لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"كورونا" تجتاح العالم.. والصحافة أيضا

محمد حلمي

"كورونا" تجتاح العالم.. والصحافة أيضا

محمد حلمي
07:20 م الخميس 02 أبريل 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

"نحن لا نكافح وباءا فيروسيا فقط، وإنما نكافح وباء المعلومات المضللة أيضا"

هكذا وصف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم في الثالث من مارس الماضي، تأثير نشر معلومات مضللة حول جائحة كورونا.

عدم اليقين والجدل المجتمعي حول الجائحة، أديا إلى زيادة النقاش، ما أدى بدوره لمزيد من المعلومات المضللة، وتعظيم المخاوف بشأنها.

منذ عام ٢٠١٦، تلعب الأبواب الجانبية للأخبار دورا مركزيا في إنشاء ثغرات يتسلل منها مقدمي المعلومات المضللة (various purveyors of disinformation).

أخبار الأبواب الجانبية side-door news access))

الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر أشهر أنماط أخبار الأبواب الجانبية side-door news access، إلا أنه يضاف إليها أيضا نتائج محركات البحث، وتنبيهات الموبايل، وبرامج تجميع الأخبار وتطبيقاتها، ورسائل الأخبار عبر البريد الإلكتروني، وكل مصادر الأخبار غير المباشرة.

وعلى الرغم من كون أخبار الأبواب الجانبية أقل موثوقية من أخبار المصادر المباشرة (المواقع والصحف والقنوات الإخبارية المرموقة)، إلا أن استخدامها وتأثيرها أصبح أكبر منها بكثير.

في تقرير جامعة أوكسفورد العام الماضي عن حال الصحافة الرقمية في العالم، عبر معظم الجمهور عن عدم ثقته وعدم قدرته على التفريق بين الخبر الصحيح والمزيف على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتزداد قدرة عدم التفريق - وبالتبعية عدم الثقة في مصادر الأخبار - في البلدان الشمولية مثل تركيا (٦٣٪)، بينما تقل في الأنظمة الديمقراطية مثل ألمانيا (٣٨٪)، وهولندا (٣١٪).

وتزداد خطورة عدم الثقة في الأخبار مع جائحة مثل كورونا، حيث استخدمت جامعة أكسفورد تعبير "الشلل" لوصف حال قطاع من الجمهور حول العالم، أبدى قلقا وعدم ثقة، في المعلومات المتوافرة عما يجب عليهم فعله خلال أزمة عالمية كأزمة كورونا (هل نستخدم مضادات البكتيريا لأنها تقتل فيروس كورونا؟ هل تم اكتشاف لقاح للفيروس؟ متى نعود لحياتنا الطبيعية؟).

الصحافة السيئة (Poor Journalism)

أخذت المعلومات المضللة أشكالا مختلفة، وأصبح بالإمكان إدراجها تحت وصف الصحافة السيئة (Poor Journalism)، وهو مصطلح يستخدم الآن ليس فقط لوصف القصص المزيفة، وإنما أيضا لوصف المحتوى الهزلي الذي يصرف الانتباه عن المشكلة الأساسية، ومحتوى البروباجندا السياسية التي تعظم من أداء السلطة، وغيرها من أشكال الدعاية والإعلان في العمل الصحفي.

الخبر السيئ، أنه منذ عام ٢٠١٨، عبر قطاع عريض من الجمهور، في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، أنهم تعرضوا لما اعتبروه أمثلة على الدعاية السياسية والصحافة السيئة أكثر من تعرضهم للقصص المزيفة، ما جعل العقل الجمعي يرى أن الخط الفاصل بين الأخبار، والأخبار المضللة، هو اختلاف في الدرجة فقط، وليس تمييزًا قاطعًا.

الخبر الجيد، أن انتشار المحتوى المضلل زاد من وعي قطاع من الجمهور وارتباطه بمصادر إخبارية موثوقة.

أكثر من ربع عينة مركز بوينتر للأبحاث، بدأت في الاعتماد على ما يعتبرونه مصادر موثوقة، في حين أن حوالي الثلث (29٪) قرروا عدم مشاركة أخبار محتمل عدم دقتها. أيضا، هيئة الإذاعة البريطانية والقناة الرابعة وبعض الصحف مثل التايمز، أعلنوا زيادة في نسب وصولهم، وتأثيرهم نتيجة تغطياتهم لفيروس كورونا.

تبني خطاب "الخطر"

خلال تغطيتها لقضية تغير المناخ منذ عام ٢٠١٣، استنتج معهد رويترز للصحافة، أن تبني خطاب يركز على المشكلة ويعكس الخطر خلال الأزمات، أكبر تأثيرا على الجمهور، ويساعد على اتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة، بصورة أكبر، من تبني خطاب علمي يعتمد على لغة عدم اليقين. هذا ما رأيناه بالفعل في تصريح رئيس الوزراء البريطاني حينما قال "استعدوا لفقد أحبائكم"، وإعلان المستشارة الألمانية بأن "٧٠ بالمائة من المواطنين معرضين للإصابة بكورونا"

لغة "عدم اليقين" سارعت بتفشي الفيروس

يفشل الجمهور في التمييز بين "العلوم المدرسية"، التي تكون فيها المعلومات مصدرًا واضحا للحقائق القوية والفهم الموثوق به، وبين "العلوم البحثية" التي يكون عدم اليقين متأصلًا فيها، وغالبًا ما يكون دافعا لمزيد من البحث.

ونظرًا لحداثة تفشي فيروس كورونا، فإن الكثير من المعلومات حوله غير مؤكدة. ومع ذلك، فإن لغة عدم اليقين، يمكن أن تؤدي إلى فرضية أن أفضل الحلول هو تأجيل التعامل مع الأزمة حتى يتم اليقين – وهو ما قد لا يحدث على المستوى القريب- هذا ما فعلته تركيا وروسيا بتأجيل إعلان الحجر الصحي، ما أدى إلى زيادة تفشي الفيروس في الدولتين، لأن كورونا أسرع وأكثر عدوى. وبالتالي، فأن تبني خطاب الخطر يشجع على النظر في مجموعة من الخيارات التي تستند إلى تحليل المخاطر وتقليلها، حتى وإن أدى إلى اتخاذ قرارات صعبة مثل تقييد الحركة، والحجر الصحي، وفرض حظر التجول.

في حين أن المعلومات الموثقة من السلطات العامة ووسائل الإعلام الإخبارية ستكون أساسية لمساعدة الناس على فهم جائحة كورونا، والاستجابة لها، لا يزال هناك عديد من المتشككين في السياسيين، ووسائل الإعلام الإخبارية، من قيامهما بنشر مواد ذات اهتمام ذاتي ترتقي أحيانًا إلى حد المعلومات المضللة، وبالتبعية.. تقديم "صحافة سيئة".

*** صحفي وباحث دكتوراه في مجال الصحافة الرقمية

إعلان

إعلان

إعلان