لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

ساعات وأيام العمل (١٠)

د. غادة موسى

ساعات وأيام العمل (١٠)

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

07:11 م السبت 20 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في الجزء التاسع تناولنا موضوعًا مهمًا يتعلق بأدوات قياس إنتاجية العمل عن بعد. وكنا قد تناولنا عددًا من الأنظمة التي تستخدمها بعض الجهات الرسمية وغير الرسمية لقياس إنتاجية العامل أو المستخدم. وهي في معظمها منظومات تقنية تسمح بالربط بين العاملين عن بعد فيما بينهم وبين المؤسسة وصاحب العمل.

ورغم أن هذه المنظومات التقنية ليست بنفس فعالية منظومات تقييم الأداء التقليدية، فقد بدأ تعميمها وتطبيقها حتى في ظل تواجد العاملين والمستخدمين في مقرات العمل، وقبل وجود جائحة كورونا بفترة زمنية كبيرة. ولكن ما تغير هو أن استخدام تلك الأدوات لم يعد اختيارًا أو رفاهية، حيث فرضه تغير وتوسع طبيعة الأعمال، إضافة إلى مستجدات جائحة كورونا.

ومن أجل ضمان نجاح تفعيل وتطبيق هذه التقنيات لا بد من توفير مناخ ثقافي، وفي مقدمة تلك المتطلبات وجود ثقافة العمل المستند للنتائج. بمعنى وجود أهداف ومخرجات لا بد من تحقيقها في نهاية يوم العمل أو في نهاية المشروع، إضافة إلى اختيار أهداف وتوقيتات واضحة للمخرجات. كما لا بد من وجود مساءلة. وهذا لن يتحقق بدون فهم وتحليل جيد للمهام الأكثر أهمية. ومن الأهمية بمكان أيضًا وضوح الأولويات حتى يمكن متابعة التقدم في تحقيقها. وقد يخطئ البعض حين يعتقد أن المنظومات التقنية لمراقبة ومتابعة قياس الأداء موجهة أو تخدم صاحب العمل دون غيره، إذ من الأهمية بمكان أن يستخدمها العاملون والمستخدمون أنفسهم لمتابعة وقياس أدائهم وإنتاجيتهم بحيث يشعرون بأنهم جزء من العملية الإنتاجية.

وتجدر الإشارة إلى أنه حتى في ظل الظروف الطبيعية فإن أصحاب الأعمال والشركات في العالم لم يعودوا يعتمدون على تواجد العاملين الجسدي في أماكن عملهم حتى يتمكنون من قياس إنتاجيتهم وأدائهم. بل أثبتت البحوث التي أجريت على الشركات التي يعمل فيها العاملون عن بعد أو من المنزل أن إنتاجية المجموعات العاملة بها سواء مجموعات المشاريع أو أفرادًا منفردين تفوق إنتاجية من يطلق عليهم "الذين يقضون وقتًا بداخل المبنى"!.

إضافة لما سبق، أهمية وجود إجراءات تنظيمية أو بعبارة حديثة "بروتوكولات" لإدارة وتنظيم العمل عن بعد.

وهذه البروتوكولات لا بد وأن تكون موجودة سواء يوجد في المنشأة أو الشركة عاملون عن بعد أم لا. فكما سبق ليس كل الشركات أو المنشآت بها عاملون عن بعد، ورغم ذلك لا بد وأن يكون هناك إجراءات للعمل عن بعد.

ومن بين تلك الإجراءات كيفية التواصل بين العاملين أو المستخدمين في المنشأة أو بين العاملين في مشروع واحد من خلال "الساعات الحيوية". وهي ساعات العمل التي يجب أن يتواجد فيها العاملون؛ لمتابعة المخرجات وتحقيق الأهداف، وبغض النظر عن فروق التوقيت. فسياسات التواصل لا بد وأن تكون متاحة وضرورية، وأن يكون هناك وعي واهتمام بضرورة التنسيق.

وجدير بالذكر أن هناك إشكالية حول الاعتقاد بوجود علاقة بين ساعات العمل الطويلة "عن بعد"، وبين ارتفاع الإنتاجية. لذلك لا بد من أن تتضمن الإجراءات التنظيمية أو البروتوكولات توقف ساعات العمل " Time off".

كما لا بد من إدارة التحديات الخاصة بالعمل عن بعد؛ لتعظيم الإنتاجية. ومن بين التحديات التي تعوق قياس الإنتاجية إشكالية إحداث التوازن بين العمل في بيئة فردية والعمل في بيئة اجتماعية. ففي العمل عن بعد يحدث أمران، إما العزلة المطلقة أو التشتت المطلق. كذلك لا بد أيضًا من التغلب على التحدي المتعلق بالمواءمة بين قوانين وتنظيمات العمل المختلفة خاصة في الشركات والمنشآت التي تستعين بعمالة أجنبية من دول مختلفة. فيصبح تحفيز العاملين أو المستخدمين وموازنة الحقوق والواجبات تحديًا كبيرًا. أيضًا يوجد ما يُعرف باسم "تحدي المديرين". ففي المنشآت التي يعمل فيها الجميع أو معظم العاملين عن بعد لا بد من وجود عدد أكبر من المديرين لمتابعة العمل، والتأكد من تنفيذ الأهداف والالتزام بالإجراءات. إضافة إلى التأكد من الترابط والتنسيق والتواصل بين أفراد ومجموعات العمل، وقياس الرضا والانتماء والولاء للمنشأة ولطبيعة الأعمال المختلفة.

إعلان

إعلان

إعلان