد ظهرت بالفعل، فالأنفلونزا الإسبانية انتقلت من أوروبا إلى العالم وخلفت، حسب تقديرات حديثة، نحو 500 مليون إصابة، وما بين 50 إلى 100 مليون حالة وفاة، وهو رقم يوازي تقريباً ضعف المتوفين في الحرب العالمية الأولى!

أدى الفارق الزمني الواسع- نحو مائة عام بين الوبائين- إلى عدم تراكم الخبرة في مواجهة مثل هذه الكوارث، فضلاً عن سرعة دوران العولمة، وما أحدثته من تبادل كثيف بين مكونات النظام العالمي كافة؛ فكان الانتشار السريع ضاغطاً إلى حد بات معه السعي بجدية إلى صياغة استراتيجية عالمية موحدة - وجها من الترف لا يتيحه الهلع السائد؛ فأخذت كل دولة تجابه وباء كورونا المستجد بطريقتها الخاصة، حتى إن منظمة الصحة العالمية لم تنجح في توحيد الرؤى والاستراتيجيات الوقائية من دولة لأخرى!

وكما تناولنا في مقالنا السابق، اتبعت السويد فكرة "المسؤولية الذاتية" وعاشت بشكل مفتوح إلى حد بعيد؛ وحتى الآن لا يمكن الجزم بخطأ التجربة السويدية؛ وإن كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن مؤخراً: "كنا سنسجل مليوني وفاة لو اتبعنا أسلوب السويد في مواجهة كورونا"!

حتى داخل أوروبا لم تتبلور استراتيجية واحدة لمكافحة جائحة كورونا، ولو بموجب وجود الاتحاد الأوروبي كمظلة لنحو 27 دولة أوروبية. ولم يكن خروج بريطانيا مؤخراً من الكتلة سبباً في اتباعها استراتيجية مختلفة، ففي منتصف مارس الماضي، ظهر مصطلح "مناعة القطيع" أو "المناعة بالعدوى".

وبالفعل دعا بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، إلى اتباع هذه الاستراتيجية التي سرعان ما انهارت بضغط من قوة انتشار الفيروس، ولم يسلم منه جونسون نفسه، ودخل فيما بعد العناية المركزة، ثم خرج مؤخراً، وأظنه لم يعد متمسكاً برأيه!

وببساطة، تعتمد استراتيجية "مناعة القطيع" على ترك الحياة تسير بشكل طبيعي؛ ومن ثم يُصاب معظم أفراد الشعب بالفيروس، وبالتالي تتعرف عليه أجهزتهم المناعية، وتحاربه إذا ما هاجمهم مرة أخرى. وترى هذه الاستراتيجية حتمية وجود ضحايا يتوفون لعدم قدرتهم على مجابهة الفيروس، لكن علي المدى الطويل سيُهزم، خاصة مع نجاح محاولات التوصل إلي لقاح ضده أو علاج له.

وتجد استراتيجية "مناعة القطيع" معارضة من بعض المتخصصين نظراً لقدرة الفيروس على التطور جينياً وسلوكياً، الأمر الذي قد يتطلب طرقاً مختلفة لمكافحته لن تنجح المناعة البشرية الطبيعية في ملاحقتها.

وفي ألمانيا الصراع محتدم بين أنصار "مناعة القطيع" وغيرهم من الراغبين في مواصلة حالة الإغلاق. فقد أكدت دراسة ألمانية حديثة أجرتها جامعة بون على ألف شخص من 400 أسرة بمدينة غانغليت الألمانية التي انتشر فيها الوباء، فوجدوا أن الأجسام المضادة تكونت بالفعل لدى 15% من العينة ضد الفيروس، في حين يرى أنصار "مناعة القطيع" أن نظريتهم تتحقق لو ظهرت الأجسام المضادة في نحو 60% من الناس؛ ومن ثم يُعولون على الارتفاع بالنسبة من 15% إلى 60%، ويرون أن الفرق ليس بعيداً.

بينما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تحذر من التهاون مع قرار الإغلاق، رغم بوادر انحسار الوباء في ألمانيا. وهي في ذلك تلتزم بتعليمات منظمة الصحة العالمية التي وجدت نفسها مؤخراً في مرمي نيران خطاب ترامب الشعبوي حين اتهمها بالانحياز إلى الصين

رغم أنها ممولة أكثر من بلاده؛ ومن ثم هدد بوقف مساهمة بلاده في ميزانيتها، واستعطفته المنظمة: "الوقت غير مناسب"!

وعلى هذا النحو المضطرب ضرب فيروس كورونا المستجد "كوفيد ـ 19" الكثير من الثوابت، وبات الارتجال حاضراً في كثير من القوى العالمية. وكلٌ يُغني على ليلاه.

إعلان

إعلان

إعلان