لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أنا غير متفائل.. إلا إذا...

د. عبدالهادي مصباح

أنا غير متفائل.. إلا إذا...

د. عبدالهادي مصباح
09:39 م الخميس 30 أبريل 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كل عام وأنتم بخير فقد حل علينا شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار في ظل ظروف غير مسبوقة لم يمر بها حتى والدينا خلال القرن الذي مضى بسبب جائحة "كورونا"، ومما لا شك فيه أن بداية التعامل مع الفيروس كانت ولا تزال ممتازة من جهة الرئيس السيسي الذي ترك تفاصيل التعامل مع الجائحة لأهل العلم والتخصص، ولم يخرج يومياً ليفتينا مثلما يفعل الرئيس ترامب بوصفات طبية من بنات أفكاره مثل حقن المطهرات أو شربها، أو الترويج لدواء معين يرى أنه معجزة ، ليحرج الفريق الطبي الذي يقف بجانبه وعلى رأسهم عالم عظيم مثل د. أنتوني فاوتشي مدير المعاهد القومية للصحة للحساسية والأمراض المعدية، والمتخصص في المناعة، وكان له باع طويل في مواجهة فيروس الإيدز منذ ظهوره عام 1981، إلا أن الرئيس السيسي أعطى توجيهاته لرئيس الوزراء المجتهد د. مصطفى مدبولي والوزراء بأن صحة المواطن المصري وحياته وقوت يومه وكرامته إنما هي أولوية لا تمس، وعمل كل الوزراء في تناغم وجد، وكان أداؤهم جميعاً رائعاً وبالطبع كانت وزيرة الصحة عند حسن الظن بها حيث أعطاها تأخر انتشار الفيروس في مصر وانتشاره في دول أخرى الفرصة لكي تستعد وتأخذ الخبرات في مواجهة هذه الجائحة .

كانت هذه المقدمة ضرورية لكي لا يظن البعض أننا لا نشعر بالمجهود الكبير الذي يبذل "ولا تبخسوا الناس أشياءهم" (الأعراف،10)، إلا أن ذلك لا يمنعنا من عرض رؤيتنا ووجهة نظرنا فيما يحدث حاليًا؛ لأننا جميعاً شركاء في هذا الوطن، وكلنا مسؤولون حتى لو لم نكن في مناصب اتخاذ القرار، فعندما نسمع رئيس اللجنة المسؤولة عن مكافحة "كورونا" في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو خليل في برنامجه "من مصر" قبل رمضان بيومين يقول إن منحنى الإصابة بفيروس "كورونا" قد وصل بالفعل إلى مرحلة الثبات وكل شيء تمام، وعندما سأله المذيع عن التوسع في إجراء الاختبارات والتحاليل التي ينادي بها الجميع في كل دول العالم -وأنا منهم- كانت إجابته إن الناس سوف تشكرنا لعدم إجراء هذه التحاليل وضرب مثلاً لأحد أصدقائه الذين أجروا التحليل وكان سلبياً مما دفعه إلى الإهمال وعدم أخذ الاحتياطات اللازمة فأصيب بالفيروس بعدها بثمانية أيام .. تخيلوا!، ولولا أن المداخلة التالية كانت مع د. أشرف الفقي من الولايات المتحدة الذي فند له خطأ كل ما قيل لأصابتني جلطة في الحال بسبب أستاذ الصدر الذي يرأس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس "كورونا"، واستمعت بعد ذلك إلى الأستاذ الدكتور عوض تاج الدين يقول بحدة في مداخلة تليفونية إن معدلات الإصابة في الحيز المعقول ولا تستمعوا إلا لكلام وزارة الصحة وما أقوله، وليسمح لي أستاذنا الفاضل أن أختلف معه، ففي مثل هذه الأزمات نحتاج إلى آراء العلماء والمتخصصين حتى لو اختلفت مع آرائنا، وأوافقك الرأي أن الخلاف لا يكون في العلن ، ولكن إذا قام مسؤول بذكر معلومات غير دقيقة في العلن فلا بد أن يرد عليه من المتخصصين في العلن كما علمتمونا في طب عين شمس منذ أكثر من 41 عاماً .

وفي كل الدول التي تريد عودة الحياة الطبيعية والتعايش مع فيروس "كورونا" -حتى إيجاد لقاح ناجح للوقاية منه- لا بد أن تتوافر لها 3 عناصر أساسية:

• الاستمرار في حملات التوعية للمواطنين، والالتزام بالتباعد الجسدي، واتباع الإجراءات الاحترازية من غسيل الأيدي وعدم المصافحة وعدم التواجد في الأماكن المزدحمة .

• إجراء الاختبارات على مدى واسع حتى نعرف الحجم الحقيقي لانتشار العدوى، وإنقاذ المجموعات الأكثر تعرضًا للخطورة قبل أن يأتوا إلينا في حالات متأخرة وتزيد نسبة الوفيات، وأن يكون عدد الحالات والوفيات في تناقص والمنحنى في النازل.

• توفير أدوات الحماية مثل الكمامات والقفازات والمواد المطهرة وإجبار الناس على ارتدائها في الأماكن المزدحمة وذلك حتى لا يحدث انتشار انفجاري للعدوى .

والآن تعالوا نناقش هذه العوامل بشيء من التفصيل، هل الناس بالفعل ملتزمون بالإجراءات الاحترازية والتباعد الجسدي؟ بالطبع البعض القليل ملتزم والمعظم غير ملتزم، وزيارة واحدة لأي سوبر ماركت أو هايبر أو محلات الحلويات أو المواصلات العامة كفيلة بأن تشعرك بأن هناك مشكلة كبيرة قادمة في عدد حالات العدوى والوفيات خلال الشهر القادم، ففي الأرياف والأحياء الشعبية هناك من يقيم دورات رمضانية للعب كرة القدم ولها جماهير ومشجعون بعد موعد الحظر.

ولعل المنحنى التالي يكشف لنا عن ارتفاع عدد الحالات والوفيات خلال شهر أبريل كالتالي:

1

منحنى يوضح ارتفاع مجموع حالات العدوى في مصر بفيروس "كورونا".

الألف الأولى: من 15 فبراير وحتى 4 أبريل 2020 (50 يومًا)، كان عدد الحالات 1070، ومجموع الوفيات 71.

الألف الثانية: من 4 أبريل وحتى12 أبريل (8 أيام)، كان عدد الحالات 2065، ومجموع الوفيات 159.

الألف الثالثة: من 12 أبريل وحتى 18 أبريل (6 أيام)، كان عدد الحالات 3032، ومجموع الوفيات 224.

الألف الرابعة: من 18 أبريل وحتى 24 أبريل (6 أيام)، كان عدد الحالات 4092، ومجموع الوفيات 294.

الألف الخامسة: من 24 أبريل وحتى 29 أبريل (5 أيام)، كان عدد الحالات 5268، ومجموع الوفيات 380.

ويبلغ عدد المصابين بالعدوى يوم 29 أبريل 3553 بخلاف الذين توفاهم الله، والذين تم شفاؤهم منهم.

أي أن عدد الحالات زاد خلال 25 يوماً بنسبة 492%، أي خمسة أضعاف، وزاد عدد الوفيات خلال نفس الفترة بنسبة 535%، فلكم أن تتخيلوا ماذا سيحدث في الشهر القادم.

2

شكل يوضح لنا أن الحالات اليومية للعدوى في تزايد وليست ثابتة.

3

منحنى الوفيات في مصر حتى 29 أبريل في تصاعد.

صورة 4

شكل يوضح ارتفاع عدد الوفيات اليومي في مصر.

ولنأتي إلى نقطة أخرى غاية في الأهمية وهي التوسع في إجراء التحاليل واكتشاف العدد شبه الحقيقي الذي يظهر لنا مدى انتشار العدوى لدينا، فنحن ننتظر المرضى لكي يأتوا إلينا أو يذهبوا إلى العيادات الخاصة بأعراض مختلفة بينما لا يوجد أي نوع من التحاليل في المعامل الخاصة (ومنها ما هو شديد الدقة لاكتشاف الأجسام المضادة بنسبة 99%)، ولكن وزارة الصحة لا تسمح بإجراء أي تحاليل خاصة بالـ"كورونا" إلا في معاملها، فلا يتم تشخيص الحالة في الوقت المناسب خاصة بالنسبة لكبار السن ومن يعانون من أمراض مزمنة، ما يرفع من نسب الوفيات .

ولعل إجراء التحاليل على نطاق واسع يزيد من عدد الحالات، إلا أن هذا لا يهم مع انخفاض نسبة الوفيات، فنسبة الوفيات في مصر تبلغ 7.2%، بينما هذه النسبة في البلاد التي تجري تحاليلها على نطاق واسع تبلغ 0.08% في سنغافورة، وفي كل من: السعودية 0.73%، الإمارات 0.82%، الأردن 1.8%، باكستان 2.2%، كوريا الجنوبية 2.3%، اليابان 3%، ألمانيا 4% ، وفي الدول التي اجتاحتها العدوى وقتلت الآلاف، مثل: إسبانيا بلغت نسبة الوفيات 10.2%، وفي إيطاليا 13.6%، وفي فرنسا 14.4% ، وفي إنجلترا 15.8%، بينما في الولايات المتحدة 5.8%، فبأي الفريقين نريد أن نقتدي؟

إعلان

إعلان

إعلان