لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

البداية 30 يونيو

أمينة خيري

البداية 30 يونيو

أمينة خيري
07:01 م الإثنين 29 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تحل ذكرى 30 يونيو 2013 في 2020 والرؤية أكثر وضوحاً والمشهد أقل التباساً. هبت ملايين المصريين هبة شعبية فيها القليل من السياسة والكثير من الهلع على الطريق الذي تنتهجه بلادهم. بدا الطريق ومعالمه كأنه في دولة غير الدولة وشعب غير الشعب.

في مثل هذه الأيام قبل سبع سنوات، استيقظ المصريون على صورة واضحة. لقد تبدلت مصر وتغيرت ملامحها وانقلبت أحوالها رأساً على عقب.

هذه التبدلات والتغيرات والتقلبات لم تحدث بين ليلة يناير 2011 وضحاها في يونيو 2013، بل بدأت قبل عقود طويلة يعيدها البعض لسبعينيات القرن الماضي، لكنها في حقيقة الأمر تعود إلى عشرينياته، وقت تأسست جماعة الإخوان المسلمين، أم تيارات الإسلام السياسي بأنواعه وأشكاله وأنماطه الفيروسية المتعددة؛ بدءاً بالتكفيرية والجهادية مروراً بالسياسية والاجتماعية وانتهاء بمفهوم "الناس بتوع ربنا" ممن يوفرون فرص العمل وإمكانات العلاج وتحجيب الفتيات وانتقاب النساء إلى آخر المنظومة.

منظومة الإسلام السياسي التي كشفت عن نفسها أمام ملايين المصريين في خلال العقد الماضي لم تنتهِ مواجهتها في 2013، بل بدأت. وإذا كانت الإطاحة بحكم الجماعة في هذا العام استجابة لرغبة ملايين المصريين قد حققت إبعادهم عن الحكم، فإننا في هذه الأيام علينا أن نعي أن فكرهم اليوم ما زال متغلغلاً متشعباً متوسعاً في مصرنا الحبيبة، وممسكاً بمفاصلها وخلاياها بطرق عدة وأشكال مختلفة وأنماط لا حصر لها. بل يمكن القول إن البعض ممن لجأ إلى الشوارع في 2013 مطالباً بالتخلص من حكم الجماعة هو نفسه طاله من فكرها المسموم الكثير.

"الأفيون" الذي تم تصنيعه بحنكة ومهارة وشطارة متناهية على مدار ثمانية عقود جرى خلطه بمياه النيل، فتسرب إلينا ليجد في بعض الأجسام مناعة فكرية ودينية وقته من شروره، لكنه تسرب عنوة إلى آخرين لم يلتفتوا للطُعم السام المغلف بالالتزام الديني.

وتكفي نظرة سريعة حولنا اليوم لنرى ما فعله "الأفيون" بنا:

فنانون يشترطون عدم ملامسة الفنانات.

جماعات أمر بالمعروف ونهي عن المنكر تتربص وتتصيد النساء والفتيات وتفرض قواعدها المستوردة ثقافياً على المجتمع.

محامون يرفعون قضايا تتهم هذا بإفساد الأخلاق وذاك بنشر الفسق والفجور.

ملايين رأت إيمانها في خطر بقرار إغلاق المساجد ومؤمنة بأن الفيروس لا يطأ مسجداً.

ملايين أخرى تعتبر المطالبين بخفض أصوات مكبرات المساجد كارهين للدين ومعادين للمتدينين، والأمثلة الحياتية أكثر من أن تعد أو تحصى.

وبينما نحن نحتفي بيوم الخلاص علينا أن نسأل أنفسنا حتى لا ننسى وحتى لا يهيأ لنا أن المشوار انتهى في مثل هذه اليوم قبل سبعة أعوام:

أين ذهبت طلاب وطالبات جامعة الأزهر الذين ظلوا يتظاهرون شهوراً في عام 2013 مطالبين بعودة "الشرعية" و"الرئيس الشرعي محمد مرسي"؟

أين ذهب المشاركون في جُمع "الشرعية والشريعة" و"تطبيق شرع الله" و"مصر إسلامية" و"لا شرقية أو غربية إسلامية إسلامية" وغيرها من المرابطين في ميدان التحرير في عام 2011؟

أين ذهب من كتبوا على جدران مبنى ماسبيرو وغيرها من الوزارات "يسقط الانقلاب" و"مع الشرعية"؟ هل اختفوا، أم تخفوا؟

والغاية من الأسئلة ليست إلقاء القبض عليهم، بل إلقاء الضوء عليهم للعلاج والمواجهة.

الفكر الذي جرى تسميمه وإدمان "الأفيون" على مدار عقود واعتناق فكر ديني أعوج بديلاً عن الدين الصحيح - كلها لا تنتهي بجرة قلم أو بثورة، بل تحتاج ثورات فكرية واجتماعية وتعليمية وثقافية ورياضية تعتنق التنوير.

وبداية التنوير تكمن في نسف السم الذي يجري تداوله هذه الآونة عبر إقناع البسطاء بأن التنوير يعني الكفر والإلحاد، وأن تخلص مصر من عباءة الثقافة الهجين المستوردة ليس تعرية لها بل استعداد لارتدائها الثوب المصري الأصيل.

تعظيم سلام لـ30 يونيو 2013، يوم بدأت مسيرة استعادة مصر.

وللعلم، المسيرة في حاجة ماسة إلى الإحماء قبل فوات الأوان.

إعلان

إعلان

إعلان