إعلان

ساعات وأيام العمل (٩)

د. غادة موسى

ساعات وأيام العمل (٩)

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:30 م السبت 13 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في الجزء الثامن، أشرنا إلى إشكالية حساب الإنتاجية في العمل- وبخاصة العمل عن بعد- غير التقليدي الذي ينعكس على ساعات العمل وأيامه؛ وفقا لما هو معمول به قانوناً في معظم دول العالم.

فإذا كان الحساب المتعارف عليه لإنتاجية العامل- البسيط- هو عدد أيام العمل في عدد ساعات العمل، فان ذلك ينطبق بشكل كبير على الأعمال التقليدية أو أعمال المهام الواحدة، كما في المصانع والورش أو في أعمال أصحاب الياقات البيضاء من موظفي الجهاز الإداري في العموم.

لكن، مع تطور الأعمال والمهن والمهام وتشابكها وتعقدها أصبح من الصعب حساب إنتاجية العامل البسيط أو غير البسيط وفق النموذج الحسابي التقليدي السابق، خاصة أن الأعمال تتباين كما نذهب في علم الاقتصاد السياسي من حيث الشدة والبراعة.

وهذا الحديث ليس جديداً، بمعنى أنه لا يأتي بمناسبة جائحة كورونا؛ فالعمل عن بعد تم طرحه قبل ذلك كإحدى طرق تحديث منظومة العمل وربط العامل بمنشأته منذ عام ٢٠٠٧، تحديداً عندما استصدر وزير الدولة للتنمية الإدارية، آنذاك، الدكتور أحمد درويش قراراً وزارياً باعتماد العمل من المنزل وساعات العمل المرنة المرتبطة بتحقيق مخرجات ونتائج.

وعلى المستوى العالمي، وقبل الجائحة، قدرت منظمة العمل الدولية أن حوالي 7,9٪ من القوى العاملة في العالم والمقدرة بـ٢٦٠ مليون عامل عملت من المنزل بشكل كامل، منهم عاملون في مجال الاتصالات، وعمال مصانع نسيج، وحرفيون وفنانون.

أما بالنسبة للموظفين، فقد بلغت نسبة العاملين من المنزل أو عن بعد 2,9% من إجمالي عدد الموظفين عالمياً. وفي مصر تبلغ النسبة وفقا لإحصائيات لمنظمة العمل الدولية للعام ٢٠١٩ حوالي ٥٪.

وتشير الدراسات التي أجراها عدد من الباحثين بعد الجائحة أن هذه النسب ستزداد، حيث ستصل في دول أمريكا اللاتينية (الأرجنتين وأوروجواي وباراجواي) من ٢٩-٣٤٪ من إجمالي القوى العاملة.

وستصل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من ٢٤-٣١٪ من إجمالي القوى العاملة، أي سيصل عدد العاملين عن بعد في العديد من دول العالم إلى ما يقرب من الثلث. ففي الدول ذات الدخل المنخفض ستسجل النسبة ١٣٪، وفي الدول ذات الدخل المتوسط ستسجل النسبة ١٧٪، أما في الدول ذات الدخل المرتفع فستسجل النسبة ٢٧٪. وذلك وفقا لمجموعة البنك الدولي ٢٠٢٠. وترتبط النسب ارتفاعا أو انخفاضا بالتطور التقني وطبيعة وهيكل الأعمال.

وفي إطار البحث عن كيفية حساب إنتاجية العمل عن بعد، يوجد عدد من المقاييس منها مناقشة قيمة الإنتاجية مع العامل أو المستخدم ومتابعة إنتاجه تسليم إنتاجه يوميا. وهذا ما يساعد العاملين على تنمية الشعور بالإنجاز لديهم.

وهناك من صمم ما يعرف باسم "منصة تريللو". وهي منصة إلكترونية تشير إلى قيام العامل بالعمل، بحيث تتحقق الشفافية الكاملة في حجم العمل المنجز.

وهناك من ينظم المهام وبخاصة المهام التي لها بدايات ونهايات واضحة، فإنه إذا كان لدى العاملين عن بعد مخرجات واضحة، فسيكون من السهل الحكم على المخرج والكمية والجودة.

وفي هذا الإطار يتم استخدام أيضا منصات "تليجرام" و"تريللو". وقد يتغلب البعض على إشكالية قياس الإنتاجية من خلال عقود محددة الأجل لصالح مهام بعينها، في حين تستخدم شركات أخرى "برمجيات قياس النشاط". وهي تقيس حجم نشاط العامل أو المستخدم على لوحة الحاسب الآلي (عدد الحركات).

كما تتم مراقبة عدد من مؤشرات الأداء لكل مهمة تم تصميمها من خلال قوائم جوجل. ولكل مهمة توجد من ٥-١٠ مؤشرات لكل فرد يتم قياس إنتاجيته وفقا لها. كما يتم قياس تحقق هذه المؤشرات إزاء الأهداف.

وهناك شركات توفر خدمات ترجمة وتعليم لغات، وتستعين بمستخدمين من كل أنحاء العالم. وكل مستخدم لديه عدد من ساعات العمل لا بد من استيفائها. ومع نهاية كل يوم يرسل كل مستخدم تقريرا للمدير التنفيذي، ويتم تجميع تلك التقارير لتصل في نهاية كل أسبوع لصاحب العمل. وكل مجموعة تستخدم برنامجا مختلفا لقياس إنتاجيتها ومنها برامج مثل ASANA أو Slack او JIRA. ويمكن للمديرين- من خلال هذه البرامج- الإشراف على إنجاز المهام اليومية لكل مجموعة ولكل مشروع. وفي شركات أخرى يتم استخدام محرك جوجل للتنسيق وبرنامج TWIST للتواصل وبرنامج ASANA لوضع توقيتات للانتهاء من الأعمال ومتابعتها.

وجميعها حلول تقنية لقياس الإنتاجية.

في الجزء العاشر والأخير، سيتم استكمال كيفية قياس الإنتاجية للعمل عن بعد.

إعلان

إعلان

إعلان