لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"فيسبوك" الذي يمشي بالمقلوب!

سليمان جودة

"فيسبوك" الذي يمشي بالمقلوب!

سليمان جودة
07:42 م الأحد 31 مايو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


أخيراً، وأخيراً جداً، أرسلت إدارة موقع فيسبوك بخطاب إلى هيئة المرأة العربية؛ تسأل فيه عن المعلومات المتاحة لدى الهيئة عن الناشطة اليمنية توكل كرمان، وإذا ما كانت هذه المعلومات تحول دون اختيار كرمان عضواً في مجلس حكماء الموقع؟!
وهو اختيار له قصة!
فقبل شهر تقريباً، استيقظ الناس في هذه المنطقة من العالم على نبأ اختيار ناشطة اليمن عضوا ضمن عشرين من الأعضاء، ليشكلوا معاً ما يسمى بمجلس حكماء موقع فيسبوك على مستوى العالم، وقد كان النبأ صادماً لكثيرين بكل مقياس؛ ذلك أن المفروض في فيسبوك أنه منذ خرج إلى النور أن يسعى من خلال مضمون المواد المنشورة على صفحاته إلى نشر قيم إيجابية محددة بامتداد الأرض بين الناس، وبالذات القيم الكبرى، مثل قيمة الحوار الذي يحترم كل الآراء ووجهات النظر، وقيمة التسامح، وقيمة التعايش، وغيرها من القيم التي لا تستقيم حياة البشر بدونها في كل مكان! هذا هو المفروض في فيسبوك وفيما ينشره على الناس في كل ساعة من ساعات الليل والنهار، وفي كل ركن من أركان هذا العالم الممتد!

وحين جرى نشر نبأ تعيين كرمان قيل إنها مع باقي أعضاء مجلس الحكماء سوف يقومون بمراقبة محتوى الموقع وتنقيته من كل ما لا يجوز نشره على الملايين أو مئات الملايين الذين يتابعون فيسبوك في كل عاصمة من عواصم الدنيا!

ولم تكن هناك مشكلة في أن يقرر فيسبوك مراقبة محتواه، ولا في اختيار مجلس حكماء يقوم بهذه المهمة، ولكن المشكلة كانت في أن تكون كرمان بالذات من بين الأعضاء العشرين؛ فالقيم التي تؤمن بها وتعتقد فيها وتتحدث عنها وتسعى إلى نشرها في كل وقت هي قيم تتناقض كثيراً مع قيم الحوار، والتعايش، والتسامح، وكل قيمة إيجابية أخرى!

والناشطة اليمنية لا تخفي ذلك، بل تظهره في كل الأوقات، ولا تخفي كذلك انتماءها إلى جماعة الإخوان، بكل ما تحمله الجماعة من أفكار ترفض الآخر، ولا تقبله، ولا تتحاور أو تلتقي معه، ولا تتقبل منه أن يكون طرفاً معها في حوار جاد!

كرمان لا تخفي هذا كله، ولا تكتب عبارة على مواقع التواصل الاجتماعي إلا وتبدو إخوانيتها واضحة، وإلا وتقلل من شأن قيم الحوار والتسامح والتعايش، وإلا وتعلي من خطاب الكراهية ورفض وجهة النظر الأخرى وتحط من شأنها ولا ترى فيها ما يستحق الاحترام!

وأمام هذا كله كان لا بد أن تقوم الدنيا ولا تقعد، وكان لا بد أن يثار استفهام كبير حول الأسباب الحقيقية التي دعت إلى اختيار كرمان دون سواها من الناشطات في المنطقة وحول العالم!
لقد صدر قرار اختيارها دون مقدمات ولا مبررات تشرح سبب الاختيار وتوضحه، ودون أن تفكر إدارة فيسبوك في إقناع المتابعين بقراره!

وكانت هيئة المرأة العربية في المقدمة من الهيئات التي لم تسكت عن قرار الاختيار، فسارعت تبعث بخطاب إلى إدارة فيسبوك تسألها عما جرى وعن سببه وتلفت اتباهها إلى عواقبه، إذا ما تمسكت بوجود توكل كرمان في مجلس الحكماء! ولم تجد الإدارة مفراً من الاتصال بالهيئة، تسألها عما لديها من معلومات، وعن الاعتراضات المتوافرة عندها على قرار اختيار ناشطة اليمن!

والمؤكد أن لدى هيئة المرأة العربية الكثير الذي تستطيع أن تقوله في الموضوع، وربما يعرف منها موقع فيسبوك أن اعتراضها واعتراض غيرها في منطقتنا ليس نابعاً من فراغ، وأن الهيئة تنشط أيضاً في اتجاه العمل على سحب نوبل من كرمان!
وسوف تبقى الحالة كلها دليلاً على أن موقع فيسبوك كان في قراره يمشي بالمقلوب، كان يسأل بعد أن اختار أعضاء مجلس حكمائه، وأعلن أسماءهم، وليس قبل أن يستقر ويختار.

إعلان

إعلان

إعلان