- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
رغم كل ما يزعج البشر ويقلقهم من تداعيات وباء "كورونا"، ستمضى تلك الأيام بكل أعبائها وإرهاقها، وستبقى فقط حاضرة في ذاكرة البشرية، تؤرخ لبعض من التاريخ "الصعب" لحياة الناس في الربع الأول من القرن الواحد والعشرين، خاصة أنها تتجاوز ذاكرة حيز سكان مجتمع ما أو عدة دول متجاورة لتشمل الكون جميعه معولما وكما لم يحدث من قبل، وكما لم يتصور قط أقوى دعاة العولمة صوتا وتنظيرا، وحيث ينتشر التوتر وربما الفزع عبر أثير الهواء فضائيات وإنترنت، ليصير ذلك العلامة الكونية الأهم في زمن الكورونا.
وتحتشد كتب التاريخ الاجتماعي بالكثير من الإشارات العابرة وأحيانا المفصلة، الدالة على تفاصيل حياة الناس فى ظل الجوائح والأوبئة التي أصابت المجتمعات عبر الأزمنة، وثقها كتاب زمانهم، وهى لوحات ساردة شارحة جديرة بالنظر، تعبر عن جزء من دورة الأيام بين حلو ومر، وكما تمر عجلتها على الأفراد تسرى على المجتمعات، وقد برع في وصف ذلك توثيقا كثير من المؤرخين والكتاب المحليين في مذكراتهم التي عايشت بعض هذه الجوائح، وأيضا وثقها الرحالة الذين يعبرون الدول أو يقيمون بها لأغراض شتى.
ولعل جائحة كورونا تجعلنا نستدعى بعضا من ذلك عبر قراءة فى كتاب مهم، ترجمه وعلق عليه وقدم له الدكتور سيد أحمد على الناصرى وعنوانه "مذكرات رحالة عن المصريين وعاداتهم وتقاليدهم فى الربع الأخير من القرن الثامن عشر من خال وصف الرحالة جون أنتيس (1770- 1782)"، وهو صادر عن المشروع القومي للترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة عام 1997.
وفى السياق الذي نستهدفه يأتي الفصل الثاني بعنوان "ملاحظات على وباء الطاعون في مصر"، وفيه يعرض أنتيس تفصيلا لسيرة تجربة شخصية له أثناء وباء الطاعون، حيث يقول شيئا قريبا مما نصف به وباء "كورونا" بأن : "هذا الوباء بلا نزاع هو أقسى أنوع البلاء الذى ينزل الرعب بالجنس البشرى"، لكنه لا ينسى استدراكا مهما وكأنه يتحدث بلسان هيئة طبية معاصرة بالقول: "وفى نفس الوقت يمكن للإنسان أن يفلت من هذا البلاء، إذا ما استطاع أن يفرض على نفسه عزلا صارما حتى لو كان فى قلب مدينة تكتوي بناره".
ويفصل لنا أنتيس بما يحمل دلالة عن سلوك عنصري استعماري بعض ما كان يفعله الأوروبيون المقيمون في مصر من تعريض العاملين معهم من السكان المحليين للخطر لينجوا هم، واصفا العزل وطريقته: "ولكي يحقق الإنسان ذلك بكفاءة، عليه غلق البيوت ولا يسمح لأحد بدخولها .. والطريقة المعتادة بين الأوروبيين هي إقامة حاجز من الألواح الخشبية من وراء باب البيت، ومن خلال هذا الحاجز يفتح طاقة صغيرة، لتسلم المواد التموينية الضرورية .. وفى مواجهة الباب يوضع صنبور ماء يقوم الخادم، الذى يقيم خارج الباب بغمس كل المؤن حتى تغسل تماما ثم تنشل منه لترسل إلى الداخل عن طريق خطاف حديد".
وهكذا وكما يؤكد أنه لم تحدث في فترة الطاعون تلك التي يحكي عنها إصابة واحدة بين الأوروبيين أو الجنسيات الأخرى نتيجة سياسة العزل المحكمة تلك التي امتدت إلى أنه حتى الرسائل الواردة يتم تبخيرها قبل استلامها أو نقعها بالخل.
ويبدو أن الأوبئة كانت تأتى في دورات منتظمة عبر السنوات وربما اعتاد الناس على التعامل معها وانتظار قضائها وما تصنعه متقبلين راضين، حيث يقول أنتيس بصوت الاعتياد على ذلك لدى بشر تلك الأزمان:" أنه خلال الاثني عشر عاما التي أقمت فيها في هذا البلد اندلع وباء الطاعون ثلاث مرات"، بينما صنعت العولمة الحالية وتأثيرات التقدم قناعة لدى سكان الكوكب بأن الطب المعاصر انتهى من معالجة كل شيء، وأنه قد تم تجاوز عهد الأوبئة الكونية الكبرى، خاصة وقد بعدت الذاكرة والتجربة الحية مع جوائح الأوبئة الكبيرة عن أغلب المعاصرين من البشر، وحتى أوشك الجميع أن يعدها تاريخا مضى.
وهو يظل متعجبا حائرا عاجزا عن فهم طريقة انتشار الوباء وانتقاله عبر ما يصفه: "وفى بعض الأحيان يعصف الطاعون بشدة بأحد أحياء المدينة، ثم يتوقف فجأة ثم يعود للإندلاع بنفس الضراوة فى حى مقابل لم يصب به من قبل"، وتستمر دهشته بأن يوثق فى حيرة كيف أن بيتا ما يصاب كل قاطنيه بينما بيت آخر يصاب فيه فرد واحد فقط من كل قاطنيه مهما تعددوا، بل يزيد تعجبه عن فعل وسلوكيات الوباء بأنه يمكن أن يكون اثنان ينامان معا في نفس السرير ويصاب أحدهما ولا يصاب الآخر، ويختم ذلك قائلا:"بل من المحال أن يقدم تفسيرا مقنعا لكل ذلك".
ويقدم لمحات تواصل مع بعض سيرة كورونا فى زماننا وتوقعات البعض بتأثير شدة الحرارة على إنهاء جائحته، ولكنه هنا يقول مشاهدات وليس توقعات، وأن كنا نأمل فى رحمة الله أن تكون أيضا كذلك مشاهدات قريبا:"وفى مصر يعرفون دوما ويؤكدون متى يتوقف الطاعون لأنه نادرا ما يبقى بعد الرابع والعشرين من شهر يونيو"، وهو يؤكد دقة مشاهدته بيقين الملاحظة العلمية قائلا: "وقد لوحظ دائما في مصر أن حدوث درجة كبيرة من الحرارة حتى ولو لأيام قليلة تُحدث هذا الانحسار".
إعلان