لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

صراع في واشنطن.. هل يتغير شكل الإنترنت كما نعرفه؟ "2" تفويض بالرقابة الذاتية

خالد عز العرب

صراع في واشنطن.. هل يتغير شكل الإنترنت كما نعرفه؟ "2" تفويض بالرقابة الذاتية

خالد عز العرب

أستاذ مساعد ممارس بقسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأميركية

04:23 م السبت 23 يناير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


في عام 2009 كان لدى فيسبوك فريق صغير مكون من 12 شخصا، مهمتهم حذف أي مشاركة تخالف قواعد النشر على الموقع، ورغم أن عدد مستخدمي الموقع في ذلك الحين كان قد بلغ 100 مليون مستخدم، إلا أن المهمة لم تكن شديدة الصعوبة.. فقواعد النشر كلها مكتوبة في صفحة واحدة، والمستخدمون معظمهم من خلفيات ثقافية واجتماعية متشابهة، والمخالفات أكثرها ذو طبيعة مكررة مثل نشر الصور العارية.


اليوم يبلغ عدد مستخدمي الموقع 2.7 مليار مستخدم يسجلون مشاركات بنحو 110 لغة، وتملأ قواعد الرقابة التي يطبقها فيسبوك مجلدا من مئات الصفحات، تقوم على تطبيقها أنظمة ذكاء اصطناعي، بالإضافة إلى نحو 15 ألف موظف (معظمهم يعمل برواتب زهيدة لصالح شركات خارجية تستعين بها فيسبوك من الباطن).
وكفاءة هذا الجهاز الرقابي محل شك كبير..


في نوفمبر 2016 وبعد أسبوعين من فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، قامت مسؤولة في إحدى الجمعيات المسلمة في ولاية كاليفورنيا بكتابة مشاركة على فيسبوك ذكرت فيها أن أحد المساجد في الولاية تلقى خطاب تهديد، وأرفقت صورة الخطاب المكتوب بخط اليد، والذي جاء فيه أن ترامب "سيطهر أمريكا ويجعلها تلمع مرة أخرى، وسيبدأ بكم أيها المسلمون.. سيقتلكم كما فعل هتلر مع اليهود".


نشرت السيدة مشاركتها على حسابها الخاص في فيسبوك، وكذلك على ثلاث حسابات أخرى تشرف عليها.
لكنها فوجئت بأن فيسبوك سرعان ما حذف المشاركة من حسابها الخاص، وعندما حاولت إعادة نشرها، قام الموقع بتجميد نشاطها لمدة 24 ساعة.

المفاجأة الأكبر كانت أن نفس المشاركة تم حذفها من أحد الحسابات الثلاثة الأخرى، ولكنها بقيت دون حذف على الحسابين الآخرين!
هذا الخلل الواضح في تطبيق معايير الرقابة ربما يكون مثيرا للسخرية لأنه يتعلق بقرارات متضاربة بخصوص نفس المشاركة، لكن هناك أمثلة عديدة لأخطاء رقابية أكثر فداحة مثلت فضائح لفيسبوك، من أبرزها التأخر في وقف البث الحي للهجوم الإرهابي على مسجد كريست تشيرش بنيوزيلندا.


وقد قدرت دراسة صادرة في يونيو الماضي عدد الأخطاء الرقابية التي يرتكبها فيسبوك بـ 300 ألف خطأ يوميا! وما ينطبق على فيسبوك ينطبق– وربما بشكل أكبر– على غيره من مواقع التواصل التي تمارس الرقابة بإمكانيات أقل.


وعلى المستوى السياسي الأمريكي كان لانتخابات 2016 أبلغ الأثر في تعالي أصوات الديمقراطيين المتشككين في قدرة مواقع التواصل على ممارسة الرقابة الذاتية، إذ سبقت تلك الانتخابات حملات من الأخبار الكاذبة على تلك المواقع، اتهمت السلطات الأمريكية موسكو بالوقوف وراءها، وحملها الديمقراطيون مسؤولية فوز ترامب.


وطوال سنوات حكم ترامب هاجم الديموقراطيون فيسبوك وتويتر، متهمين المنصتين بالسماح للرئيس الأمريكي باستخدام حساباته عليهما للتحريض على خصومه أو نشر معلومات مغلوطة.


والمفارقة أنه في نفس الوقت كانت أصوات ترامب وأنصاره تتعالى متهمة مواقع التواصل بالتحيز ضدهم، ولم يتوقف الرئيس الأمريكي طوال السنوات الأربع الماضية عن مهاجمة فيسبوك وتويتر، معددا الأمثلة التي تدخلت فيها إدارات الموقعين لإزالة مشاركات أنصاره أو تجميد حساباتهم.


ووصل الأمر ذروته– للطرفين– مع اقتحام أنصار ترامب مبنى الكونجرس أثناء جلسة التصديق على فوز بايدن بالرئاسة، فقد اعتبر الديمقراطيون أن مواقع التواصل تتحمل نصيبا كبيرا من المسؤولية عن الهجوم، لأنها سمحت لترامب باستغلال منصاتها للترويج لأكاذيب عن تزوير الانتخابات، كما سمحت لأنصاره بالدعوة للحشد وتنسيق الهجوم، وبالمثل هاجم معظم الجمهوريين قرارات فيسبوك وتويتر بتجميد حسابات ترامب، وقيام أمازون بوقف تطبيق Parler الذي كان ملجأ لأنصار الرئيس.


الحلقة السابقة
خالد عز العرب يكتب: صراع في واشنطن.. هل يتغير شكل الإنترنت كما نعرفه؟
وإلى حلقة جديدة الأسبوع المقبل...

إعلان

إعلان

إعلان