- إختر إسم الكاتب
- محمد مكاوي
- علاء الغطريفي
- كريم رمزي
- بسمة السباعي
- مجدي الجلاد
- د. جمال عبد الجواد
- محمد جاد
- د. هشام عطية عبد المقصود
- ميلاد زكريا
- فريد إدوار
- د. أحمد عبدالعال عمر
- د. إيمان رجب
- أمينة خيري
- أحمد الشمسي
- د. عبد الهادى محمد عبد الهادى
- أشرف جهاد
- ياسر الزيات
- كريم سعيد
- محمد مهدي حسين
- محمد جمعة
- أحمد جبريل
- د. عبد المنعم المشاط
- عبد الرحمن شلبي
- د. سعيد اللاوندى
- بهاء حجازي
- د. ياسر ثابت
- د. عمار علي حسن
- عصام بدوى
- عادل نعمان
- علاء المطيري
- د. عبد الخالق فاروق
- خيري حسن
- مجدي الحفناوي
- د. براءة جاسم
- عصام فاروق
- د. غادة موسى
- أحمد عبدالرؤوف
- د. أمل الجمل
- خليل العوامي
- د. إبراهيم مجدي
- عبدالله حسن
- محمد الصباغ
- د. معتز بالله عبد الفتاح
- محمد كمال
- حسام زايد
- محمود الورداني
- أحمد الجزار
- د. سامر يوسف
- محمد سمير فريد
- لميس الحديدي
- حسين عبد القادر
- د.محمد فتحي
- ريهام فؤاد الحداد
- د. طارق عباس
- جمال طه
- د.سامي عبد العزيز
- إيناس عثمان
- د. صباح الحكيم
- أحمد الشيخ *
- محمد حنفي نصر
- أحمد الشيخ
- ضياء مصطفى
- عبدالله حسن
- د. محمد عبد الباسط عيد
- بشير حسن
- سارة فوزي
- عمرو المنير
- سامية عايش
- د. إياد حرفوش
- أسامة عبد الفتاح
- نبيل عمر
- مديحة عاشور
- محمد مصطفى
- د. هاني نسيره
- تامر المهدي
- إبراهيم علي
- أسامة عبد الفتاح
- محمود رضوان
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
في رواية «الحجرات» تكسر شيرين سامي حصار الأبواب والنوافذ، في بيوتٍ تئن تحت وطأة العتمة والهواء الفاسد.
رواية بسيطة لكنها دافئة، تحرِّض على فتح أبواب وشبابيك، كلما ضاقت بالنساء الغرف التي يحشرن أنفسهن بها حشرًا، سواء بداعي الحُب أو تحت تأثير خاتم زواج.
تقول الرواية للمرأة: هناك حجرات لا تفضي إلا إلى دروب مغلقة أخرى، في نهايتها ستكونين مجبرةً على رسم أبواب أخرى.
https://ssl.gstatic.com/ui/v1/icons/mail/images/cleardot.gif
«الحجرات» (الكرمة، 2021) رواية مؤثرة كُتِبتْ بحساسية وحميمية شديدتين حول الحُب والعنف، والأمل والخيبة، والفرار والبقاء، والأكاذيب التي نخترعها لنُجمِّل حياتنا. عبر 260 صفحة من القطع المتوسط، تصحبنا الروائية في رحلة تبصير بالعلاقات السامة وتداعياتها التي تنخر في أساسات البيوت والزيجات حتى تتصدع وتخر.
في البدء، تأتي رسالة الكترونية بالخطأ إلى رجلٍ ما تفصح عن الكثير؛ إذ تقول المرأة التي لم تذكر اسمها:
«لعلك لا تعرفُ ما حل بي خلال هذه السنوات، كنتُ حريصةً على ألا تصلك أخباري، كنتُ سعيدةً بتشفيك فيَّ وأنت تظنني أغرق وأضيع، بينما كنتُ أنال كل ما لم يسبق لي أن حصدته من نجاح وتحقُق. في البداية كنتُ أشعر بالخذلان الكبير، خذلانك لي وخذلاني لك، وعدك بالاحتواء ووعدي بالبقاء الأبدي.
«كنتُ أحلمُ بك كثيرًا، في الأحلام كنتَ تعاملني بلطفٍ ومحبة، وكنتُ أنا دائمًا في حالة استنكار أسأل نفسي: «لماذا عدت؟ هل صالحني؟ هل تغيّر؟». كنتُ أتبعُ سلوكياتك، أقلدك في عصبيتك، وأسلوبك في الاستهزاء، وطريقتك في الشراء، وتعاملك العنيف مع البسطاء، وجفائك مع الناس. حتى توقفتَ عن الظهور في أحلامي نهائيًا. وتوقفتُ أنا كذلك عن التأثر بك وافتقادك كشيء ظل في حياتي خمسة عشر عامًا، ثم اختفى» (ص 11).
إذن، الرسالة كانت موجهة إلى زوجها الذي انفصلت عنه، لكنها وصلت طريق الخطأ إلى البريد الإلكتروني لشخصٍ آخر.
في الرسالة الإلكترونية، تمنحنا هذه المرأة فرصة للاطلاع على معاناة الهجر ولحظة الفراق؛ إذ تكتب في ختام الرسالة:
«مع هذه الرسالة ملف، دوَّنتُ فيه كل ما مررتُ به في تلك الفترة. اقرأه أو لا تقرأه، لكن رجاء حافظ على ابنيك، يكفي ما عانياه بسببك» (ص 15).
لم يكن عنوان الملف سوى «الحجرات».
غير أن هذه الحجرات تتخطى حدود المنزل، وتصل إلى حجرات أخرى، مثل حجرة الطبيب النفسي الذي وقف عاجزًا أمام سؤالها عن كيفية تغيير الوضع معولًا على أدوية الاكتئاب، وحجرة الشيخ الذي باغتها بصب أسئلته في قالب جنسي حول الجماع والتزين للزوج غافلًا عن احتياجات المرأة، وحجرة المحامي الذي وجدت منه دعمًا مُغرضًا في لحظات ضعفها، وحجرة المُعالجة النفسية بخطة (الدخول إلى اللذة)، انتهاءً بحجرة النفس ذاتها.. رحلة كاملة في حجرات كثيرة تنقلت فيها مع بطلة الرواية، ساعدها في ذلك، رحابة صدرها في الاستماع لمن يشبهون روحها من نساء ورجال، عايشوا تجربة البطلة حتى لحظة التحرر، فأصبحت الرواية أو البطلة رمزًا أو ربما أيقونة لقطاع كبير من البشر مر بهذه القيود والتجربة ذاتها.
يبدأ الملف بلحظة الصدمة وكربها:
«كنتُ في حالة فزع، كالفارِّين من الحروب. كان عليَّ أن أختار من بين سنوات عمري، من بين أشيائي الشخصية التي جمعتها على مدى السنين، ماذا سآخذ وماذا سأترك؟ إن كل ما سآخذه لا يعنيني فقده، وكل ما سأتركه سيبقى فيَّ يمزقني. كان عليَّ أن أودع أعوام شبابي الأولى، وأمومتي الأولى: شابة صغيرة تجري وتتقافز بين البهو والممر، أُم صغيرة تهدهد الرضيع في أركان الغرف، والآن تغادرها وقد تمزقت شرايين الصبر والحُب» (ص 17).
كم نود لو دفنا أحزاننا، لكنها تُخرج يدها دائمـًا من القبر.
«كنتُ أشعر بأنني في حالة غرق، أرتفع في الماء وأنجو» (ص 18).
تغوص البطلة أكثر في أعماق نفسها وعائلتها، وتستعيد زمن البراءة.
«في عائلتنا النساء مختلفات حتى يتزوجن، يتحولن جميعًا إلى حبات سمسم، إلى أواني ورد. تزداد الأوزان، تضمر الأحلام، الطموح يتحول إلى أكلة جديدة، فسحة مختلفة. ويتحول الحوار إلى التندُر على أيامٍ مضت ومشاعر تغيّرت، إلى دعوات مستمرة بأن يحفظ الله العيال ويزيد من دخل الرجال. أما أنا فحتى بعد أن تزوجت، بقيتُ حبة سوداء؛ عصفور جنة يحبُّ الصباح» (ص 25).
تتطرق البطلة إلى عذابات الزوجات، ومعاناتهن مع ضغوط الإشعار بالدونية التي تُمارَس عليهن لوأد ثقتهن بأنفسهن؛ وصولًا إلى الإيذاء الجسدي.
«لم أعد أذكر متى بدأ الليل في بيتنا يكتسب طعم الموت البطيء. أعد له عشاء خفيفًا أعرف أنه لن يعجبه كعادة كل ما أقدمه له في تلك الأيام. أدخل إلى غرفتنا بمجرد أن ينتهي من تبديل ثيابه، اندس في السرير وأنا أسمع صوت حركته الحانقة في البيت، أتظاهر بالنوم وأنا أسمعه يدعو عليَّ بصوتٍ خفيض يقبض روحي على مهل. في تلك الليلة لم أعد العشاء، تظاهرت بالنوم من لحظة سماع مفتاحه في الباب. كنتُ قد قررتُ بتمردي الضعيف أن أتوقف عن كوني «خادمة»، لربما يبحث فيَّ عن «إنسانة». لكن ما حدث أنه اندفع تجاهي يبحث عن «كيس ملاكمة»، ليخرج فيه غضبه وشجونه وعذاباته.
«اللحظة التي تبدلت نظرتي فيها وأنا تحت يديه، من التحدي للاستجداء» (ص 35).
في مسعاها للحصول على الأمان النفسي والارتواء العاطفي، تعيد البطلة اكتشاف ذاتها واحتياجاتها.
«بداخلي قطعة كريستال تنتظر من يلقي عليها الضوء، كنتُ أبحث في الحياة عمن يمنحني الدفء، والأمان والحُب، ولم أدرك أن الشغف في العلاقات لا يأتي إلا من النور الذي يُلقيه أحدُهم في روحك، فيعكس على الكريستال البوهيمي داخلك كل ألوان السعادة والرغبة» (ص 49).
تفاصيل إنسانية حميمة ودقيقة للانهيار المحتوم في العلاقة بين شريكي الحياة، مثل تعاسة المطبخ:
«من قال إن الملح يزيد من سرعة الطهي، يغطي العيوب، ويحفظ الطعام؟ كانت حياتي تتآكل، لم يحفظ لي الملح شيئًا قط» (ص 80).
وربما يبدأ الطلاق من غرفة النوم:
«قبل الانفصال المادي كان هناك الانفصال المعنوي في منزلنا لعام كامل، البداية كانت هادئة ومقنعة؛ إذ كيف لاثنين يحملان كل هذا القدر من عدم التفاهم أن يلتقيا في فراش. سريري البارد كان الشاهد الوحيد على الأيام والليالي الصعبة التي مرت عليَّ وأنا جافة، مذبوحة بسكين الجفاء، وحيدة أتوق إلى ضمة. أحاول بقربة الماء الساخنة أن أمنح الفراش بعض الدفء لأنام، في فترة لاحقة تعلمتُ الزهد، فضّلت النوم وحيدة بل وسعدتُ بذلك، غلفت قلبي بطبقة القسوة التي غلف بها قلبه. كل أسباب الرحيل المقنعة تفقد معناها أمام إهانة الهجر، أنا هنا أمامك بكل ما فيَّ وأنت لا تريدني» (ص 100).
«كان الفراش دائمًا طريق النهاية كما كان نقطة البداية. يحمل الأسرار الحميمية والمتعة والهمس والصراخ والنزق، يحمل الدموع والأرق والخوف، حتى يصل إلى البرود فتنقطع عنه كل وصلات الأكسجين ويفقد الحياة ببطء» (ص 100).
في ختام حكايتها، تعترف السيدة بالآلام والأوجاع، «لكنني على الأقل دخلت كل الحجرات، وعرفتُ آلام الحُب والولادة والأمومة والانعتاق من الأمان المزيف والعلاقات المشوهة. أصبحتُ أقوى بفهمي لذاتي وللتجارب حولي. ما زال الشارع صوب عينيَّ يشجعني لأمُر، حجرات جديدة تنتظرني» (ص 257).
يتعكز الحُب على هاوية، حتى ينقذه الأمل في نافذة جديدة تنقذه من الحجرات الموصدة والأبواب المغلقة.
إعلان